عادت ليبيا مرة أخرى إلى صدارة الاهتمام والمشهد المصرى، بعدما ظلت فترة طويلة فى طى التجاهل أو ربما النسيان بسبب أوضاعنا الداخلية، لكن بعدما أيقنت الدولة المصرية أن انفكاك الدولة الليبية وتغول الميليشيات المسلحة هناك هو جزء من أزماتنا بدأت تتحرك بقوة فى محاولة لوقف هذا التدهور، وربما هذا ما يفسر التنسيق المصرى الجزائرى، الذى انضمت إليه مؤخرا تونس، بعدما تأكدت من خطورة الوضع فى ليبيا ليس على مصر وحدها وأنما على كل دول الجوار ومن بينها تونس بالطبع التى تسلل إلى أراضيها عناصر من تنظيم أنصار الشريعة الليبى وقتل جنود تونسيين.
هذا الاهتمام والتنسيق يتجلى فى الاجتماع الهام الذى تستضيفه القاهرة غدا لدول الجوار الليبى والذى سيعقد على مستوى وزراء الخارجية، وهذا الاجتماع تكمن أهميته فى التحضيرات التى سبقته من جانب مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين من الدول المجاورة لليبيا، والتى توصلت إلى أن حل الوضع الحالى يعتمد على شقين، عسكرى وسياسى، وأن الشق العسكرى ربما يتم الاستغناء عنه إذا ما نجح الحل السياسى شريطة أن تكف الدول الداعمة للميليشيات المسلحة عن دعمها الذى أفضى إلى دولة مفككة.
اجتماع القاهرة غدا يأتى ضمن سلسلة طويلة من التحركات المصرية الهادفة إلى الحفاظ على الدولة الليبية، وربما كانت زيارة الوفد المصرى رفيع المستوى برئاسة السفير محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية لشؤون دول الجوار لليبيا لمدينة طبرق الليبية قبل أسبوعين لتقديم التهنئة لرئيس مجلس النواب الليبى المنتخب عقيلة صالح، هى خطوة ذكية، كونها أنهت الجدل الذى ثار مؤخرا حول وجود توتر فى العلاقات بين القاهرة وطرابلس بعدما حاولت بعض الإطراف الإقليمية شيطنة مصر فى الداخل الليبى، لكن هذه المحاولات فشلت ولم تحقق أى صدى.
ومن ضمن هذه المحاولات أيضا ما يروج له البعض بأن اجتماع القاهرة يعد تدخلا فى الشأن الليبى، وهذا ترويج خبيث ممن يحاولون تدمير الدولة الليبية ويعملون بكل جهدهم على إفشال أى مسعى للحفاظ على ليبيا، فهذه الأطراف تريد أن تكون يدها الخبيثة والملوثة بدماء العرب هى الوحيدة الباقية وصاحبة السلطة والقوة فى ليبيا، لكن مصر أيقنت اللعبة وتعاونت مع ليبيا وبقية دول الجوار للوصول إلى استقرار الأمن فى ربوع ليبيا، سواء بتأمين الحدود أو السيطرة على الهجرة غير الشرعية أو بمنع تهريب السلاح والمخدرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة