يروى أحمد عرابى فى مذكراته أنه أثناء تناوله طعام الإفطار فى شهر رمضان مع الخديو توفيق، وبحضور خيرى باشا، رئيس الديوان الخديوى، والشيخ عبد الرحمن الإبيارى، قال توفيق: "يا ليته ترك للحكومة ولو ستة ملايين لإصلاح شأنها"، كان "توفيق" يقصد فى ذلك والده الخديو إسماعيل الذى عزلته الدول الكبرى وقررت تولية ابنه "توفيق" حكم مصر بدلا منه، وتعطى القصة دلالة على الأوضاع السيئة التى كانت عليها مصر بسبب تراكم الديون.
تلقى "إسماعيل" برقية بعزله يوم 26 يونيو عام 1879، وفى نفس الوقت تلقى ابنه توفيق ببرقية توليه العرش، وفى يوم 30 يونيو غادر "إسماعيل" نهائيا إلى نابولى بإيطاليا.
ويروى "عرابى" أيضا أن "توفيق" قال فى مأدبة الإفطار معه، إن والده حمل معه أوراقا مالية عبارة عن "بون" بمبلغ 13 مليون جنيه، ويضيف عرابى فى مذكراته، أن أول عمل قام به مجلس النظار برئاسة محمد شريف باشا بعد تولية "توفيق"، هو تحديد الرواتب السنوية للخديو وأهل بيته، وكانت مائة ألف جنيه لـ"توفيق"، 35 ألفا لوالدته، 20 ألفا لزوجته، 30 ألفا للخديو السابق "إسماعيل"، 25 ألفا لزوجته، 36 ألفا لزوجاته الباقيات فى مصر، 18 ألفا لـ"توحيدة هانم"، 18 ألفا لـ"حسين باشا كامل" و18 ألفا لـ"حسن باشا"، ليكون المجموع 300 ألف جنيه.
فى مذكرات "عرابى" نفهم أن قصة تولى توفيق لم تنته بمجرد إرسال "الباب العالى العثمانى" لبرقية عزل "إسماعيل" والأخرى بتولى "توفيق" للحكم، وإنما كانت هناك تدخلات إنجليزية وفرنسية لإصدار "الفرمان المثبت لخديوية توفيق"، فحسب "مذكرات عرابى"، فإن باريس ولندن أمهلتا "الباب العالى" بإبلاغهما صورة الفرمان بـ"تثبيت الخديو" إلى يوم الاثنين، وفى حال عدم إبلاغهما "فى المهلة المحددة سيناديان باستقلال مصر، أى خروجها من تحت الحكم العثمانى، وكان هذا تهديدا كبيرا، وفى مثل هذا اليوم "4 أغسطس 1879"، ورد تلغراف من لندن بأن "الأستانة" أبلغتها أن "فرمان التثبيت" فى طريقه إلى توفيق باشا.
وفى يوم 11 أغسطس حضر الخديو إلى القاهرة من الإسكندرية ومعه وزراؤه ليشهدوا جميعا تلاوة الفرمان السلطانى فى سراى القلعة، وبقى "شريف باشا" فى الإسكندرية لاستقبال "فرمان التثبيت" والمجىء به إلى القاهرة، ويقول "عرابى" إنه فى الساعة الثانية عشرة من صباح الخميس يوم 14 أغسطس 1879، انتظم موكب الفرمان، وفى الساعة الواحدة والدقيقة الخامسة، أطلقت المدافع تبشيرا بقدوم الفرمان يحمله "على بك فؤاد"، فاستقبله النظار حتى دخل القاعة، ثم تناوله "طلعت باشا كركا" وصعد به على كرسى وتلاه، ولما فرغ من تلاوته دخل الخديو توفيق قاعة التشريفات فوفد المهنئون عليه، وفى الساعة الرابعة، قام الخديو وتبعه النظار فصدحت الموسيقى بالأنغام المألوفة، وأطلقت المدافع تعظيما له وإجلالا.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 أغسطس 1879.. بريطانيا تبلغ "الخديو توفيق" بإصدار "الباب العالى" فرمان تثبيته على العرش بعد عزل والده إسماعيل
الإثنين، 04 أغسطس 2014 08:28 ص