بريطانيا تتحول من دولة تأوى المتطرفين إلى مصدر للإرهابين فى الشرق الأوسط.. تجاهل لندن لدعوة التطرف أدى إلى تشدد شبابها المسلم ودفعه لأحضان الجماعات الإرهابية

الأحد، 31 أغسطس 2014 03:30 م
بريطانيا تتحول من دولة تأوى المتطرفين إلى مصدر للإرهابين فى الشرق الأوسط.. تجاهل لندن لدعوة التطرف أدى إلى تشدد شبابها المسلم ودفعه لأحضان الجماعات الإرهابية صورة أرشيفية
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن الوصف الذى أطلقه مسئولو المخابرات الفرنسية على العاصمة البريطانية "لندنستان" فى تسعينيات القرن الماضى لإيوائها الإسلاميين على اختلاف أطيافهم غريبا. وربما أصبح هذا الوصف ينطبق عليها الآن أكثر من أى وقت مضى بعدما أصبح اسم التنظيم الإرهابى الأخطر فى العالم الآن "داعش" مرتبطا بكثير من الإرهابين القادمين منها والذين يحملون جنسيتها.

تلك الحقيقة اتضحت بقوة حينما ظهر الفيديو الوحشى الذى قام فيه أحد مقاتلى داعش بذبح الصحفى الأمريكى جيمس فولى وهدد بذبح آخر ما لم تتراجع الولايات المتحدة عن توجيه ضربات جوية فى العراق، حيث كان هذا الداعشى يتحدث الإنجليزية بلكنة بريطانية.

فداحة هذا الأمر جعلت رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون يقطع إجازته السنوية لمناقشة تداعيات احتمال تورط شخص بريطانى فى الحادث، فيما اقترح نايجل فراج زعيم حزب الاستقلال البريطانى المحافظ سحب جوازات السفر البريطانية من كل من يكتشف تورطه فى عمليات إرهابية ومنعهم من العودة إلى البلاد.

لكن الصدمة التى أثارها الداعشى البريطانى بين الغرب عامة والبريطانيين خاصة لا ينبغى أن تكون مفاجئة، بل متوقعة.. ففى الآونة حفلت تقارير الصحافة الإنجليزية عن شباب بريطانى يتجه إلى سوريا بالعشرات للانضمام إلى الجماعات الإسلامية المحاربة هناك.. بل إن أحد أعضاء البرلمان البريطانى كشف عن أن عدد المسلمين فى تنظيم داعش من البريطانيين أكثر من ضعف عددهم بجيش المملكة المتحدة.

وقال خالد محمود، عضو البرلمان البريطانى فى برمنجهام، إن هناك 1500 من الشباب المسلمين فى بريطانيا تم تجنيدهم من قبل المتطرفين الذين يحاربون فى العراق وسوريا فى السنوات الثلاثة الماضية.

ووفقا لوزارة الدفاع البريطانية، فإن هناك 600 مسلم فقط يخدمون حاليا فى القوات المسلحة أى حوالى0.04% من إجمالى أفراد الجيش، فى حين أن نسبة المسلمين فى بريطانيا 4.3% من إجمالى عدد السكان.

هذه الأرقام والنسب، جعلت كثيرين يبحثون عن الأسباب التى جعلت بريطانيا مصدرا للإرهابيين، على الرغم من أن هناك دول أوروبية أخرى بها أعداد أكبر من المسلمين مثل فرنسا التى يعيش بها خمسة ملايين مسلم.

ووجدت صحيفة "إكسبرس" البريطانية، أن السبب هو أن لندن ظلت لسنوات طويلة تحتضن جماعات متطرفة وتسمح لها بالعمل وممارسة أنشطتها على أراضيها، وكان لتلك الجماعات أثر كبير فى تشدد الشباب البريطانى المسلم، فى الوقت الذى ارتفعت فيه أصوات ضد المهاجرين فى المملكة المتحدة.

وقالت الصحيفة فى تقرير لها الأسبوع الماضى، إنه على الرغم من أن الزيادة فى عدد الإرهابيين البريطانيين أثارت قلق الجميع، إلا أن هذا الأمر لا ينبغى أن يكون مفاجئا، فقد سمحت لندن والمملكة المتحدة بهذا الأمر منذ عقود. وأوضحت الصحيفة أن الجماعات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين وفروعها، كانت تقوم بتلقين الشباب البريطانى على مدار عقود بأنه من الضرورى أن ينضموا إلى الصراع من أجل تأسيس دولة اليوتوبيا "الخلافة الإسلامية" وتوسيع رقعتها فى جميع أنحاء الأرض، وكذلك فإن حزب التحرير يعد جماعة أخرى كانت تفعل الأمر نفسه، وكانت لها أحداث بارزة فى شرق لندن، خلال الأسابيع القليلة الماضية والتى تسكب مزيدا من الزيت على النار، على حد قول الصحيفة.

وتابعت إكسبرس قائلة إن "هذه المنظمات كانت تفعل هذا بحصانة ودون أن يتم تحديها بشكل كاف، صحيح أن الحكومة البريطانية تجرى تحقيقا بشأن جماعة الإخوان المسلمين، وسيتم نشر نتائجه قريبا، لكن أين الإستراتيجية التى ستحارب بها أفكارهم؟!"

وانتقدت الصحيفة سياسة حكومة ديفيد كاميرون إزاء التعامل مع هذه الجماعات، وقالت إن كاميرون وعد بمضاعفة جهود مكافحة دفع الشباب إلى التطرف، لكن ضعف الصفر صفر، فى إشارة إلى عدم وجود أى جهود على الإطلاق فى هذا الشأن، ودعت الصحيفة إلى تطبيق الإستراتيجية المعلنة فورا، وقالت إن هناك حاجة للمرونة، حتى يمكن إبعاد الشباب عن التطرف عندما يواجههم الخطاب المتشدد. وأكدت الصحيفة ختاما أنه يجب تحدى الإخوان وحزب التحرير بشكل أكثر قوة، وإلا سيواصلان دفع الشباب إلى التطرف.

اتهام الصحيفة للإخوان المسلمين وغيرهم لم يأت من فراغ.. فكانت العاصمة البريطانية مقرا لقيادات وأعضاء الإخوان المسلمين فى العقود الماضية. وكذلك أوت بريطانيا عدد من الجماعات الأخرى التى فرت من بلدانها فى الشرق الأوسط فى ظل مطاردة حكامها لها مثل الجماعة الإسلامية المسلح فى الجزائر والجماعة الإسلامية الليبة والقاعدة نفسها، حتى أن اسامة بن لادن كان يستعين بمكتب علامة قامة فى لندن، وهو لجنة المشورة والإصلاح الذى كان يديره سعودى.

وظلت الشرطة والمخابرات البريطانية لسنوات تغض الطرف عن أنشطة هذه الجماعات معتقدة بذلك أنه توفر ميثاق حماية لها، بحيث تكون بعيدة عن أى هجوم، لكن تفجيرات لندن عام 2005، أثبتت عكس هذا.

ويقول رفايللو بانتوتشى، خبير فى شئون التطرف بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، إنه "تاريخيا، كانت فى بريطانيا دوما جماعة تتورط فى أنشطة سياسية فى دول أجنبية." وأضاف أن العنصر الذى تغير حاليا هو أن الناس "بدأت تنظر إلى هذه الجماعات ببعض الريب أيضا."

وقال الخبير البريطانى لشبكة "بى بى سى" إنه يعتقد أنه فى السابق كان ثمة شعور بأنه مسموح لهم بممارسة أنشطة فى بريطانيا ولم يكن الأمر يثير قلقا كبيرا، لكن الآن بالنظر إلى الصلات التى نراها فيما يخص الإرهاب الآخر الذى حدث فى بريطانيا ونشأ فى هذا المجتمع الأوسع، أصبحوا محل مراقبة شديدة، وهو ما يجعل من الصعب عليهم إدارة أنشطة فى الخارج.

ولعل الدور البريطانى فى داعش، والجدية التى بدأت بها لندن تتعامل بها مع الارهابين، إلى جانب التحقيق الذى تجريه حول أنشطة الإخوان المسلمين فى أراضيها خطوة أولى من جانبها لإدراك خطأ السنوات الماضية.


موضوعات متعلقة ..


بريطانيا ترفع درجة التهديد من الإرهاب بسبب سوريا والعراق







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة