واصل الجنيه المصرى تراجعه اليوم، الثلاثاء، على التوالى مسجلا 7.30 جنيه أمام الدولار فى عطاء استثنائى للبنك المركزى مسجلا بذلك أدنى سعر رسمى له للمرة الثالثة هذا الأسبوع.
وقال البنك المركزى على موقعه الإلكترونى: إنه عرض 40 مليون دولار وباع منها 38.4 مليون دولار، وبلغ أقل سعر مقبول 7.29 جنيه مقابل 7.24 جنيه أمس الاثنين و7.19 جنيه يوم الأحد.
ويرى محللون أن هذه الخطوة من البنك المركزى بتخفيض سعر العملة المحلية أمام الدولار تستهدف تشجيع الاستثمار الأجنبى بتحرير سعر الصرف نسبيا لتصل إلى السعر الذى تحدده ظروف العرض والطلب، والذى ربما يسهم أيضا فى كبح جماح السوق السوداء للعملة، لكنه لن يقضى عليها نهائيا إلا بتدفق الاستثمار الأجنبى الذى يعزز من الاحتياطى النقدى للبلاد.. وقال مصدر فى اتصال هاتفى لليوم السابع إن الدولار سجل 8.5 جنيه فى تعاملات السوق السوداء اليوم، الثلاثاء.
ويأتى قرار المركزى الجرىء بعد أيام قليلة من قرار لجنة السياسة النقدية بتخفيض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة مئوية، والذى يعد من القرارات المحفزة للاستثمار أيضا، إضافة إلى أنه يتطابق من توصيات بعثة صندوق النقد الدولى التى صدرت فى نهاية نوفمبر بعد ختام مشاورات المادة الرابعة، والتى دعت إلى قدر أكبر من المرونة فى أسعار صرف العملات الأجنبية.
من جانبه، رحب الخبير الاقتصادى الدكتور عبد الرحمن طه بقرار البنك المركزى، مؤكدا أنه قرار داعم ومحفز للاستثمار.. وقال عبدالرحمن طه فى تصريحات لـ"لكايروبوست" الإصدار الإنجليزى لليوم السابع: إن تخفيض قيمة العملة المحلية أمام الدولار سينعكس بشكل إيجابى على زيادة الصادرات المصرية، التى تراجعت بسبب الاضطرابات السياسية، التى أعقبت انتفاضة 25 يناير.
وأضاف عبد الرحمن طه، مدير عام قطاع البحوث والتطوير بإحدى شركات الاستثمار المدرجة فى سوق الأوراق المالية فى مصر، أنه كلما انخفضت قيمة العملة زادت قدرة الدولة على غزو الأسواق، مدللا على ذلك بالصين، التى تبقى على قيمة منخفضة لليوان مقابل الدولار، وهو ما ينعكس إيجابيا على الميزان التجارى لها لتكون دولة دائنة لكل دول العالم وليست مدينة- على حد قوله.
وأكد طه أن هذه الخطوة ستسهم فى جذب المستثمرين الأجانب والعرب الذين يفضلون استخدام الدولار فى تعاملاتهم خاصة قبيل مؤتمر القمة الاقتصادية المزمع عقده فى شرم الشيخ منتصف مارس المقبل، منوها إلى أنها تعكس اهتمام البنك المركزى والحكومة بتطبيق الإصلاحات والتوصيات، التى تصدر عن مؤسسات التمويل والإقراض التصنيف اللائتمانى الدولية التى رحبت بقرارات الحكومة برفع الدعم وزيادة أسعار الوقود بنسبة 78 بالمائة فى نهاية يونيو.
وفى تقرير حديث توقع البنك الدولى أن يحقق الاقتصاد المصرى نموًا بمعدل 2.9% خلال العام المالى الحالى، مقابل 2.2% فى العام المالى السابق، مما يعكس تحسنًا ملموسًا مقارنة بما تحقق خلال العام الماضى.
وأشار تقرير البنك الدولى إلى تزايد اهتمام المستثمرين بمصر بعد بدء الاقتصاد فى التعافى، علاوة على تحسن مستويات الاحتياطى النقدى الأجنبى بمساندة دول الخليج.. ونوه البنك الدولى فى تقريره إلى أن قرارات الحكومة المصرية، باعتبارها إجراءات إصلاحية، ستسهم فى خفض عجز الموازنة المصرية من 14% من إجمالى الناتج المحلى إلى 11% خلال عامين، وهو ما يتقارب مع توقعات وزارة المالية المصرية، خاصة بعد أن قررت الحكومة المصرية تطبيق إصلاحات على منظومة الدعم فى العام الماضى، ورفع أسعار الوقود بمعدل 78% وتبنى خطة لمضاعفة أسعار الكهرباء خلال 5 سنوات.
كما قامت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى برفع التصنيف طويل الأجل لمصر ديسمبر الماضى من B- إلى B بالعملتين المحلية والأجنبية، كما أبقت على نظرة مستقبلية "مستقرة" للاقتصاد المصرى.. وتعد هذه المرة الأولى، التى تقوم بها المؤسسة برفع التصنيف الائتمانى لمصر بعد خفض درجات التقييم مرات متتالية فى أعقاب الأزمة التى لحقت بالاقتصاد المصرى بعد ثورة 25 يناير.
وتوقع الخبير الاقتصادى أن تدعم تلك السياسات رفع التصنيف الائتمانى لمصر خلال المرحلة المقبلة، علاوة على تقويض السوق السوداء للعملة، غير أنه استبعد أن تقضى عليها نهائيا دون ارتفاع الاحتياطى النقدى.
وتوقع الخبير الاقتصادى أن يسهم خفض قيمة الجنيه فى تراجع معدل البطالة الذى تجاوز 13 بالمائة نظرا لتدفق استثمارات أجنبية فى صورة مشروعات توفر آلاف فرص العمل الجديدة للشباب، وتحسن مستويات الاحتياطى النقدى مع تدفق الاستثمارات الأجنبية وزياردة الصادرات.
على الجانب الآخر، أكد طه أن المستوردين هم الشريحة الأكثر تضررا من ارتفاع قيمة الدولار، وربما يضطرهم الوضع إلى الاعتماد على الخامات محلية الصنع أو تغيير نشاطهم.
وأضاف أن القرار سيكون لها انعكاسات سلبية على العاطلين ومحدودى الدخل، نظرا لارتفاع الأسعار، الذى سيواكب خفض قيمة العملة.
ومن وجهة نظر الخبير الاقتصادى، يتطلب ذلك تغيير ثقافة الاستهلاك والإنفاق لدى القاعدة العريضة من الشعب المصرى، رافضا تسميتها بإجراءات تقشفية، وإنما هو "الاقصاد الرشيد" القائم على الإنفاق بناء على الاحتياجات وتحديد أولويات الصرف.
وفى بيانه الختامى بعد إجراء مشاورات المادة الرابعة فى نوفمبر، قال كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولى قد أكد فى بيانه الختامى أن تبنى سياسة أكثر مرونة فى أسعار الصرف سيعمل على زيادة الاحتياطى النقدى، ويدعم التنافسية وزيادة الصادرات والسياحة وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر، الأمر الذى يعزز معدلات النمو الاقتصادى والتوظيف علاوة على تقليص الاحتياجات التمويلية.
الجنيه المصرى يترنح لليوم الثالث على التوالى.. خبير: قرار البنك المركزى بخفض قيمة العملة المحلية جاذب للاستثمار قبل القمة الاقتصادية.. ويدعم رفع التصنيف الائتمانى.. ويسهم فى كبح جماح السوق السوداء
الثلاثاء، 20 يناير 2015 05:19 م