إبراهيم عبد المجيد

عايز يمشى عريان!

الجمعة، 05 سبتمبر 2014 05:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه المرة كان لابد أن أضحك من قلبى.. لقد أقبل علىّ يرتدى «شورت» يصل إلى الركبة، و«تى شيرت» دون أكمام، ظهرت فى ساقيه عروق زرقاء من أسفل وواضحة قرب الركبة، كما ظهرت عضلات ذراعيه ضامرة.. ظننته حافيًا، لكننى رأيت فى قدميه «صندل» بنى اللون مثل لون «الشورت» الذى كانت به زركشة من الورد.. الـ«تى شيرت» كان برتقاليًا بشكل فاقع، لكنى رأيت الصحف القديمة تحت إبطه فتأكدت أنه هو.. تقدم منى وأنا جالس بالمقهى كالعادة، وصافحنى مبتسمًا فقلت ضاحكا: إيه.. ألا ليت الشباب يعود يومًا، اجلس.
ما إن جلس حتى سألته: عامل فى نفسك كده ليه؟
كان قد وضع الصحف على المنضدة، وظهرت لى صورة فيلم قديم عنوانه «أحب الغلط».. ضحكت بقوة، قلت: فهمت الآن لماذا ترتدى ذلك وأنت فى السبعين.. بتحب الغلط.
وضحكنا ثم قلت: شوف الفيلم كان فيه مين، تحية كاريوكا، وحسين صدقى، وإسماعيل ياسين، وأنور وجدى، وفردوس محمد، وبشارة واكيم.. فيه أحسن من كده؟
لكنه قال: هو أغسطس ده شهر حرب ولا شهر من شهور السنة؟
طبعًا هو يشير إلى اسم صاحبه.. أغسطس الإمبراطور الرومانى، قلت: إذن أغسطس السبب.
قال: «تصور، سافرت إسكندرية كنت حاموت، مافيش شجرة بتتحرك، الرطوبة رهيبة، إذا خرجت إلى القهوة لازم يكون بعد اتنين بالليل علشان تهب علىّ نسمة هوا، لو وقفت فى البلكونة أصرّ عرق، بعد يومين رجعت القاهرة، على الأقل رطوبتها أقل».
قلت: ليس أمامنا إلا العيش فى الماء، لكن..
لم أشأ أن أقلب المواجع، فالكهرباء إذا انقطعت تنقطع المياه التى لا تصعد إلا بالموتور، ثم إن الكهرباء انتظمت أكثر، ولم تعد تنقطع كثيرًا، على الأقل عندى، لذلك قلت: لكن أنا لم أرك من قبل على مدى العمر ترتدى «شورت» و«تى شيرت».
قال: نفسى أقلع خالص وأمشى عريان.
- ليه؟
- مش عارف، المشاكل كتير، واحنا واخدين عليها، لكن برضه نفسى أمشى عريان، اللى باسمعه وباشوفه اليومين فاق الخيال فى المسخرة والعبث:
قلت: أنا مارضاش أتكلم فى المشاكل حتتكلم إنت؟ ياعم أهى أيام بنقضيها.
- شفت الناس اللى بتطلع فى الفضائيات دلوقت تطالب بتأجيل مجلس الشعب.
- بصراحة أول ما باسمعهم باحول المحطة.
- أنت بتسمعهم ليه؟
- صحيح.. لكن..
- لكن إيه؟
- هما بيعملوا كده ليه؟
- بيقول لك الانتخابات حتجيب الإخوان والفلول، بقالهم سنة يهاجموا ثورة يناير وبعدين يقول لك حتجيب الإخوان والفلول.
- وهو اللى خايف من الفلول يطلعهم فى الساندويتشات؟
انطلقت أضحك بقوة وضحك معى.. قلت: تصدق أنا جعت بس الحر سادد نفسى، ياللا نشرب ليمون بالنعناع زى عادل إمام.
وصفقت، فجاء الجرسون، وطلبت لى وله الليمون بالنعناع، وشردت قليلا عنه ثم قلت: أنا بأه لو فكرت أمشى عريان هيكون لسبب تانى.
- إيه هو؟
- داعش؟
- مالها داعش.
- كله بيقول لك داعش فى مصر.. تصور فيه ناس بتكتب دلوقت إن داعش دى موجودة على طول التاريخ العربى والإنسانى، وفيه ناس بتقول لك دلوقت فيه فكر داعشى، رغم إن كلمة داعش دى اختصار لجملة «دولة الإسلام فى العراق والشام»، وداعش لو نجحت هتدخل على السعودية، وساعتها هتغير اسمها.. كتاب كبار يا أخى وما بتتعبش نفسها، يعنى مصر مثلا اسم الدولة، ومافيش فكر مصرى، وكذلك إنجلترا اسم الدولة ومافيش فكر إنجليزى، فيه مذاهب فلسفية ودينية وأدبية مالهاش دعوة باسم الدولة.. داعش وهابيين وسلفيين متطرفين جدًا كمان.
- قريت الكلام ده وماهتمتش باعتباره على سبيل المجاز.
- عارف فيه كاتب قال لك إن البابا كيرلس الأول كان داعشى.
- لا يا شيخ، بابا الإسكندرية بعد الاعتراف بالمسيحية!
- أيوه علشان حطم شوية تماثيل، طيب ما إخناتون حطم تماثيل الآلهة الفرعونية آمون ورع وغيرهم علشان الإله الواحد الشمس، دى حاجة بتحصل بعد انتصار كل دين.. النبى عليه السلام عمل كده لما فتح مكة، وبرضه جاب الكاتب ده سيرته، وكان ناقص يقول داعشى مع إن الحقيقة إن داعش مش فاهمة إن الزمن اتغير وفات ألف وخمسمائة سنة، والناس خلاص مش حتعبد تمثال.. الشرق الأوسط ده خلاص مكان التوحيد، مسلمين ومسيحيين ويهود، عارف البابا كيرلس ده بطل على طول يكسر تماثيل ليه؟
- عارف طبعًا، لأنه اكتشف إن كل أهل إسكندرية ساعتها مسيحيين فى السر، ويمكن مصر كلها.
- وبرضه عمرو بن العاص ماكسرش تماثيل لأنه عارف إنه داخل دولة مؤمنة بالتوحيد.. بالعكس خد المسلمين عواميد كتير من أبنية فرعونية حطوها فى بيوتهم وفى الجوامع كمان، بس إنت أخدتنى لموضوع تانى.
- حبيت أعرفك بس إنى متضايق زيك.
- إنت متضايق لأسباب عميقة ياعم، أنا على قدى متضايق كمان علشان فيه ناس عايزه تغير الدستور.
- عادى.. الدستور ماهو متعطل، هو قانون منع المظاهرات ده دستورى، ولا قانون الحبس الاحتياطى المفتوح ده، بس إحنا مستعجلين يا باشا وأنا من ساعة ما قالوا الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية عرفت إنهم ناويين على كده.
- يعنى إنت عارف وعلشان كده مش متضايق.
- يا عم فيه ناس تدفع حياتها ولا تختفى الدولة القديمة، دولة حسنى مبارك، كل واحد عايز حتة منها يحاول يخلى الرئيس إله.
- أستغفر الله العظيم؟ طيب وبعدين.
- ولا قابلين، زى ما باقول لك كده، إنسى.. حد فاكر حق الشهدا فى ثورة يناير مثلا، حد فاكر فلوسنا اللى ضاعت بره واللى ضاعت جوه.
- يعنى بلاش أمشى عريان؟
- خليك بالشورت، ماتعملش زى البنت دى اللى بتقلع فى كل مظاهرة فى أوروبا.
- باقرأ عنها كتير يا أخى، وكل ما أفتح النت مالقيش ليها أى صورة عريانة.
انطلقت أضحك.. ابتسم هو ثم قال:
- مش مكتوب لنا نشوف حاجة حلوة.
-لا.. إن شاء الله هنشوف.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد ابرهيم

العديسات قبلي

عريان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة