إسرائيل وأمنها دائمًا الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية على مدى تاريخ العلاقة الوطيدة بين البلدين، بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيسى للكيان الإسرائيلى بديلاً عن بريطانيا التى كان لها الفضل فى هذا الوجود فى منطقة الشرق الأوسط.
ولكن بريطانيا رأت فى الوجود الإسرائيلى عبئًا منذ 1958.. وواشنطن رأته رصيدًا إستراتيجيًا لها للسيطرة على طموحات البلدان العربية فى النمو والتقدم وضمان تدفق البترول من دول الخليج وجعل المنطقة دائمًا فى حالة توتر وعدم استقرار حتى تكون أمريكا دائمًا هى الدولة الوحيدة التى تمسك بخيوط اللعبة السياسة فى المنطقة محققة بذلك أهدافًا إستراتيجية تصب فى مجموعة المصالح الأمريكية، لذلك نجد أن الولايات المتحدة تقوم بتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ يخطط لها مهندسون يعملون بإدارات تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، فمنهم مهندسو الشرق الأوسط والمنطقة العربية، ومهندسو قارة آسيا، ومهندسو الاتحاد السوفيتى السابق، ومهندسو منطقة البحر الأبيض المتوسط، وآخرون لأمريكا اللاتينية.
وتعتبر هذه الأجهزة حيوية لإعداد خطط التدخل والنفوذ والسيطرة، فهى التى تخطط للمؤامرات والاغتيالات والانقلابات، وتعمل على احتواء ونشر النموذج الأمريكى وفرضه، فهى ببساطة تمهد لكل مظاهر الهيمنة والسيطرة والتدخل وأشكالها فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية على بقية دول العالم، وبخاصة الشعوب النامية والفقيرة ولكن يبدوا أن ما يسمى الحرب على الإرهاب قد كلفت أمريكا أعدادًا كبيرة من القتلى والجرحى فى صفوف الجيش الأمريكى وأيضًا مبالغ وميزانيات طائلة كادت تعصف بالأقتصاد الأمريكى وتهدد عرين الأسد الأمريكى فى السيطرة على العالم كأكبر قوة عسكرية واقتصادية.
ولقد كانت مقولة كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق (بوش الابن) بعبارتها الشهيرة الفوضى الخلاقة التى يقصد بها منطقة الشرق الأوسط وبخاصة منطقتنا العربية أمريكا خرجت من حروبها المتعددة التى خاضتها بدروس مهمة جعلتها تغير إستراتيجيتها الحربية لتظهر بشكل جديد يوفر عليها فقد الأرواح والمعدات واستعداء شعبها فكانت فكرة حروب الجيل الرابع التى تقوم على استهداف دولة معادية لها فتعمل على إفشالها وتدميرها باستخدام جماعات من داخل الدولة نفسها يقومون بزعزعة استقرار البلد ونشر الفساد وإنهاك الدولة وقد تحققت فى دول ما يسمى الربيع العربى ولكن الأخطر مقولة هيلارى كلينتون (لن يكلفنا غزو العرب شيئًا بعد الآن، سنقضى عليهم بأيديهم) وهنا يتضح لنا الحروب الخفية القذرة التى يخطط لها من غرف عمليات المخابرات والجهات التى تمول هذه الحروب.
فقد وجدت أمريكا ضالتها فى تأجيج النزاعات الطائفية والدينية فى المنطقة بأثرها واستطاعت أن تقترب من تحقيق الهدف المنشود فى تقسيم المنطقة إلى دويلات ضعيفة متناحرة على أساس مذهبى وطائفى، ويبدو أن أمريكا قد استرجعت من الذكريات نجاحها فى إخراج قوات الاتحاد السوفيتى من أفعانستان عن طريق تأسيس مجاهدى القاعدة والإمداد بالسلاح والأفراد من شتى البلاد العربية والإسلامية، مستغلة فى ذلك النزعة الدينية للجهاد ضد أعداء الإسلام وبالتمويل العربى آنذاك.
ونجحت فى ذلك حتى أصبحت تجربة ناجحة فى إعداد نموذج آخر مشابه يسمى "داعش" أصبح الفزاعة التى تهدد أمن دول الخليج بعد استيلائها على آبار النفط وسيطرتها على مدن ومحافظات عراقية بأكملها وعلى قواعد عسكرية ليصبح أغنى تنظيم إرهابى بالعالم، هذه المليشيات سيجدون دعمًا أقوى لاستمرارها حتى تقود الحرب المذهبية القادمة لتفتيت المنطقة بمصادر دعم كبيرة ويبدو أن الخطط الأمريكية والغربية قد نجحت فى فك طلاسم السيطرة على المنطقة متحاشية الدخول فى مواجهات مع الجيوش العربية تاركة الجماعات الأصولية الموالية لها ولو بطريقة غير مباشرة القيام بهذا الدور كمثال على ذلك سوريا بدون الدخول فى مواجهة مع الروس وأيضًا فى ليبيا والعراق واليمن ومصر لذلك نجد الولايات المتحدة التى لم تبالِ للانتقادات التى توجه لسياساتها فى المنطقة القائمة على نشر الإرهاب ولا لسياساتها المتعلقة بفلسطين والعدوان على غزة لا تزال تدعم أكثر من 60 ألف مقاتل إرهابى فى داعش لا يخضعون لأى قانون دولى، مع تقديم كل المعدات العسكرية والخطط الاستخباراتية من أجل جعل دول المنطقة عينًا بعد أثر وإعادتها إلى العصور الحجرية.
فكل ما يهمها الدفاع عن مصالحها بدون أن تقيم وزنًا لأى دولة فقامت بتهميش دور الأمم المتحدة، فإذا أصدرت أمريكا قرارًا فإنه ينفذ حالاً، بينما يُتجاهل قرار الأمم المتحدة إذا كان يتعارض مع مصالح أمريكا، فتبدو أمريكا بذلك كالحاكم الديكتاتورى المتظاهر بالديمقراطية، فهى تشهر سلاح العقوبات لمن يقف أمام مصالحها، وتكافئ من يسعى لإرضائها من الدول الطامعة فى تكرمها عليهم ببعض ما عندها من رفاهية اقتصادية وتقدم علمي. وهذه السياسة خطيرة جدًا فهى ستؤدى إلى الكثير من الحروب العنيفة والدموية كما نرى اليوم فى مناطق كثيرة من العالم أما فى الشأن المصرى سرعان ما تيقن الشعب المصرى ومن خلفه كان يقظة الجيش الوطنى المصرى كبيرة فقد استوعب المخطط جيدًا واستطاع أن ينجوا بمصر من براثن هذه الحرب القذرة وإن كان الطريق لا يزال صعبًا ولكن إدراك الشعب لهذه المخاطر أعطت دافعًا قويًا للجيش فى فرض سيطرته على البلاد لمجابهة هذه الحرب القذرة التى تدار من خلف الكواليس. لذلك علينا ألا نلتفت إلا لمصلحة وطننا والدفاع عن كل ذرة من ترابه، و لنعتمد على أنفسنا فى تدبير مصادرنا التمويلية وفق إرادة شعبية حتى نتحرر من تبعيات الدول التى أظهرت وجهها القبيح لمصر والمنطقة العربية بأثرها.
