قالت وكالة رويترز الإخبارية، إنه على الرغم من الحملة التى تشنها مصر لوقف نشاط الأنفاق على حدودها، فإن حركة المسلحين والأسلحة مستمرة بين غزة وسيناء.
وفى تقرير حصرى لها، قالت الوكالة، إن ثلث المنازل فى الشارع الرئيسى بقرية الصرصورية البدوية قرب الحدود المصرى مع غزة تبدو مهجورة، لكن فى الداخل هناك نشاط لمهربى الأنفاق الذين يهرولون للنجاة من الحملة الأمنية التى يشنها الجيش المصرى ضدهم، واستولى المهربون وملاك الأنفاق، الذين كانوا يعلنون من قبل عن خدماتهم صراحة، على حوالى عشرين من المنشآت الخرسانية ذات الطابق الواحد، وأغلقوا أبوابها ونوافذها بألواح خشبية من أجل تجنب لفت انتباه السلطات.
وفى حين أن الأنفاق التى يستخدمها مسلحو حركة حماس فى غزة للتسلل إلى إسرائيل كانت هدفاً أولياً للهجوم الإسرائيلى على القطاع الفلسطينى هذا الصيف، فإن العديد من قنوات التهريب إلى مصر أفلتت من الرصد، وقد سمح هذا باستمرار نقل الأسلحة ومواد البناء والأدوية والطعام من وإلى غزة التى تتعرض لحصار من قبل كل من مصر وإسرائيل، وذلك حسبما قال مشغلو الأنفاق وباعتراف مصادر أمنية فى مصر.
ونقلت "رويترز" عن مرشد بدوى ساعد محرر الوكالة على دخول أحد الأنفاق وإلقاء نظرة نادرة على كيفية تطوير صناعة مربحة وغير مشروعة منذ أن بدأت مصر تحاول القضاء على الممرات فى عام 2012، "ازدهر العمل بالأنفاق خلال حرب غزة".
وتقول الوكالة، إن مصر ترى أن وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين مهم لأمنها، الذى تعرض لاهتزاز خلال العام الماضى، بسبب عمليات التفجير والقتل التى يقوم بها المسلحون الإسلاميون المتمركزون بشكل أساسى فى سيناء، ويقدر الدليل البدوى، الذى رفض الكشف عن هويته، عدد الأنفاق العاملة فى حوالى 10 قرى حدودية مثل الصرصورية بحوالى 500، بعد أن كان عددها 2500 قبل الحملة المصرية عليها.
ودمرت مصر معظم الأنفاق الكبيرة من النوع الذى يسمح بعبور السيارات وحتى الشاحنات، لكن الأنفاق الأصغر حجماً التى يبلغ قطرها ما بين متر ومترين نجت من الحملة، وقال المرشد، إن نحو 200 نفق جديد بنيت خلال العامين الماضيين فى محاولة للإفلات من الحملة الأمنية المصرية مع ظهور نفق جديد كل أسبوع، وما زالت الأنفاق الأصغر حجماً كبيرة بما يكفى لعبور الأسلحة ومواد البناء وإمدادات الإغاثة الإنسانية.
وقال المرشد البدوى، "كل يوم يعبر نحو ثلاثة أو أربعة أشخاص بأسلحة وكل واحد منهم يحمل ست أو سبع قطع سلاح"، لكنه لم يحدد نوع الأسلحة التى تنقل.
وأكد ضابط أمن مصرى رفيع المستوى، أنه رغم أن الأنفاق الأكبر حجماً والأطول لم تعد موجودة، إلا أن الأنفاق الأصغر ما زالت تعمل، وقال لرويترز، "الوضع أصبح تحت السيطرة بشكل أكبر .. ليس بنسبة مائة بالمائة، لكننا نحاول الوصول إلى هذه النسبة". وأضاف أن الجيش نجح فى إحداث خفض ملحوظ فى تهريب الأسلحة والوقود والغذاء والدواء على مدى العامين الماضيين.
ورصدت الوكالة صورة الأنفاق، وقالت إن ستارة بلاستيكية كانت هى كل ما يخفى مدخل النفق الذى زاره محرر رويترز، وفى غرفة مجاورة وضعت عربة صغيرة يجرها حمار إضافة إلى كبشين مما يعطى الانطباع بأن المنزل مهجور. وجلس صاحب النفق وابنه المراهق على وسائد وضعت حول طاولة خشبية صغيرة بجوار الستارة.
وبعد بضع خطوات فى المدخل الحجرى للنفق الذى يبلغ طوله 600 متر ظهرت الأوساخ. ونصبت قوائم ودعامات لحماية السقف الخشبى على عمق عشرة أمتار من سطح الأرض ووضعت لمبات موفرة للطاقة كل بضعة أمتار لإنارة الممر.
ويصطحب المالك المصرى الأشخاص الراغبين فى عبور النفق إلى نقطة فى المنتصف، حيث يقوم حارس برصد الوضع الأمنى على الجانب الآخر ثم يقوم بمرافقتهم لمقابلة الشريك الفلسطينى، وقال المالك المصرى، "هذا النفق هو مشروع مشترك بيننا.. البناء كلفنا 300 ألف دولار، هو دفع نصف المبلغ وأنا دفعت النصف الآخر، الأرباح تقسم بيننا مناصفة".
ويدر النفق على الرجلين فى المعتاد أرباحا بنحو 200 دولار يوميا، وتتراوح رسوم الشحن والانتقال عبر النفق، حيث تبدأ من 12 دولاراً للعربة الصغيرة المحملة بالدواء أو الغذاء وتصل إلى 150 دولاراً للأسلحة ومواد البناء أو الوقود، ويمكن للأشخاص العبور بمبلغ 50 دولاراً للفرد الواحد، لكن الرسم يزيد إذا كان الشخص مسلحاً، وقال صاحب النفق، إن معظم العابرين من الرجال لكن هناك نساء وأطفال يستخدمون الأنفاق أيضاً، ومن حين لآخر يجرى نقل الحيوانات عبر هذه الأنفاق.
وقال المالك المصرى للنفق لـ"رويترز"، "إذا عبر شخص ومعه قطعة سلاح أو قطعتين فإننا نحصل منه على 60 أو 70 دولاراً، لكن إذا كان الشخص يحمل مزيداً من الأسلحة فإنها تعد عملية خاصة، ويمكن أن يتكلف ما يصل إلى ألف أو ألفى دولار طبقاً لنوع الأسلحة".
وأضاف أنه لا يقوم بفحص هويات الأشخاص العابرين ويسمح حتى للملثمين باستخدام النفق إذا ضمنهم الشريك الفلسطينى، ومضى يقول، "ماداموا يدفعون لى 50 دولاراً فإنى أتركهم يعبرون".
وتابع المالك إنه لا يسعى لمعرفة انتماء المسلحين أو وجهتهم أو وجهة الأسلحة خشية أن يدفع ذلك الزبائن الغاضبين إلى استخدام نفق آخر أو إبلاغ قوات الأمن عنه، وقال، "أنا أسلم فقط الأسلحة وأحصل على النقود.. لا يعنينى إلى أين ستذهب هذه الأسلحة".
"رويترز" ترصد استمرار عبور الأسلحة عبر الأنفاق إلى فلسطين.. دليل بدوى: ازدهر العمل بالأنفاق خلال حرب غزة وبناء 200 نفق جديد خلال عامين.. مسئول أمنى: الوضع تحت السيطرة لكن ليس بنسبة مائة بالمائة
الجمعة، 22 أغسطس 2014 10:56 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة