صالح المسعودى يكتب: حتى لا نكتفى بالتصوير

قد توافقنى عزيزى القارئ المحترم الرأى، أن الفنان عبد الحليم حافظ لم يكن يقصد فى رائعته (صورة) أننا نكتفى بالتصوير فقط فى أماكن العمل والإنتاج، ولم يكن يفكر أبدا هو ومن ألف ولحن ذاك العمل الجميل، أننا من الممكن أن نأخذها من هذا المنظور الضيق للفكرة.

فالصور الفوتوغرافية لم تكن هى الهدف المأمول من مقصد هذا العمل الفنى الذى كان له دور بارز فى رفع الروح المعنوية للشعب المصرى فى أحلك فترات التاريخ المصرى، عندما كاد العالم أن يقف فى وجه مصر ليحجم طموح الزعيم الراحل (جمال عبد الناصر)، فالهروب من الميدان هو من يخرج من الصورة.

أقول ما سبق لأننى لاحظت وتابعت الوفود التى تتوافد على مشروع شق قناة السويس الجديدة هذا المشروع العملاق.(أمل مصر الجديدة) من كافة محافظات مصر من ريفها لحضرها، فيأتى الجميع ليشاهدوا على الطبيعة سير العمل فى المشروع العملاق الذى أعطى الأمل للجميع بغد مشرق كبداية للانطلاقة.

وأنا لا أعيب على تلك الوفود حضورهم من جميع مناطق الجمهورية فهم إضافة بل ويساعدون على رفع الروح المعنوية للعاملين فى المشروع، ولا أنكر عليهم أيضا التقاطهم للصور التذكارية من داخل المشروع، لتكون ضمن أرشيف ذكرياتهم الجميلة.

لكنى أوجه جرس إنذار للجميع حتى لا نكتفى بمجرد اللحظات الظريفة والوقت الرائع الذى نقضيه فى هذا المكان ثم نعود لأعمالنا ودوامات الحياة مرة أخرى دون المشاركة الحقيقية فى هذا المشروع.

فهذا المكان ليس مزارا سياحيا لنلتقط فيه الصور والضحكات لنضيفها فقط لأرشيف الذكريات، ففى هذا المكان الذى تختلط فيه قطرات العرق فى هذا الصيف الحار بقطرات دم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تراب هذا الوطن الغالى لا يكفيه أن تقوم بالتصوير فيه فقط ثم تنصرف.

فقبل أن تلتقط الصورة يجب أن تبحث لنفسك عن دور تقوم به حتى تكون مشاركا فى لبنات هذا المشروع الذى هو فى الأساس لك ولأبنائك وأحفادك من بعدك، لا تركن لمجرد الذكريات الجميلة، فلو فكرت فى كيفية أن تساهم فى هذا الصرح سوف تكون الذكريات أجمل وأوثق، ولا تستصغر دورك أبدا مهما كان صغيرا فبذرات الرمال تبنى القصور الشامخة.

ساهم ولو بالقليل فسوف يأتى عليك الوقت الذى تحكى للأجيال القادمة وتتفاخر بمساهماتك ولو كانت بسيطة، فبناء وطنك مسئوليتك وحدك، والأمر لا يقتصر على مشروع قناة السويس فقط بل ينطبق على كل مشروع يهدف لرفعة هذا الوطن.

عزيزى القارئ لا تنظر إلى الأحقاد السياسية فجميعها إلى الزوال ولكن اجعل شغلك الشاغل بناء وطنك، واعلم بأن مساهماتك وإن قلت إلا أنها سوف تمنحك شرف المشاركة بإيجابية.

أنا هنا لا أدعوك لمجرد التبرع بالمال فقط رغم أهميته، ولكن أدعوك أن تدلو بدلوك فى إظهار الصورة الجميلة لبداية تحقيق آمال أجيال قادمة، وأن تنقل لكل شبر فى مصر ولكل مصرى أنه عليه دور يقوم به، فلم يعد هناك وقت ليضيع فى المهاترات السياسية فقد تشبع الشعب وعلى مدار سنوات عجاف من أهل المكلمات السياسية والدور الآن على العمل والإنتاج دون الاكتفاء بالتصوير فى أماكن الإنتاج فقط.