مخطئ من يظن أن الفساد جريمة يمكن القضاء عليها بتفعيل آليات رقابية أو تشريعات وقوانين مشددة أو مزيدا من المجهودات والإجراءات من الجهات المعنية بمواجهته، أو جهات التحقيق أو عقد العديد من الندوات والمؤتمرات والفعاليات لمناقشة أبعاد وخطورة تفشى ظاهرة الفساد فى مجتمتعنا.
قد تكون تلك الطرق إحدى الوسائل على طريق معرفة التأثير البالغ الأثر للفساد والمفسدين داخل المجتمتع، ولكن يجب أن ندرك جميعا أن الفساد هو أخطر وأشرس جرائم العصر وربما يكون أحيانا أشد ضراوة من الإرهاب بل وأحد أهم الأسباب المؤدية إليه..
بداية لا أبالغ كثيرا أن هناك قطاعات كبيرة داخل المجتمع المصرى استفادت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من هذا الفساد، وقبل أن يتهمنى البعض بالمبالغه فى هذا الشأن دعونا نطرح تسأولا بسيطا نعيشه يوميا وهو المرور، فمثلا نجد أن هناك نسبة تتجاوز أكثر من 50% من قائدى السيارات قاموا باستخراج رخص القيادة دون اجتياز اختبار المرور ومعرفة قواعده وقوانينه.. أليس هذا فسادا؟!
كم من وظيفة عيّن فيها من لا يستحق وهو غير مؤهل لها وأخذ مكان غيره دون حق أو جدارة بها.. أليس هذا فسادا؟! كم طالب اجتاز امتحان بغش أو توصية أو تسريب ووصل إلى نجاح هو لا يتستحقه ولم يبذل فيه جهدا.. أليس هذا فسادا؟! وغيره من الأمثلة اليومية والحياتية داخل مجتمعنا المصرى من موظفين فاسدين داخل أروقة بعض الجهات الحكومية، أردت فقط أن أذكر أبسط الأمثلة على مظاهر الفساد وصولا إلى المفسدين الكبار، ممن باعوا ضمائرهم وكانت المحصلة أرواح ونفوس وحياة المصريين أو خسارة مصر كفاءات وخبرات يمكن أن تعود عليها بالنفع والفائدة.
الفساد يا سادة هو دولة داخل الدولة وليس وليد يوم أو سنة أو مرحلة حكم، ولكنها حصاد تراكمات عقود طويلة..
عزيزى المواطن ليس الفساد فقط فساد ضمير أو أخلاق وإنما هو فساد عقول ونفوس مريضة طغت وانتشرت بقوة بداخلنا الفساد، هو فساد تربية وفساد تعليم وفساد صحة وفساد تأسيس مواطن مصرى منذ نعومة أظافره على أخلاق وتربية سليمة.
إذا أردنا حقا مكافحة الفساد فى مجتمعنا وتقليل نسبته حقا فعلينا بالأسباب الحقيقة ورائه والتى نعلمها جميعا ولا نريد حلها من جذورها، علينا إعادة النظر فى أمور التربية والتعليم، علينا إصلاح منظومة علاجية فاسدة بدءا من كليات الطب يشوبها المجاملات مع أولاد الأساتذة، وصولا لكوارث المستشفيات فى مصر، علينا بدولة قوية تعطى مواطنيها الحد الأدنى فى تربية وتعليم وسكن وصحة كغيره من المجتمعات المتحضرة.
وتعالوا بعد ذلك نتحدث عن آليات وقوانين وعقوبات.. ما نطالب به ليس مستحيلا ولكنه يحتاج إدارة واعية وإرادة قوية وأظن أن كل الظروف الآن مواتيه لذلك.. تحيا مصر.
رشوة - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة