د.محمود كيشانه يكتب: شبح التقسيم والاحتلال الناعم

الإثنين، 25 أغسطس 2014 12:03 ص
د.محمود كيشانه يكتب: شبح التقسيم والاحتلال الناعم صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتعرض الأمة العربية إلى مخططات غربية مشبوهة هدفها تقسيم الوطن العربى الكبير إلى دويلات صغيرة، حتى يصير مفككًا فيسهل على الغرب قياده والتحكم فيه واستنزاف ثرواته، وما أكثرها! وهذا المخطط الذى يريده الغرب وأمريكا مخطط قديم جديد، قديم فى غاياته وأهدافه، جديد فى وسائله وأدواته، فالغايات معروفة منذ الأزل، وهى تكمن فى التحكم فى مقدرات الشعوب العربية، ووأد أى محاولة للتقدم، ونهب الخيرات، أما الوسائل والأدوات فتغيرت، فحل التدخل السياسى محل التدخل العسكرى، وتم تطويع جهات معينة وربما دول بعينها لتبث سمومها؛ كى تمهد الأرض وتعبدها رجاء رضا الغرب أو كسب وده، بما يعنى أننا أمام نوع من الاحتلال الناعم الذى يتخذ من تقسيم الوطن العربى أداة له متزرعًا بقضية الأقليات حينًا، وقضية الحريات والديمقراطية حينًا آخر، فهل نحن منتبهون؟! هل نحن واعون؟!.

فرائحة التقسيم التى تزكم الأنوف صارت تفوح فى خطابات الغرب وتوجهاتهم، وإن تزى بزى جديد، فهو فى العراق يلبس نفسه صورة الشرطى الذى ينصر الحق على الباطل فى حين أن صورته الدفينة تقوم على المساومة على ما سيحصل عليه من غنائم نفطية، يوحى للعالم من حوله أنه مع السلام الشامل، وضد السلاح الكيميائى فى سوريا، ثم يسعى سعيًا حثيثًا لتدمير هذا السلاح، وهو فى حقيقة الأمر لا يبغى إلا أمن وأمان الكيان الصهيونى، يدعى الديمقراطية وحق التظاهر وحمايته فى العالم كله، ثم إذا قامت فى أمريكا مظاهرة يتم التنكيل بها وبمن فيها دون أى مراعاة لحقوق الإنسان، تدعى فرنسا حرية الأديان والاعتقاد ثم تجرم لبس الحجاب للمسلمات، تدعى ألمانيا حماية المعتقد، ثم يتم إحراق أكبر مساجد المسلمين بها تحت أعينهم وعلى مسامعهم، ثم يدعون حماية الأقليات فى العالم. ولذا نظن أن أى ذريعة مستقبلية ستستخدمها أمريكا والغرب للتدخل فى شئوننا ستكون ذريعة حماية الأقليات.

وإذا كان قد قدر لهذه الأمة سابقًا أن تقع فريسة لهذا الاعتداء الخارجى؛ بل إنها استمرت فترة من الزمان ترسف فى الاحتلال والطغيان، حتى قيد الله لها من يقف أمام هذا المد الشديد، فقد كان يظهر كل فترة رجال مصلحون ومفكرون مستنيرون يعطون لها مدداً من الثقة فى نفسها، ويدعونها إلى إخراج الكوامن فيها، من أمثال: جمال الدين الأفغانى، ومحمد عبده فى مصر، وعبد الحميد بن باديس فى الجزائر؛ وغيرهم كثيرون؛ لأنهم بثوا روح المقاومة فى روح تلك الشعوب الخامدة، فقامت الثورات المتتابعة على حكم الغرب وعلى معاونيه من أبناء الدول العربية أو أهل الحكم والسلطة فيها.


ومن ثم إن الاحتلال أو الغزو العسكرى لبلادنا العربية، رغم أنه كان من أشد الكوارث الكبرى التى نزلت بمختلف الأقطار العربية والإسلامية فى العصر الحديث، فإنه كشف لأهلها عن مقدار ما انحدروا إليه من تخلف وجمود؛ إذ أن المسلمين لم يذكروا حقيقة تخلفهم ولم ينتبهوا إليها إلى عندما اصطدموا بقوة الغرب الحديث، وشاهدوا بأعينهم كيف صاروا فريسة لغرب متوحش. ومن ثم نود من أهل الفكر فى بلادنا تنبيه الشعوب العربية بحقيقة ما يحاك بهم، وما يدبر لهم بليل، ولتكن قضية التقسيم الذى يريده لنا الغرب بداية اليقظة ولم الشمل والتوحد على قلب رجل واحد رجاء الحفاظ على أمتنا، فهى دعوة إلى كل ليبرالى، دعوة إلى كل علمانى، دعوة إلى كل إسلامى، دعوة إلى كل أبناء الوطن بمسلميه وأقباطه، برجاله ونسائه، بشيوخه وشبانه، دعوة مفادها: أفيقوا قبل فوات الأوان.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة