تحيى منظمة الصحة العالمية يوم 10 سبتمبر، اليوم العالمى لمنع الانتحار 2014 تحت شعار (منع الانتحار.. عالم واحد متصل)، حيث يهدف إلى زيادة الوعى حول خطورة مسألة الانتحار ومحاولات الانتحار على الصحة العامة، وإعطاء قضية الوقاية من الانتحار أولوية أكبر على جدول أعمال الصحة العامة على الصعيد العالمى.
وأضحى الانتحار مشكلة خطيرة على الصحة العامة فى جميع أنحاء العالم، وأنه فى كل عام يقضى أكثر من 800 ألف شخص نحبهم منتحرين، وهو ما يعنى حالة انتحار كل 40 ثانية تقريبا، وتمثل كل حالة انتحار مأساة تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها بما تحدثه من آثار طويلة الأمد على من تركوهم وراءهم، ويحدث الانتحار فى مختلف مراحل العمر.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد قررت الاحتفال باليوم العالمى لمنع الانتحار فى يوم 10 سبتمبر 2003 بالاشتراك مع الرابطة الدولية لمنع الانتحار.
وكشف تقرير عالمى نشرته منظمة الصحة العالمية لعام 2014 بعنوان (منع الانتحار.. ضرورة عالمية)، حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من تنامى ظاهرة الانتحار والتى أصبحت مشكلة خطيرة على الصحة العامة فى جميع أنحاء العالم، وأنه فى كل عام يقضى أكثر من 800 ألف شخص نحبهم منتحرين، وهو ما يعنى حالة انتحار كل 40 ثانية تقريبا.
وذكر التقرير أن معنى هذه الأرقام أنه فى كل عام يزهق الانتحار أرواحا أكثر من ضحايا جرائم القتل والحروب معا، مشيرا إلى أن حالات الانتحار فى الدول العربية أقل من غيرها بسبب انتشار التدين الإسلامى، فيما يتزامن إطلاق التقرير مع اليوم العالمى لمنع الانتحار وهو ما دعا منظمة الصحة العالمية لمناشدة دول العالم لوضع وتنفيذ استراتيجيات شاملة لمنع الانتحار فى جميع أنحاء العالم.
كما يعد التقرير أحدث توثيق شامل للحالة الحالية لجهود منع الانتحار فى جميع أنحاء العالم تصدره المنظمة الدولية، ويأتى فى أعقاب تطبيق مجلس الصحة العالمية لخطة العمل الشاملة حول الصحة العقلية 2013 - 2014 التى تلتزم بموجبها الدول الأعضاء فى منظمة الصحة العالمية بتقليل معدلات الانتحار بنسبة 10% حتى حلول عام 2020.
وانتقدت المنظمة فى تقرير لها غطى 172 دولة واستغرق إنجازه عقدا كاملا التغطيات الإعلامية المكثفة لحوادث انتحار المشاهير، موضحة أن ذلك يقدم الانتحار كحل للهروب من المشاكل التى يعانيها الشخص مما يشجع الفئات الهشة على الإقدام عليه.
وقال شيخار ساكسينا مدير الصحة النفسية بالمنظمة "إن الانتحار صار مشكلة صحية حقيقية، حيث إن عدد ضحاياه كل سنة يفوق عدد ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية، لافتا إلى أن نحو 1.5 مليون يلقون حتفهم كل عام فى أحداث عنيفة، أى نحو 800 ألف منهم نتيجة قتل النفس عمدا".
وبحسب التقرير، فإن أعلى نسب الانتحار سجلت بوسط وشرق أوروبا وآسيا، وأن نسبة الذكور الذين يقدمون على الانتحار هى ضعف نظيرتها لدى النساء، موضحا أن بعض الدول شهدت تسجيل معدل انتحار كبير لدى من يبلغون عقدهم السابع من العمر، بينما دول أخرى يعتبر فيها الانتحار السبب الثانى للوفاة لدى الفئة التى يتراوح عمرها ما بين 15 و29 عاما.
كما وجهت ألكسندرا فليشمان، التى ساهمت فى تحرير التقرير، انتقادا لاذعا للطريقة التى يغطى بها الإعلام حوادث انتحار بعض المشاهير، والذين كان آخرهم الممثل الأمريكى الشهير روبين ويليامز، وذكرت رئيسة الجمعية الدولية للوقاية من الانتحار إيلا أرنسمان أن خمسة أشخاص نجوا من حوادث انتحار فى السابق أكدوا أنهم عاودوا التفكير فى الأمر بعد مشاهدتهم للتغطية الخاصة بحادثة انتحار الممثل ويليامز.
وشددت أرنسمان على أهمية عدم تزيين وجه قتل النفس عمدا، لأن ذلك يؤثر سلبا على الفئات الهشة، محذرة من أن أقرباء المنتحر يعتبرون الأكثر معاناة من الحادثة، وأشارت منظمة الصحة العالمية أن أعلى نسبة للفئات الأكثر عرضة للانتحار سجلت بدولة غويانا (44.2 من أصل 100 ألف)، تلتها على التوالى كل من كوريا الشمالية 38.5، وكوريا الجنوبية 28.9 من أصل 100 ألف، واحتلت سيريلانكا المركز الثالث بنسبة 28.8، ثم بليتوانيا 28.2، وسورينام 27.8، وبلغت النسبة فى دولة جنوب السودان 19.8، فيما تقاسمت كل من روسيا وأوغندا النسبة نفسها 19.5، واليابان 18.5.
وكانت السلطات اليابانية قد ذكرت أن عدد حالات الانتحار فى البلاد انخفض فى عام 2013 بواقع 2.4% عن العام السابق، ليصل إلى 27.195 ألف حالة، فيسجل العام الرابع على التوالى من الانخفاض، وقالت وكالة الشرطة الوطنية فى تقرير أولى "إن هذا العدد وهو الأدنى خلال 16 عاما، وظل أقل من 30 ألفا للعام الثانى على التوالى".
وأشار هيساو ساتو الذى يرأس منظمة غير ربحية للحد من الانتحار فى أكيتا شمالى اليابان إلى أن هذا الانخفاض يرجع إلى الجهود المبذولة عبر التعاون مع خبراء ومجموعات المواطنين ومسؤولى الحكومة المحلية، لكنه قلل من الشعور بالتفاؤل لأن متوسط المنتحرين يوميا بلغ 75 شخصا العام الماضى.
وأضاف أن أجزاء من شمال شرق اليابان شهدت ارتفاعا فى أعقاب زلزال مارس عام 2011، وما تلاه من موجات المد العاتية "تسونامي" والكارثة النووية، موضحا أنه عادة ما ترتفع حالات الانتحار فى مكان ما بعدما يشهد كارثة كبيرة، كما أشار تقرير السلطات اليابانية أن أكثر من ربع اليابانيين وهم فى سن العشرين تقريبا فكر فى الانتحار مما يجعل بلادهم من أكثر البلاد تعرضا لهذه الآفة وفق ما أظهرته الدراسة الرسمية.
وقال "إن 28.4% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاما، والذين شملهم الاستطلاع فى اليابان، أنه سبق أن فكروا فى الانتحار، وأن نحو ثلث هؤلاء الشباب الفكرة طرأت عليهم العام المنصرم"، وشدد معدو هذه التقرير على أن هذه المعطيات تظهر تردد الشباب فى التحدث مع الآخرين أو أنهم لا يجدون من يتحدثون معه بشأن مشكلاتهم بسبب سطحية العلاقات الاجتماعية، مفضلين المعاناة لوحدهم دون إشراك الآخرين، فى حين أعرب 23.4% من كل الفئات العمرية عن أنهم فكروا فى الانتحار وهى نسبة تزيد بـ4.3% عما ما جاء فى الدراسة السابقة حول الموضوع عام 2008.
وشمل الاستطلاع أكثر من ألفى شخص، وبلغت النسبة عند النساء 27.1% وعند الرجال 19.1% على ما جاء فى الدراسة، ويصل معدل الانتحار فى اليابان، البالغ عدد سكانها 128 مليونا، إلى 24 من كل 100 ألف مواطن، وهو حوالى ضعف المعدل العالمى على ما تفيده منظمة الصحة العالمية.
وتظهر الدراسات أن خيار وضع حد للحياة غالبا ما يكون مرتبطا بمشاكل مالية أو عائلية.. ففى عام 2011 انتحر أكثر من 30 ألف فى اليابان ثلثهم من الرجال وثلثهم من النساء، ومع أن العدد هو الأدنى منذ عام 1997 فقد طالبت المنظمات المتخصصة بتكثيف وسائل الوقاية، وتخشى هذه المنظمات من ارتفاع حالات الانتحار مجددا بسبب الوضع الاقتصادى الصعب والصدمة الناجمة عن الزلزال والتسونامى والكارثة النووية التى ضربت شمال شرق اليابان.
أما فى الولايات المتحدة الأمريكية فقد أظهرت دراسة أجرتها الحكومة الأمريكية، وتعد الأشمل حتى الآن، أن معدل الانتحار بين قدامى المحاربين البالغ عددهم 23 مليون محارب فى تزايد أكثر مما كان يعتقد فى السابق حيث يموت 22 شخصا كل يوم أى بمعدل واحد كل 65 دقيقة فى المتوسط.
وشملت الدراسة - التى نشرتها وزارة شؤون قدامى المحاربين خلال الفترة من عام 1999 إلى 2010، وبالمقارنة مع دراسات سابقة أقل دقة - فإن تقديراتها أشارت إلى 18 حالة انتحار يوميا بالولايات المتحدة.
وقالت وزارة شؤون قدامى المحاربين "إن عدد حالات الانتحار بالولايات المتحدة زاد بنسبة 11% خلال الفترة من 2007 إلى 2010، مشيرة إلى أن أكثر من 69% من حالات الانتحار بين المحاربين القدماء كانت بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم خمسين عاما فأكثر".
وبدوره، قال السناتور الديمقراطى باتى موراى عن ولاية واشنطن، الذى تبنى تشريعا يدعم الرعاية الصحية للمحاربين القدماء، "تقدم هذه البيانات صورة أكثر دقة، وهى صورة محزنة بل مثيرة للانزعاج عن معدلات انتحار المحاربين القدامى".
وكان إقرار الجيش الأمريكى بأن حالات الانتحار بلغت رقما قياسيا عام 2012 متفوقة على عدد القتلى الذين يسقطون أثناء القتال وبلغ عددهم 349 شخصا أى بمعدل واحد يوميا تقريبا، ويحدث هذا رغم التركيز الأكبر على مستوى القيادة بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ووزارة شؤون قدامى المحاربين على مشكلة الانتحار.
وذكرت تقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكية أن زيادة معدلات الانتحار بين متوسطى العمر من 35 إلى 64 قد بلغت نسبتها 30% تقريبا خلال الفترة من 1999 إلى 2010، وأن عدد المنتحرين من هذه الفئة العمرية تجاوز عدد الوفيات جراء الحوادث المرورية، حيث بلغ عدد المنتحرين 38.364 ألف حالة، بينما بلغ عدد وفيات الحوادث 33.687 ألف حالة. وأشار التقرير إلى أن الانتحار كان يعتبر مشكلة تتعلق بالمراهقين والمسنين، ولذلك كانت الزيادة بين متوسطى العمر مثيرة للاستغراب، ومع ذلك قالت المحاضرة فى علم الاجتماع بجامعة (روتجرز) "إن الأرقام المذكورة حول الانتحار أقل من الواقع، وعن أسباب الزيادة لم يذكر التقرير معلومات وافية بخلاف الأسباب العامة مثل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، لكنه قال "ربما يكون هناك شيء خاص بهذه الفئة العمرية وكيفية رؤيتها لقضايا الحياة".
فى حين ذكرت التقارير أن الأزمة الاقتصادية التى عصفت بأوروبا فى الثلاث سنوات الماضية هزت حياة الكثيرين من الناس وأدت إلى ارتفاع كبير فى معدلات الانتحار، موضحة أنه فى الاقتصادات الأضعف فى أوروبا مثل اليونان وأيرلندا وإيطاليا أصبح الانتحار بين أصحاب الشركات الصغيرة والمشرعات المبتدئة ظاهرة أطلقت عليها بعض الصحف الأوروبية "الانتحار الذى سببته الأزمة الاقتصادية".
وأشارت إلى أن الصورة الكاملة فى أوروبا لهذه الظاهرة ليست واضحة تماما بسبب التأخر فى إعلان الإحصاءات، إلا أن من الواضح أن الدول التى تعرضت بصورة أكبر للأزمة هى التى تعانى من الانتحار بصورة أكبر من غيرها.
كما وارتفع معدل الانتحار فى اليونان بنسبة 24% ما بين عامى 2007 و2009 طبقا لإحصاءات حكومية، أما فى أيرلندا فقد زادت بنسبة على 16%، وفى إيطاليا زاد المعدل بنسبة 52% إلى 187 شخصا عام 2010 (آخر سنة سجلت فيها الإحصاءات) ارتفاعا من 123 عام 2005.
ويقول باحثون "إن الظاهرة زادت هذا العام مع تطبيق الحكومات سياسات التقشف التى ضاعفت من مشاكل الكثيرين، كما كشفت دراسة علمية نشرت فى بريطانيا مؤخرا عن أن الركود الاقتصادى البريطانى الموجع وزيادة البطالة ربما دفعا أكثر من ألف شخص فى إنجلترا للانتحار.
وأظهرت الدراسة أنه بين عامى 2008 و2010 كان هناك 846 حالة انتحار بين الرجال فى إنجلترا أكثر مما كان متوقعا إذا استمرت التوجهات السابقة و155 حالة بين النساء، ووجدت الدراسة أيضا أنه بين عامى 2000 و2010 كانت كل زيادة سنوية 10% فى عدد العاطلين عن العمل مرتبطة بزيادة 1.4% فى عدد حالات انتحار الذكور.
وقال كيث هاوتون أستاذ بمركز بحوث الانتحار بجامعة أكسفورد "إن نتائج الدراسة "كانت ذات أهمية كبيرة وتزيد المخاوف بالتأكيد لكن يجب تفسيرها بحذر.. ومن المهم أيضا عدم تضخيمها بطريقة قد تزيد من الأفكار الانتحارية لدى أولئك الذين تأثروا بالركود".
وأظهرت بيانات من مركز استعلامات الرعاية الصحية والاجتماعية أن عدد الوصفات الطبية المصروفة فى إنجلترا لمضادات الاكتئاب زادت بنسبة 9.1% فى عام 2010، كما أن كثير من البريطانيين مروا بأسوأ أزمة فى مستويات المعيشة منذ 40 سنة وأثرت الأزمة بقوة فى الشباب، حيث ارتفعت البطالة بينهم فوق 20%، فقد تقلص الاقتصاد لفترة التسعة أشهر الماضية وتنتج الآن 4.5% أقل من قبل الأزمة الاقتصادية.
وكشفت الدراسة أن عدد الرجال العاطلين عن العمل ارتفع فى المتوسط فى أنحاء بريطانيا بنسبة 25.6% كل عام من 2008 إلى 2010، وهو ارتفاع مرتبط بزيادة سنوية فى حالات انتحار الذكور بنسبة 3.6%، وهناك أيضا نمط فى بريطانيا حيث أن الرجال أكثر ترجيحا ثلاث مرات للإقدام على الانتحار من النساء، فى حين أن النساء أكثر ترجيحا للإبلاغ عن كونهن مكتئبات ويسعين للمساعدة.
وأفادت دراسة أجراها فريق قادة (ستاكلر) بأن ظاهرة الانتحار زادت بصورة كبيرة فى أوروبا، خاصة فى الدول الأكثر تعرضا للأزمة بين عامى 2007 و2009، وقال علماء اجتماع آخرون "إن دولا مثل السويد وفنلندا استطاعت تفادى ارتفاع معدلات الانتحار عن طريق الاستثمار فى مشروعات سوق العمل، وهى مبادرات تعيد تأهيل الأفراد وتعينهم على الوقوف على أقدامهم مرة أخرى بدلا من تقديم الحكومة معونات مباشرة لهم".
وأكد ستكلر أنه فى حين أن هذا النوع من الدراسات الإحصائية لا يمكنه تحديد علاقة سببية إلا أن ثقل الارتباطات كان قويا، مضيفا أن نتائج الدراسة عززتها مؤشرات أخرى من زيادة مشاكل الصحة النفسية والتوتر والقلق.
ويقول تقرير الصحة العالمية "إن معدلات الانتحار التقديرية فى إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية (الذى يضم 17 دولة عربية من 22 دولة) تبدو عموما أقل بكثير من الأقاليم الأخرى لمنظمة الصحة العالمية، ويفسر الدكتور علاء الدين العلوان المدير الإقليمى لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية ذلك قائلا "قد تفسر لنا المعتقدات الدينية والعادات الاجتماعية والثقافية تجاه الانتحار ومحاولاته إلى حد ما أسباب انخفاض معدلات الوفاة بالانتحار فى هذا الإقليم عن غيره من أقاليم العالم، أى أن الدين يلعب دوراً فى تقليل الانتحار فى المنطقة العربية".
وأضاف أنه مع ذلك هناك أدلة على أن معدلات الانتحار مرتفعة نسبيا بين فئات عمرية محددة فى الإقليم الشرق أوسطى خاصة بين الشباب العربى من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، والرجال والنساء من عمر 60 عاما فأعلى، ويحدث الانتحار فى الغالب نتيجة لسلسلة من الأحداث والعوامل على مدار حياة المرء وليس نتيجة لحدث أو عامل واحد.
ويشير الدكتور العلوان إلى أن هناك الكثير مما يجب فعله لمنع الانتحار قائلا "لابد من وضع سياسات وسن إجراءات تشريعية.. ويتطلب الأمر بالتزامن مع ذلك تعزيز الوعى العام والمهنى بالانتحار كمشكلة صحة عامة من أجل زيادة المساحة المخصصة لمناقشتها بعقلانية واتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بمنع الانتحار.. فعلى سبيل المثال ينبغى وضع استراتيجيات تحظر الوصول لأساليب الانتحار الشائعة مثل الأسلحة النارية أو المواد السامة مثل مبيدات الحشرات، والوقاية والعلاج من الاكتئاب والكحول وتعاطى المخدرات، ومتابعة التواصل مع الذين حاولوا الانتحار وجميعها أثبتت فعاليتها فى تقليل معدلات الانتحار".
وشدد أنه من الضرورى تحسين كفاءة توثيق حالات الانتحار والإبلاغ عنها من أجل صياغة الاستراتيجيات المطلوبة وأساليب التدخل.
وتزداد الحاجة إلى ذلك خاصة أن عددا من الدول تشهد أزمات إنسانية حادة أو مستمرة تسهم فى ارتفاع معدلات الانتحار بسبب التعرض المستمر للمعاناة والنكبات والاضطرابات العقلية ونقص كفاءة وقدرات المؤسسات الصحية والاجتماعية التى تقدم العون الذى تمس الحاجة إليه.
ويزخر تقرير (منع الانتحار.. ضرورة عالمية) بعدد كبير من المصادر من القطاعين الصحى وغير الصحى التى تعين الحكومات على وضع وتنفيذ الاستراتيجيات الفعالة لمنع الانتحار.
وتشير دراسات اجتماعية إلى أن العنوسة والبطالة هما أبرز أسباب الانتحار لدى الشباب بجانب قصص الحب الفاشل بين المراهقين، فيما كشف تقرير صادر عن وزارة الصحة السعودية عن 397 حالة انتحار أخرى فحصها الطب الشرعى تمت بوسائل مختلفة، منها رمى النفس من أبنية مرتفعة أو الشنق أو استعمال السم أو الطلق النارى أو حرق الجسد.
وكشفت إحصائية صادرة عن المركز القومى للسموم التابع لجامعة القاهرة عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، حيث أقدمت حوالى 2700 فتاة على الانتحار سنويا بسبب العنوسة، فضلا عن إقدام العديد من الشباب على الانتحار أيضا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصا ممن يعيشون قصصا غرامية.
وأظهرت دراسة مصرية أن هناك 3708 حالات انتحار وقعت فى مصر خلال عام 2007، وأن نسبة المنتحرات من الإناث كانت أكثر من الذكور لتصل إلى 68% للإناث مقابل 32% للذكور، وسبق أن سجلت إحصائيات المركز القومى للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و23 عاما خلال عام واحد طبقا للإحصائيات الرسمية.
وقال خبراء اجتماع "إن تزايد حالات انتحار الشباب يأتى نتيجة للبطالة وعدم توافر فرص العمل حتى سن متأخرة للشباب، كما تشير دراسات أمنية مصرية إلى أن نسبة من الشباب المصرى والعربى الذى أقبل على الانتحار ترجع إلى بطالة هؤلاء الشبان وشعورهم باليأس وأنهم عالة على أسرهم التى ربتهم وعلمتهم وظلوا فى كنفها حتى بلغت أعمار بعضهم سن 40 عاما بدون عمل أو زواج أو أمل فى مستقبل مهنى محترم.
ويعتبر الانتحار من الأمراض التى تحظى بالأولوية فى برنامج منظمة الصحة العالمية للعمل على رأب الفجوة فى الصحة النفسية والذى تم إطلاقه فى عام 2008، ليوفر التوجيه التقنى المسند بالبينات لرفع مستوى تقديم الخدمات ورعاية الاضطرابات النفسية والعصبية والمتعلقة بتعاطى مواد الإدمان.
وقد التزمت الدول الأعضاء فى المنظمة بموجب خطة عمل منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية 2013 - 2020 بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمى المتعلق بخفض معدل الانتحار فى البلدان بنسبة 10% بحلول عام 2020.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة