علا الشافعى تكتب:يهود مصر فى «ميزان العدل»..هل يصمد المؤلف مدحت العدل أمام سيل النقد المتوقع بعد اقتحامه تاريخ اليهود فى مصر؟..وقائع التاريخ تؤكد أدوارا وطنية واقتصادية وفنية لعبها شخصيات يهودية مصرية

الإثنين، 12 يناير 2015 10:16 ص
علا الشافعى تكتب:يهود مصر فى «ميزان العدل»..هل يصمد المؤلف مدحت العدل أمام سيل النقد المتوقع بعد اقتحامه تاريخ اليهود فى مصر؟..وقائع التاريخ تؤكد أدوارا وطنية واقتصادية وفنية لعبها شخصيات يهودية مصرية علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى :
مثله كمثل الرصاصة.. تقتل إذا وجهتها مباشرة نحو الهدف، ومثله أيضًا مثل الروح تمنح الكائنات الحياة وتعطى لها معنى.. إنه الفن الذى تعامل بمنطق الرصاص فى حالات كثيرة مؤخرًا مع الشخصية اليهودية، فجعلها شخصية قاتلة خائنة، موصومةً بكل الصفات السلبية، دون أن يفرق بين ما هو يهودى وما هو صهيونى، فى هذا التوقيت قد يكون السؤال الحتمى «هل علينا إنصاف اليهود المصريين الذين تم تهجير بعضهم قسرًا؟»، والإجابة قطعًا هى نعم.. هذا ما اختاره الكاتب مدحت العدل الذى دائمًا ما يختار المناطق الشائكة، ليطرح تساؤلات ويفجر المفاجآت، فى «حارة اليهود» التى هى ليست مجرد حارة عادية تقع فى حى الموسكى وتمتد إلى مناطق من مصر القديمة، بل هى حارة كانت يومًا تنبض بالأسماء والشخصيات، وشهدت أكبر تعايش بين البشر بغض النظر عن الديانات.

لا يستطيع أحد أن ينكر الحقائق التاريخية المتعلقة بشخصيات يهودية ساهمت بشكل كبير فى الحركة الوطنية، ومنها هنرى كوريل، اليسارى المصرى المعرف عنه وطنيته وإخلاصه لمصر، والمناضل يوسف درويش جد الفنانة بسمة، وشحاتة هارون وغيرهم من الشخصيات، إضافة إلى من أسهموا فى الاقتصاد المصرى وتطويره، أما السينما المصرية فى بداية تاريخها، فكانت تقدم الشخصية اليهودية تمامًا مثلما هى موجودة فى الواقع، «حسن ومرقص وكوهين» و«فاطمة وماريكا وراشيل»،

وحسبما ذكر المناضل يوسف درويش فى مقدمة كتابه «تاريخ يهود النيل»، ما القول إذا عرف القوم فى مصر والبلاد العربية والعالم أجمع أن أول من اكتشف السيدة الكبيرة والعظيمة أم كلثوم، هم جماعة اليهود القرائين؟ أعنى بذلك عائلة «ليتو باروخ» والتى كانت تملك عزبة كبيرة من آلاف الأفدنة بالقرب من المحلة الكبرى حسبما ذكر الكاتب، وكانت أم كلثوم وهى طفلة صغيرة تعمل بالحقول وتغنى أثناء جنى القطن، وهو ما استرعى انتباه أحد أفراد العائلة واهتم بها اهتماما بالغا وقدمها لشركة أوديون للتسجيلات.

واستمر الحال هكذا إلى ما بعد ثورة 52 حتى صارت الشخصية اليهودية موصومة، ودائمًا ما يتم إدانتها والتعامل معها بنمطية لأقصى درجة، وللأسف لم يملك أحد جرأة أن يتخلص من تلك النمطية، أو الأكليشيه الذى يحمل الإهانة، اللهم إلا يوسف شاهين فى رائعته «إسكندرية ليه»، الذى ضم شخصية الباشا اليهودى، جسده القدير يوسف بك وهبى، والذى رغم إسهاماته فى الاقتصاد وعشقه لمصر، إلا أنه اضطر لمغادرة مصر مع ابنته، جسدتها نجلاء فتحى، والتى كانت تربطها علاقة حب بمصرى شاب جسده أحمد زكى وابتعدت المسافات كثيرًا بين الشخصية اليهودية والفن المصرى فى حين أنه كانت هناك محاولات من سينمائيين عرب لصنع أفلام تسجيلية عن يهود العراق واليمن ومصر والذين هاجروا إلى إسرائيل، إلا أنهم لا يزالون يحملون الحنين إلى أوطانهم.

ومن يريد أن يعرف أكثر عن يهود عشقوا مصر عليه أن يقرأ كتاب جال حاسون «تاريخ يهود النيل» الذى ترجمه المناضل يوسف درويش، ويضم بين صفحاته قصصا لهؤلاء، ومنهم السيدة إيفت شماش التى تركت فى عام 1955 مدينة الإسكندرية التى ولدت فيها متوجهة إلى باريس مضطرة وحاملة معها ذكريات طفولتها وهى كل ما صارت تملكه عن وطن صار بعيدا.

أعتقد أن هناك تحديا كبيرا أمام كاتب العمل مدحت العدل ومخرجه محمد جمال العدل ليكونا منصفين ويتحملا أية انتقادات قد توجه لهم ولصناع العمل لاختيارهم تلك المنطقة الشائكة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة