محمد فودة

محمد فودة يكتب.. خالد.. وصالح

الإثنين، 29 سبتمبر 2014 10:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يراوغنا الموت ويباغتنا دائماً، حين نلهو بشهوات العالم وغواياته، يلتف حول العنق ويخنق الرؤيا ويتركنا بين اللا والنعم، حيارى وسط الصحراء العطشى.. انتابنى هذا الشعور المقبض وأنا أتلقى خبر رحيل الصديق الفنان خالد صالح.. وبرغم تسليمى أن الموت قدر وسنة الحياة وختام بين حالين.. ورحلة لا مفر منها.. إلا أننى أحسست بالأحباط.

خالد صالح لم يكن مجرد فنان متألق أعرفه عن بعد.. فقد كان صديقاً أعتز به. كان شديد الإخلاص والدماثة.. لم يكن يتنازل أبداً عن ابتسامته البشوشة حتى وهو فى أقصى حالات مرضه.. ولم يرض أن يزعج أصدقاءه برغم حرصنا الشديد على متابعة حالته الصحية.. كان لا يرد إلا بكلمة «الحمد لله رب العالمين».. خالد صالح حالة إنسانية خاصة من الصعب أن تفلت من سحرها.. شديد البراءة وكأنه طفل لا يعرف الخصام والغضب.. يتساوى أمام عيونه كل الناس فلا يتعالى على أحد ولا ينحنى لأحد.. إلا لله سبحانه وتعالى..

خالد صالح أثبت وجوده الفنى خلال فترة زمنية قصيرة وبرغم ذلك أثبت براعته فى كل عمل قدمه بحيث من الصعب أن تنفى له أى عمل أو تحس أن عملًا من مسيرته الفنية قليل المستوى، هو طاقة فنية مميزة لا يكرر نفسه أبدًا ولا يقلد أحدًا على الإطلاق.. ولم يكن يتلون إلا فوق الشاشة.. خالد فى حد ذاته استثناء.. فنانًا كان أم إنسانا.

سمعت خبر الرحيل وأحسست بأنه مشهد غريب يمر على مخيلتى.. اختلطت فيه الأحزان بالبكاء بالدهشة.. إن الموت اتخطفه وهو دون الخمسين من عمره، فى سن الرجولة الكاملة والشهرة التى عرفها متأخرًا. أحسست أيضًا أن كل الناس حزنوا لفراقه وكأنه فرد من أسرتهم.. فهو نموذج حتى لمن لا يعرفه عن قرب.. يعرفه من أعماله الفنية محاربًا للفساد. أو الغائص فى خفايا التاريخ، أو الخارج من نطاق أزمات الأسر المصرية.. يمثل وكأنه لا يمثل.. كأنك ترى لحما ودما يتحرك أمامك، ولهذا أحبه الناس وعاشوا معه.. خالد كان شامخًا بكبريائه وفنه.. إلا أنه كان أيضًا شديد التواضع والبهاء والتسامح.. كان دائمًا يفرح بنجاحاتى فى مجال الخدمة العامة وكم كانت سعادته حين عرف أننى قررت أن أخوض انتخابات مجلس الشعب عن دائرة مركز زفتى بمحافظة الغربية.. وكان يكلمنى دائمًا ويقول لى: «أنا جاى معاك زفتى عشان أساندك فى انتخاباتك». كان متفائلًا جدًا لم أعرفه يومًا حزينًا أو غاضبًا.. واليوم وقد حلت الساعة أقول للصديق الوفى: يا خالد إلى لقاء فى جنة الخلد يا أنقى من عرفت.. يا أيها الوطنى المخلص لبلده وفنه وجمهوره الذى لم تخزله يومًا واحدًا.. ستبقى فى ضميرنا رمزًا للتسامح وسوف أدعو لك أن يرحمك الله وأنا فى عرفات فوق الأرض المقدسة لأداء فريضة الحج.
يا خالد نم هانئًا. أنت قلت كل خير وقدمت كل الجمال ورسمت البسمة على الوجوه وعلى سماء عيوننا العطشى للحياة وللنور وللفجر الجديد. وحين ترسو قدماك على أرض النعيم والخلود لا تنسنا.. ونحن لانزال تحت الاختبار.. وتحت القسم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة