بدأ اهتمامى بهذه الصحيفة حينما وقعت عينى عليها بالصدفة فى الصباح التالى للانتخابات الرئاسية التى جرت مايو الماضى، حيث تصدرت قصة الانتخابات صفحتها الأولى، تحت عنوان رئيسى: «وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسى الخيار المفضل»، وقسمت الصحيفة قصة الانتخابات على جزأين، وضعت الثانى منه فى إحدى صفحاتها الداخلية، مع عنوان آخر يقول: «النساء يملن لانتخاب السيسى».. إنها صحيفة «نيو زيورخ» التى صدر عددها الأول عام 1780، وهو ما يجعلها أقدم من الصحف العالمية الكبرى الشهيرة فى الولايات المتحدة، مثل «واشنطن بوست» التى صدر عددها الأول عام 1877، و«نيويورك تايمز» التى بدأت عام 1851، و«الأهرام» التى تأسست عام 1875.
الصحيفة الواقعة على بعد أمتار من محطة قطار «اشتاد هوفن»، تحتل موقعًا متميزًا فى مدينة «زيورخ»، ويبدو المبنى أثريًا عتيقًا، يليق بتاريخ الصحيفة، ويتكون من خمسة طوابق.. كنت على موعد مع الصحفية أنجيلا شادر بقسم الصحافة الثقافية، والتى تعمل صحفية بقسم الصحافة الثقافية والفعاليات الأدبية، وصعدنا سويًا فى مصعد المبنى، وبعد ترحيبها بى واستعلامها عن أى قسم من أقسام «اليوم السابع» أعمل، بدأت تشرح لى مسؤولياتها، والأعمال التى تزاولها، حيث تعمل «أنجيلا» صحفية بالقسم الثقافى، وليست مسؤولة عنه، على الرغم من أنها تعمل بها منذ أكثر من عقدين من عمرها.. قادتنى «أنجيلا» إلى بهو الكافتيريا التى يجلس بها الصحفيون فى أوقات راحاتهم.. هناك شاهدت الصفحات الأولى من الأعداد التاريخية التى أصدرتها «نيو زيورخ» وأول عدد لها عام 1780، والأعداد التى غطت الحربين العالميتين، الأولى والثانية، وكذلك صور لجميع رؤساء تحرير الصحيفة.
تشرح لى «أنجيلا» كيفية العمل بأقسام الصحيفة، فتقول إن كل قسم يعد موضوعاته التى يرغب فى الاهتمام بها، ثم يجتمع كل رؤساء الأقسام فى التاسعة والنصف صباحًا، حيث يتداولون هذه الموضوعات مع رئيس التحرير الذى يطلع على خطط كل الأقسام، ويتم تحديد أولويات الصحيفة، ويتم خلال اليوم مراجعة الموضوعات، وكيفية معالجتها، وفى الخامسة مساء يكون هناك اجتماع آخر كبير لبحث وتحديد الموضوعات التى سيتم نشرها فى النسختين الإلكترونية والمطبوعة.
وكشفت «أنجيلا» أن الصحيفة المطبوعة يتم إرسالها إلى المطابع فى العاشرة مساء، ذلك انتظارًا لأى أحداث قد تطرأ فى المساء، وتؤكد أنهم لا يطبعون طبعة ثانية من العدد الورقى، نظرًا لاتساع الاعتماد على الإنترنت والتليفزيون فى تلقى الأخبار.
وتلفت «أنجيلا» إلى أن الصحيفة يعمل بها أكثر من 150 صحفيًا، وتقول: «نحن الصحيفة السويسرية الوحيدة التى تعمل على فتح فرع لها فى النمسا، وكان لدينا فرع فى ألمانيا، لكن التوزيع هناك مكلف، وانخفض الدخل القادم من هذه النسخ الدولية».
وتشير إلى أن توزيع «نيو زيورخ» فى سويسرا جيد فى كل مدنها الناطق أهلها بالألمانية، وتصل الصحف إلى هذه المدن فى الرابعة صباحًا، لافتة إلى أن صغر حجم بلد مثل سويسرا يجعلهم يوزعون جيدًا، ويصل عدد النسخ التى توزعها الصحيفة يوميًا إلى 150 ألف نسخة.
وعن استقلال الصحيفة، ومدى تدخل الممولين والملاك، أو الحكومة والأحزاب، تقول «أنجيلا»: «نحن مستقلون، ولكننا لا نستطيع أن ننشر وجهة نظر صارخة، أو حادة، أو غير مقبولة، ونخصص صفحة للمناقشات السياسية المثيرة للجدل، تتضمن مواجهة بين شخصين من حزبين متضادين، وإذا كان لدينا موضوع يتضمن التصويت مثلًا على عمل الأجانب داخل سويسرا، فنحرص فى هذه الحالة على عرض كل الآراء المؤيدة والمختلفة».
الصحيفة يملكها حملة أسهم، ولديهم ما يشبه منصب رئيس مجلس الإدارة عندنا فى صحفنا، لكنه لا يتدخل فى عمل رئيس التحرير، وبالتالى فى عمل الصحفيين، ولا يمكن لحملة الأسهم أن يتدخلوا بأى حال من الأحوال فى عمل الصحيفة أو فى معالجتها.
التقيت بعد ذلك بالصحفى ديفيد سكنر، المسؤول عن قسم أفريقيا فى القسم الدولى، والذى جعلنى أحضر أول خمس دقائق فى اجتماع القسم. يقول «سكنر» إن «نيو زيورخ» من أفضل الصحف فى سويسرا. وعن طبيعة عملهم اليومى، يقول: «نبدأ فى التاسعة صباحًا، وأتفحص الأخبار القادمة من الوكالات الإخبارية المختلفة، ونرسلها إلى الزملاء المسؤولين عن أقسامهم.
«اليوم السابع» داخل «نيو زيورخ».. واحدة من أقدم الصحف فى أوروبا..إصدارها الأول عام 1780.. أقدم من «الأهرام» و«واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» وغطت فعاليات الانتخابات الرئاسية المصرية
السبت، 09 أغسطس 2014 12:01 م