على زايد عبد الله يكتب: عن المسئولية الجنائية للقنوات الفضائية أتحدث

الإثنين، 25 أغسطس 2014 04:09 م
على زايد عبد الله يكتب: عن المسئولية الجنائية للقنوات الفضائية أتحدث تليفزيون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقدم وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة المقروءة أو المسموعة أو المرئية، وسواء أكانت وسائل إعلام حكومية أو خاصة رسالة إعلامية هامة وخطيرة، ليس فقط من خلال وضع المتلقى أو القارئ أو المشاهد فى قلب الأحداث السياسية على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى فحسب، ولكن عليها أيضا دوراً هاماً، سواء من الناحية الاجتماعية أو الثقافية أو التعليمية من خلال عدد من البرامج أو الحوارات أو اللقاءات المختلفة فى كافة هذه المجالات ومناقشة العديد من القضايا الحيوية والهامة، وإعطاء الروشتات العلاجية لبعض هذه القضايا من خلال عدد من الخبراء المتخصصين فى كل مجال من هذه المجالات.

وفى حديثى هنا عن وسائل الاعلام أخص بالذكر بعض وسائل الإعلام الخاصة "القنوات الفضائية"، فمع غياب دور وسائل الإعلام الحكومية وعدم قدرتها على مواكبة التطور السريع المحيط بنا، أطلت علينا القنوات الفضائية الخاصة الواحدة تلو الأخرى، برعاية عدد من رجال الأعمال المصريين وأيضا الأجانب، فى محاولة منها لاغتنام الفرصة لاحتلال مكانة وسائل الإعلام الحكومية، والوصول إلى مستوى متميز فى أداء الرسالة الإعلامية يرضى عنها الرأى العام وكسب ثقة الجمهور.

ونجحت بعض من هذه القنوات فى الوصول إلى الأداء الإعلامى المطلوب، والبعض الآخر لم يحالفه النجاح، إلى أن وصلنا إلى القنوات الفضائية المتخصصة فى المطبخ، الرياضة، المصارعة الحرة وغيرها، فأصبح عدد القنوات الفضائية الآن مبالغ فيه بشكل كبير لا يتناسب مع ما هو مطلوب ومتاح، ومن بين هذه القنوات ما يتبنى إجراء بعض المسابقات الوهمية "الحصول على جائزة مالية"، أو بالأحرى المسابقات الاحتيالية.

فعند تحليل جوهر هذه المسابقات، نجد أنها تُجرى بهدف النصب والاحتيال على عدد من المشاهدين الراغبين فى الحصول على المال دون الانتباه لذلك، وذلك من خلال عرض لبعض الأسئلة على شاشات بعض من هذه القنوات، وفى نفس الوقت الإعلان على مبلغ مالى مبالغ فيه كثيراً كل ذلك لإيهام المشاهدين بإمكانية الوصول والفوز بهذا المبلغ المالى، فى حال الاتصال على أرقام برنامج المسابقة والإجابة على الأسئلة المعروضة أمامهم.

وأود أن أعرض لطريقة عرض هذه المسابقات الاحتيالية على شاشات بعض من القنوات الفضائية:
أولا: الإعلان عن مبلغ مالى كبير فى حالة الفوز مثلا(10.000$)، وبعد فترة معينة يعلن مقدم المسابقة عن ارتفاع المبلغ مثلا إلى (20.000$)، هذا فضلا عن طريقة مقدم المسابقة الذى لا يتوانى عن التمثيل أمام الشاشة لخداع المشاهدين، وإيهامهم بسهولة الحصول على هذا المبلغ.

ثانيا: سهولة الأسئلة المعروضة بالمسابقة (مثلا: فرق بين صورتين، فزورة ما).
ثالثا: عدد الساعات المخصصة لهذه المسابقات (يصل إلى حوالى ساعتين أو ثلاث ساعات متصلة).
رابعا: بالنسبة للمتصلين على برنامج المسابقة، فالملاحظ أن الصوت موحد ومنخفض يصعب الاستماع إليه، بخلاف ما هو مألوف فى إجراء الاتصالات الهاتفية على الهواء من نقاء الصوت ووضوحه، هذا بدليل أن هذه المكالمات تُجرى من داخل استوديوهات هذه البرامج من أجل إيهام الآخرين بالاتصال من أجل الاستيلاء على نقودهم. فوجود مثل هذه القنوات وبهذا الشكل يمكن معه القول إن لغة المال هى التى تتحدث بغض النظر عن المحتوى المقدم بدعوى أن المال يأتى بالمال.

فكل ذلك يقرر وبلا شك المسئولية الجنائية لبعض من هذه القنوات لما تقوم بعرضه على شاشاتها، وذلك فى ضوء ما نصت عليه المادة (336) من قانون العقوبات المصرى، والتى تنص على جريمة "النصب وخيانة الأمانة"، والتى جاء نصها كالآتى:
"يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو مستندات أو أى متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب، أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه، وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع فى النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة.

ويجوز جعل الجانى فى حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر.

وفى ضوء نص المادة سالفة الذكر تتقرر المسئولية الجنائية الكاملة فى حق هذه القنوات، ولابد من مساءلتها جنائياً، وذلك فى أشخاص ممثليها، هذا بالإضافة إلى وجوب قيام وزارة الاستثمار بمراجعة إشارات بث مثل هذه القنوات، ومدى مطابقتها لاشتراطات البث الفضائى، وكذلك الهدف الأساسى من البث، فضلا عن البحث والتحرى عن مصادر أموال هذه القنوات، ومدى مشروعيتها حتى لا يكون من بينها أموال قذرة ناتجة عن مصادر غير مشروعة، وهنا نصبح أمام جريمة لغسيل الأموال.

كما أن الملاحظ على نص المادة السابقة هو ضآلة العقوبة المقررة فى حالات النصب والاحتيال، وعدم قدرتها على تحقيق الردع الخاص، ومن ثم يتحقق الردع العام للكافة، فتتراوح عقوبة الحبس المنصوص عليها، كما هو مقرر ما بين 24 ساعة وثلاث سنوات، وهو ما لا يعد كافيا لمواجهة مثل هذه الجرائم اليومية، فلابد من تدخل المشرع الجنائى لتعديل نص المادة (336) من قانون العقوبات، وجعل العقوبة على الأقل هى السجن المشدد، مع تجميد نشاط القناة إذا ما حدث الاحتيال عن طريق وسيلة إعلامية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة