قناة السويس بالنسبة للمصريين ليست مجرد قناة مائية تدر المليارات من الجنيهات لمصر وحسب، بل هى تاريخ وشاهد على العصور المختلفة التى مرت بها مصر على مدار تاريخها.
لقد بدأ الحفر فى القناة عام 1859 عن طريق السخرة والاستعباد للمصريين الذين حفروها بأيديهم ورووها بدمائهم و تحت ذل وخضوع و لم يجن المصريون منها غير الشقاء والعناء ولكن جنى الأجانب أرباحها ومكاسبها على مدار عقود حتى تم تأميمها على يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتوالت الأحداث على القناة التى توقفت عن العمل بعد هزيمة يونيو 1967 ورجعت مرة أخرى بعد نصر أكتوبر 1973.
واليوم يتم إعادة حفر القناة من جديد متمثلا فى مشروع قناة السويس الجديدة التى يتم حفرها بأيدٍ مصرية دون صخرة أو إذلال بل بكل حب وترحاب من كافة المصريين ويستفيد من عائداتها المصريون أنفسهم.
ورجوعا بالزمن للوراء إلى يوم 18 أكتوبر 1973 وهو اليوم الذى استشهد فيه الجندى محمد أحمد حسن عطوة الذى لم يكن فى مخيلته حينما كان يعبر مانع قناة السويس المائى وحينما وضع قدميه على الضفة الشرقية للقناة أن يظل راقدا وحيدا فى رمال القناة لمدة تصل إلى واحد وأربعين عاما، روت دمائه رمال القناة وذاب جسده فيها فى بقعة غالية على قلب كل مصرى حتى تم اكتشاف رفات الشهيد حينما بدأ الحفر فى المشروع الجديد أغسطس 2014.
لقد أصبح الجندى الشهيد هو أول المستفيدين من القناة الجديدة بظهور رفاته وعودتها مرة أخرى لتدفن فى مكانها الطبيعى بدلا من أن يظل جثمانه مفقودا للأبد، فبظهور رفات الشهيد أعطى الأمل لأسرته التى استردت وديعتها التى طالما انتظروها لأعوام وأعوام.
ومن ناحية أخرى فإن بقايا هذه العظام والمتعلقات الشخصية للشهيد تعتبر شاهدا على بسالة وأصالة الجندى المصرى الذى استبسل فى الميدان وجاد بنفسه فداءا لوطنه، بل وتعتبر شرفا لكل مصرى غيورا على وطنه محبا لبلده ورمزا للتضحية والعزة و الكرامة ولا تقدر قيمتها بمال فهى أطهر وأقيم من أى شئ لأنها تروى لنا كيف خضب المصريون رمال سيناء بدمائهم لكى نحيا جميعا فى عزة وكرامة.
لقد جمعت رفات الشهيد بين الزمان والمكان على مدار السنوات الماضية ومزجت الماضى بالحاضر فبدون نصر أكتوبر 1973 واسترجاعنا لسيناء كاملة لم يكن ليوجد تنمية أو حفر لقناة سويس جديدة فالزمان والمكان فى هذه البقعة يجتمعان مرة أخرى وتبقى رفات الشهيد شاهدا على كل الأحداث الماضية والحاضرة.
أعتقد أن ظهور رفات الشهيد فى مثل هذا التوقيت إشارة ورسالة لكل المصريين أن يحافظوا على بلدهم ويبنوه ويعمروه، ولا يضيعوا ما ضحى من أجله الآخرون بدمائهم وأرواحهم، إنها رسالة لنبذ الفرقة والانقسام والتوحد حول وطن واحد نبنيه جميعنا مهما اختلفت الآراء ومهما تباينت الأفكار لكن يظل حب الوطن هو القاسم المشترك بين أبناء الوطن الواحد.
هنيئا للشهيد عودته مرة أخرى و ظهوره من جديد و هنيئا لأهله رجوع فقيدهم اليهم مرة أخرى.
تحية تقدير و احترام إلى روح الشهيد وجميع شهداء الوطن وتحية لكل مصرى يحب بلده و يتمنى ازدهارها ويعمل على رفعتها.
حفظ الله الوطن من كل مكروه أو سوء.
هانى محمد مهنى يكتب: قناة السويس وشهيد أكتوبر
الإثنين، 01 سبتمبر 2014 02:11 ص
قناة السويس - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة