تواصلت الاحتفالات بـ"المولد النبوى" والتى بدأت يوم 20 أغسطس، وبلغت ذروتها فى مثل هذا اليوم "23 أغسطس 1798"، حيث أقام السيد "خليل البكرى" حفلا عظيما فى بيته لـ"نابليون بونابرت"، اجتمع فيه مائة من كبار شيوخ الأزهر، افترشوا الأرض حول عشرين منضدة منخفضة، وشرع واحد منهم فى رواية سيرة النبى محمد "صلى الله عليه وسلم".
ويقول المؤرخ "خوان كول" فى كتابه "مصر تحت حكم بونابرت"، إن رواية السيرة تمت بنغمة وجدها الفرنسيون مملة، ويصف الموائد التى جلس الفرنسيون حولها قائلا: "قدمت لهم أدوات مائدة وصحافا فضية بل قنينة نبيذ معتق، ثم مدت الموائد بالمشويات والمقبلات والأرز والعجائن وكلها مطهوة بالتوابل، ويذكر أحد الضباط الفرنسيين الحاضرين: "يأكل العرب بأصابعهم ويغسلون أياديهم ثلاثا أثناء تناول الطعام".
وعما دار حول الموائد يقول "ديز فرنواه": "تحدث بونابرت مرارا مع شيوخ الأزهر ساعيا إلى التعرف على حاجات البلاد والوسائل التى يتحقق بها رخاؤها، وفى بعض الأحيان يصل إلى مغازلة مشاعرهم الدينية، إذ يصور لهم "بونابرت" مدى استعداد الجيش الجمهورى لاعتناق الإسلام فى القريب العاجل، ويقول ضابط آخر، إن القائد الأعلى لم يدخر وسعا لإقناع المصريين بما يكنه الجيش الفرنسى من توفير عظيم للرسول، أما الجنود فالتزموا الأدب فى ما يقولون، ولكنهم ما إن عادوا إلى ثكناتهم حتى ضجوا بالضحك لما رأوه من تلك المهزلة".
كان هذا هو الطريق الذى قطعه "بونابرت" نحو الحماسة بين الناس لينادونه بـ"على بونابرت"، ويذكر الكابتن "سالى" الذى طالما انتقد مغازلة " نابليون " للإسلام: "إذا كان المصريون خلعوا على "بونابرت الكروسيكى" ذلك الاسم فقد عدوا الأمر مزحة تثير الفكاهة".
فى كتاب "بونابرت فى مصر" لـ"ج. كرستوفر هيرولد"، يقول نقلا عن يوميات "ديتروى"، إنه فى يوم 23 أغسطس بلغت الاحتفالات ذروتها، فأصبحت الميادين العامة حافلة بالمعارض والفرج الصغيرة، فترى فيها الدببة والقردة المدربة والمغنّين والمغنيات ينشدون أدورا يجاوبهم فيها آخرون، والنسوة يغنين الأشعار، والحواة يأمرون الثعابين فتختفى، والأطفال يرقصون بفجور، وظهر الدراويش عند المساء، والشعب يجل هؤلاء المتعصبين -هكذا رأى الفرنسيون- الذين يطلقون شعورهم ويسيرون عراة تقريبا، واجتمع الأتقياء فى حلقات يجلس فيها الرجال متلاصقين، وقد عقد كل منهم ذراعا بذارع صاحبه، ثم بدأوا يهتزون فى حركات عنيفة أفرادا وجماعات ذات اليمين وذات اليسار، ورافق حركتهم التلوى العنيف، واستمرت إلى أن خارت قواهم".
وفى تقرير اللجنة العلمية لـ"الحملة" جاء، أن الفرنسيين دهشوا تماما من أمر الفقراء الدراويش، فكانوا يجرون عراة تماما فى نشوة دائمة، ولم يكن شىء من الأشياء محظورا عليهم، كانت النسوة تتبركن بالاتصال بهم.
فى صباح اليوم، أصدر بونابرت أوامره بتقدم مسيرة مهيبة من قوات الحامية احتفالا باليوم العظيم، فامتزجت نغمات الفرقة العسكرية المصاحبة للجنود بالأناشيد التى يتغنى بها المسلمون.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 23 أغسطس 1798.. المصريون يطلقون على نابليون "على بونابرت" والاحتفالات بالليلة الكبيرة للمولد النبوى
السبت، 23 أغسطس 2014 08:38 ص
نابليون بونابرت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة