لست وحدك من طرق الحزن بابه، واعتاد عليه وأصبح جزءا منه، وعاش بين الألم والوحشة والقلق والحيرة، وكابد وعانى من وحدته وهمومه، وأصبح رهينة لأحزانه، لست وحدك من ودع الكثير من ألوان حياته، وبهتت أوراق عمره، وفارق أعز أحبابه، لست وحدك من لم ينعم براحته وضعفت صحته، لست وحدك من داهمه اليأس وعاش فى هوان وقهر ومذلة وغربة ومشقة، لست وحدك من بحث عن السعادة خارج بيته، وضل طريقه، وهى حوله، وفى ذاته، وفى قربه من ربه، لست وحدك من خذله حلم من أحلامه.
يقول ألبرت أينشتاين: «إن الإنسان الذى ينظر إلى حياته على أنها عديمة المعنى ليس تعيساً فحسب، بل يكاد يكون غير صالح للحياة».
لا تدع ما تمر به من صعوبات وأزمات يؤثر على أعصابك ويفقدك متعة الحياة، اكتشف أسرارها، وأخرج من متاهة الأحزان التى لا تنتهى، لأنك بمرور الوقت سوف تكون خارج حسابات من حولك، كونك تجتر الأحزان، وكأنك الوحيد الذى يعانى.
تخيل أسوأ ما يمكن أن يحدث لك فى أمراً ما، واستشعر نبضات قلبك بأنك ما زلت حياً، وأنك مثلك مثل باقى البشر معرض للخسارة والفقد والمرض، وفى نفس الوقت استشعر قرب الله منك وكم كان رحيماً بك فى أمور كثيرة لا تعد ولا تحصى، تذكر دائماً أنك فى موضع ابتلاء، وعليك الصمود، لتخرج من محنتك بشخصية جديدة قوية تدرك جيداً أن الحياة مد وجزر، شد وجذب، حزن وفرح، يوم حلو ويوم مر، جميعنا معرضين لنفس الابتلاء والاختبار، ولكن كل منا على حسب قوة احتماله وصبره، فكل شىء مقدر.
من حقك أن تحزن، لكن لا تدع الحزن يدمر ذاتك، ويكون هو اللون الغالب على حياتك، من حقك أن تستشعر مواقف الفقد والألم بين الحين والآخر، لتدرك عظمة الخالق، فى أن من عليك بالصبر الجميل وعوضك خيراً فى أشياء عديدة، لم تكن تدركها فى حينها، ولكن بمرور الوقت سوف تدرك لماذا حدث لك هذا فى أوقات بعينها، ولكن لم تتضح لك الحكمة منها فى ذاك الوقت، لأننا جميعاً فى وقت الشدة والأزمات نكاد نكون فى حالة نفسية لا ترتقى إلى إدراك ما يحدث لنا وحولنا.
اجعل الكون يتسع لأمالك وأحلامك، وانظر إلى تغريد طيور المحبة والسعادة على أغصان الخير من حولك، فقد تسقط أوراق ولكن تنبت أخرى تجدد الأمل فى الحياة، وتعيد ربيع عمرك بثقتك فى ذاتك وطلب العون من ربك، واسعد بما فى يدك، وبالورود اليانعة من حولك.
لا تغلق عليك أبوابك وتنعزل وتجتر همومك وآلامك وأحزانك، فالحياة ليست لوناً واحداً، بل امسك فرشاة الأمل وارسم أجمل ما فيك، فالكون يتسع لك، إذا أدركت قيمة الألوان الأخرى وتفننت فى استخدامها فى مواضع اللوحة لكى تبدع فيها، وتخرج لوحة عظيمة جديرة بك وبقيمة وجودك فى الحياة.
بدد سواد ليلك بالأمل، وظلمة قلبك باليقين، وأحزانك وهمومك بالحب، وبذكر الله والاستغفار، وأصدق نواياك تفتح لك أبواب الخير كله فى حياتك وآخرتك.
لا تدع فرصة للشيطان يوسوس لك وينسج خيوط الوهم بداخلك بأنك الوحيد المصاب والمبتلى، بل دع الأمل ينير قلبك ويطرد اليأس من جوانب حياتك، ويجعل المودة والرحمة والعطاء عنوان يومك، وأن ما يحدث لنا من صدمات ليس نهاية العالم، فقط أنظر إلى ما بين يديك الآن وجدد به عمرك وحياتك.
كن واثقاً أن السعادة تطرق أبواب حياتك كل يوم بل كل لحظة، فكن حريصاً على أن تسمع صوتها، وتستجيب لندائها، وتستشعر وجودها، كونك أنت بأفكارك من تسبب لنفسك الشعور بالتعاسة أو السعادة.
عصام كرم الطوخى يكتب: لا تحزن.. فالكون يتسع لك
الإثنين، 04 أغسطس 2014 12:22 م