شركات إنتاج زيت التموين.. آلات متهالكة وفساد بالجملة.. الرقابة تغيب عن المصانع والحكومة تكتفى بتغيير المنظومة.. وإدارة الشركات الزيت التموينى تستغل نسبة الفاقد لتحقيق مكاسب مادية

الأربعاء، 20 أغسطس 2014 12:10 م
شركات إنتاج زيت التموين.. آلات متهالكة وفساد بالجملة.. الرقابة تغيب عن المصانع والحكومة تكتفى بتغيير المنظومة.. وإدارة الشركات الزيت التموينى تستغل نسبة الفاقد لتحقيق مكاسب مادية زيت تموين
كتب :رانيا فزاع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى :


قيادى نقابى: نسبة الشوائب فى زيت التموين وصلت من %30 إلى %40.. ولا حل إلا بضخ استثمارات جديدة لتحديث المصانع والآلات


مصنع بنها يستخدم وسائل تقليدية لنزع الأحماض الدهنية من الزيت وهى واحدة من أهم المواد التى تؤثر سلبا على الإنتاجية.. ووحدات نزع الرائحة والتكرير لا تعمل

«مصر للزيوت» تستخدم أدوات بدائية و«حلل يدوية» للتكرير.. والمنظومة الجديدة لم تغير شيئا


مدير «النيل للزيوت»: الآلات التى نستخدمها لم تتغير حتى اليوم.. ووحدة «الفاكيوم» بمصنع «بنها للزيوت» لا تعمل

شركة الإسكندرية للزيوت آلاتها لم تتغير منذ مائة عام.. وأدوات فصل الصموغ بـ«مصر للزيوت» لا تعمل


اضطراب فى معدة طفل صغير، صراخه لا يتوقف واشتباه بحالة تسمم تدفع والده للذهاب لأقرب مستشفى بمحافظة أسيوط، حالة من الدهشة تنتاب الوالد الذى لا يعرف سبب ألم نجله، وتزداد دهشته بسؤال الطبيب عن ما تناوله الطفل من الطعام، ثم ينتهى بالتأكيد أن السبب هو «زيت تموينى» غير صالح ترتفع به نسبة البروكسيد.

هذا المشهد الذى أفزع عددا من المواطنين بمحافظة أسيوط الشهر الماضى، جعل أسرة الطفل تتكتم على الموضوع خوفا من الحديث عن الواقعة خاصة بعد حدوث مشاكل بينهم وبين بقالى التموين فى المنطقة الذين اتهمهوهم بنشر شائعات غير صحيحة عن الزيت وترهيب المواطنين منه.




الواقعة رغم تكتم أصحابها عليها تنقل صورة لطبيعة «الزيت التموينى»، الذى رغم تغيير المنظومة الخاصة بتوزيعه بالكامل ما زال يواجه عددا من المشاكل خاصة بالتكرير، والسبب الرئيسى فى هذا يعود إلى الماكينات المتهالكة بالمصانع بجانب الطرق البدائية التى يتم استخدامها فى تصنيعه ولا تسمح بإنتاج زيت صافى بنسبة %100.

وحتى مع التطوير الذى أجرته وزارة التموين بقيت المشكلة كما هى من إنتاج زيت لونه جيد ولكن تكريره غير جيد ونسب البروكسيد والأحماض الدهنية به لا تتطابق مع المواصفات.

الزيت التموينى وفقا لما هو مدون على الزجاجة من المفترض أنه يحتوى على %50 صويا، و%50 عباد شمس، كما أنه ينتج وفقا لما هو مدون بالمواصفة القياسية المصرية لزيت القلى والطعام، وهو ما لا يحدث فى كثير من الأحيان بسبب عدم صلاحية الماكينات اللازمة لإنتاج الزيت، وعدم وجود الإمكانات اللازمة داخل المصانع المنتجة.

«اليوم السابع» أجرت تحقيقا شمل خمس شركات تتبع «القابضة للصناعات الغذائية»، وهى «مصر للزيوت والصابون، الإسكندرية للزيت والصابون، طنطا للزيت والصابون، الملح والصودا، النيل للزيوت والمنظفات، وشركة واحدة خاصة وهى شركة أبوسعدة وهى واحدة من الشركات الخاصة المنتجة فى الإسكندرية» وكشف التحقيق أن الشركات التى تتجاوز أعمارها مائة عام لا تخضع للتطوير، كما أن الماكينات لا تخضع للصيانة الدورية اللازمة لها، إضافة إلى أن المصانع تطبق الوسائل البدائية فى الإنتاج مما يتسبب فى خروج منتج غير مطابق للمواصفات المطلوبة.



منظومة جديدة وأخطاء مستمرة

تبدأ المشكلة الرئيسية فى الزيوت من عدم وجود وسيلة لإنتاجه داخل مصر، واقتصار الأمر على تعبئته وتكريره داخل الشركات والاعتماد على استيراد نسبة %98 منه من الخارج.

تستورد مصر الزيت من الخارج وتقوم بتوزيعه على شركات إنتاج الزيت من خلال مجمع الزيوت التابع للشركة القابضة للصناعات الغذائية بمنطقة المكس بمحافظة الإسكندرية التى توزع بدورها حصص الزيت على الشركات.

ووفقا للمنظومة الجديدة لزيت التموين يختار المواطن بين ثلاثة أنواع من الزيت أقلها سعرا يقترب من الـ7 جنيهات، وأكثرها ارتفاعا يقترب من العشرة جنيهات، إضافة إلى بقية الأنواع الأخرى من زيت حر، على أن يختار المواطن المناسب له، وفقا للدعم المحدد الذى تحول فى المنظومة الجديدة لدعم نقدى تشمل قيمته 15 جنيها للفرد، يشترى بها عددا من السلع «الزيت، والسكر، والخضراوات، واللحوم».

ووفقا لنائب رئيس هيئة السلع التموينية، ممدوح عبدالفتاح فى تصريحات لـ«اليوم السابع» فإن الزيت التموينى كان يتم إنتاجه فى المنظومة القديمة من خلال شركات حكومية تتبع القابضة للصناعات الغذائية، وعدد من الشركات الخاصة وكان المواطن يحصل على حصته الشهرية من الزيت المقدرة بـ900 جرام زيت خليط من «الصويا، وعباد الشمس» بنسبة %50 إلى %50.

يذكر أن هذه النسبة كانت لا تطبق فى أغلب الأوقات إذ كانت الشركات تعتمد على زيادة نسبة زيت الصويا بصورة أكبر من عباد الشمس لانخفاض ثمن الأول، ولم تكن هذه هى الأزمة الوحيدة فى الزيت خاصة أن الصويا تصبح أفضل فى عملية القلى، مما كان يجعل الكثير من الأسر تفضل استخدامها أكثر من الأنواع الأخرى، لأنها تتحمل القلى لفترات طويلة.

وفى المنظومة الجديدة يبلغ سعر الزجاجة 600 جرام سبع جنيهات تقريبا واللتر 10 جنيهات تقريبا، ويختار المواطن ما يناسب احتياجاته بين أنواع مختلفة من الزيت، بعضها من إنتاج الشركة القابضة للصناعات الغذائية والشركات محل التحقيق، والباقى من الزيوت التى تتبع شركات أخرى بأسعار أكثر ارتفاعا وانخفاضا.

المشكلة الرئيسية داخل منظومة إنتاج شركات زيت التموين تكمن فى أن الماكينات المتهالكة والطاقة الإنتاجية الضعيفة لا تستطع إنتاج زيت جيد %100، وهو الأمر الذى يصعب على منظومة التموين معالجته حتى وإن غيرت طريقة الدعم أو قدمت حرية الاختيار للمواطن، ما دامت لم تقم بالتطوير المطلوب فى الشركات المنتجة للزيت الذى سيضطر المواطن الفقير لشرائه لانخفاض سعره عن بقية الأنواع، كما أنه من الصعب الاستغناء عن سلعة الزيت فى الاختيار بين السلع واستبدالها بأخرى لأهميته فى طهى الأطعمة، كما أن جسم الإنسان بطبيعته يحتاج إلى كمية من الدهون والزيوت.

النيل للزيوت.. تغيير شكلى

الحالة المتردية للماكينات وعدم التطوير داخل الشركات هو ما ثبت من خلال زيارتنا للشركات الخمس محل التحقيق، وشهادات العاملين بها، الذين أكدوا على ضرورة تطوير المنظومة بالكامل.

بدايتنا كانت مع شركة النيل للزيوت والمنظفات، حيث للشركة عدد من الفروع بصعيد مصر وتأسست عام 1946، وتمتلك الشركة ثلاثة مصانع فى محافظات الصعيد لإنتاج الزيت بجانب مصنع بمحافظة القليوبية ينتج المنظفات.

الشركة واجهت أزمة فى محافظة الأقصر وفوجئ المواطنون هناك، بأن الزيت التموينى الذى تنتجه الشركة يغلى عند استخدامه فى الطهى وتصدر منه رائحة كريهة، الحالة رصدتها منظمة العدل والتنمية بالأقصر التى حصلت على عينات من الزيت من المواطنين، من إنتاج مصنع الهدرجة بسوهاج وقامت بتحليله وأثبتت ارتفاع نسبة البروكسيد به، عن الحد المسموح به وحررت المنظمة المحضر رقم 3009 جنح قسم الأقصر لسنة 2014 ضد مدير القطاع بالشركة، مؤكدة أن 1273 طنا موزعة من شركة النيل بالأقصر مخلوطة بالسولار.

هذا الوضع الذى أدى لإنتاج زيت تموينى ردىء، لم يتغير فى منظومة التموين الجديدة وفقا لتصريحات مدير المصنع المهندس على حسين بقطاع الشركة بمنطقة «الهدرجة» بسوهاج الذى أكد فى تصريحات لـ«اليوم السابع» أن وضع الإنتاج داخل الشركة لم يتغير، وأن نفس منظومة الإنتاج السابقة تطبق كما هى وأن الفارق الوحيد بين النظام الجديد والقديم يكمن فى أن شكل الزجاجة ووزنها قد تغيرا فقط، لكن عوامل التكرير وأدوات الإنتاج السابقة ما زالت مستمرة كما هى، مما يؤكد أن التغيير الذى طرأ على المنظومة الجديدة تغيير شكلى فقط.

ووفقا لأحد العاملين بالمصنع فإن واحدة من أهم أزمات الشركة هى استخدام ماكينات متهالكة تعدى عمرها عشرات السنوات، رغم عدم تطويرها مما يتسبب فى عدم خروج الزيت بالجودة المطلوبة.

طنطا للزيوت.. خلل الإنتاج

انتقلت «اليوم السابع» من شركة النيل بسوهاج إلى شركة طنطا للزيوت والصابون والتى تمتلك ثلاثة فروع هى: مصنع بنها، مصنع المحلة، مصنع طنطا، تنتج زيوت تموين و«صابون» ومواد أخرى، ويزيد عمر شركة طنطا للزيوت والصابون عن 80 عاما وتبلغ ميزانيتها، وفقا للموقع الإلكترونى للشركة 125 مليون جنيه.




وفى زيارة لمصنعى المحلة وبنها، اتضح أن المشكلة فى الشركة تبدأ من الرغبة فى مضاعفة الإنتاج بصورة تزيد عن إمكانات الآلآت أو قدرتها على العمل، فمن المفترض أن تنتج الشركة شهريا من 4500 إلى 5000 طن من زيوت التموين، من مصانعها الثلاثة ولكنها تنتج إجمالى ما يصل إلى 1000 طن شهريا موزعة على الشركات الثلاث وتأتى الأزمة الرئيسية فى التكرير من عدم حصول كل مرحلة من المراحل على الوقت اللازم لها بسبب رغبة الإدارة فى أن يكون إنتاج المصانع الثلاثة كالآتي: 3000 طن بمصنع بنها و4000 طن بمصنع طنطا و3000 طن من مصنع المحلة.

ويقول أحد المهندسين بقطاع الإنتاج بالشركة تحتفظ «اليوم السابع» باسمه «نزولا على طلبه»: «إن رغبة الإدارة المسؤولة فى مضاعفة الإنتاج، وتحقيق مكاسب مادية أكبر، تجعلهم لا يمررون الزيت بالمراحل المفترض أن يمر بها، وتحت ضغط العمل ينتج الزيت فى فترات زمنية أقل مما يتسبب فى عدم إخراجه بالشكل المطلوب».




يمر الزيت بأربع مراحل أثناء التكرير «تبييض ونزع رائحة وتعبئة»، كل مرحلة من هذه المراحل يوجد بها نقاط قصور تبدأ من عدم خضوع كل مرحلة للفترة الزمنية المحددة لها، والإسراع بإنهائها قبل تطبيق كل جوانبها، مما يساعد فى النهاية على إنتاج الكمية المطلوبة من الثلاث مصانع بما يصل إلى 9000 طن شهريا.

كما أن غياب الرقابة داخل هذه المصانع يسهل عدم الحصول على أفضل النتائج فى الزيوت المنتجة، وذلك من خلال خلط الزيوت المكررة بأخرى غير مكررة، بأن يتم إخضاع جزء منها لمراحل التكرير الأربعة ووضع معها زيوت لم يتم تكريرها بالأساس مما يؤثر سلبا على الزيت المنتج، ويجعله غير مطابق للمواصفات اللازمة، وهو ما يسمى داخل الشركة بخلط الزيت رقم 1، بالزيت رقم 3 أى الذى تم تكريره بآخر غير مكرر.

تهالك الماكينات يتسبب فى تعطل العمل من فترة لأخرى وإعادة عمليات الإنتاج من بدايتها، مما يتسبب فى تلف الماكينة بالكامل وإهدار مالى لإعادة عمليات الإنتاج لأكثر من مرة، إضافة إلى ما تمثله من ضغط على العمال الذين لا يستطيعون تغطية كل الطاقة الإنتاجية.

ولا تخضع هذه المصانع أيضا للرقابة اللازمة للاستثمارات، التى يتم ضخها داخلها، ومن بين هذا المصانع مصنع بنها الذى تم تخصيص وحدة جديدة به لنزع الرائحة، بتكلفة مالية تصل إلى 22 مليون جنيه وكان الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار الأسبق هو من خصص هذا المبلغ لها، وهى لا تعمل حتى الآن.

ما يحدث داخل المصانع أيضا من التلاعب فى نسبة الفاقد المحددة لإنتاج زيت حر، فيسمح للشركة المنتجة بإنتاج الزيت الحر من خلال نسبة الفقد عن طريق تقليل نسبة الفقد قدر الإمكان لدرجة تصل إلى الزيرو واستخدام بقية الكمية فى إنتاج زيت حر لصالح الشركة من الحصة التموينية المقررة، رغم أن هذا يؤثر على جودة الزيت وينتج زيتا غير مطابق للمواصفات مائة بالمائة.

يخرج الزيت فى درجة حرارة معينة، ومن المفترض ألا تزيد وفقا للمواصفة القياسية عن 35 درجة مؤوية وبسبب ما يحدث داخل مصانع الزيت ومن بينها مصنع المحلة للزيت والصابون والرغبة فى الحصول على أكبر كمية من الإنتاج فيتم إنتاج الزيت فى درجة حرارة تصل إلى من 67 إلى 70 درجة مؤوية، وهو واحد من العوامل التى تتسبب فى حدوث عمليات أكسدة للزيت، ناهيك عما يتعرض له الزيت من خطورة تتسبب فى تزنخه وعدم صلاحيته للاستخدام، كما أن التخزين الخاطئ له يتسبب فى حدوث تزنخ بالزيت وزيادة نسب البروكسيد به.

تحاول الشركة أيضا تحقيق مكاسب مادية من خلال الكراتين المعبأة والمفترض أن تصل نسبة العجز بها إلى %1.5 كحد أقصى، مما يسمح بتقليل حجم كل زجاجة بنحو %1.5 وهو ما يؤثر فى الكمية المنتجة أخيرا ويساعد الشركة على حصول على أرباح إضافية.

عدم الرقابة داخل الشركات التى تقوم بإنتاج زيت تموينى حر تتسبب فى حدوث تجاوزات، يقوم بها عدد من المسؤولين عن طريق الحصول على الكميات المخصصة لإنتاج زيت التموين واستغلالها فى إنتاج زيت حر.

ووفقا للمحضر رقم 11572 لسنة 2013، أكدت أجهزة الرقابة بمديرية التموين بمحافظة الغربية أنه بالتفتيش على الشركة تم اكتشاف استخدام الزيت التموينى لإنتاج زيت حر لصالح الشركة.

ويتم هذا من خلال الحصول على كميات من الزيت الخاص بالزيت التمونى لتنتج منه «زيت حر» لحسابها الشخصى، فوفقا للمحضر المذكور أكد التفتيش على مخزن منتج الزيت الحر التابع لشركة طنطا للزيوت والصابون، أنه تم ضبط 188 كرتونة زيت حر ماركة «سلاسل وزمزم» عبوة كل كرتونة 12 زجاجة لسعة 1 لتر بإجمالى 2256 لترا.

وأوضحت الوزارة، أنه بسؤال مدير إنتاج الزيت بالمصنع، قرر أنه يتم إنتاج الزيت الحر بتعليمات شفوية من الإدارة، وليس لديه أى مستندات تؤكد ذلك، وأنه تم فحص المستندات المتعلقة بجميع مراحل إنتاج الزيت الحر داخل المصنع عن الفترة من 1/1/2013 حتى 31/5/2013 وتبين قيام الشركة بإنتاج 1943.5 طن زيت حر صنف «سلاسل وزمزم» من خامات الزيت المخصص لإنتاج الزيت التموينى المدعم.

وأكدت الوزارة أنه تم تحرير محضر بالواقعة جنح ثان طنطا، ضد مدير عام إنتاج الزيت بالمصنع لمخالفته أحكام المرسوم بقانون 95 لسنة 45 وتعديلاته بشأن شؤون التموين للتصرف فى جزء من خامات الزيت التموينى وإنتاجه كزيت حر.

وعلى الرغم من البدء فى إنشاء منظومة جديدة لإنتاج الزيت التموينى وتوزيعه فى عدد من المناطق، فإن المشاكل المتعلقة به لم تحل بالكامل بعد، والدليل على ذلك إعادة حوالى 40 كرتونة للشركة مرة أخرى بعد الإنتاج لعدم مطابقتها للمواصفات، مما دعا القابضة للصناعات الغذائية إلى رفضها.

وفى مصنع بنها لشركة طنطا للزيوت لم يختلف الأمر كثيرا عن مصنع المحلة، فهناك تلحظ الحالة المتردية للماكينات المتهالكة، وزجاجات الزيت الملقاة أرضا والأماكن المتسخة بها.

الأزمة فى مصنع بنها وفقا لأحد مهندسى الإنتاج تأتى أيضا من ماكينات الإنتاج، لأنها تعمل به من السبعينيات ولم تتطور من وقتها، ومن المفترض أن يتم إجراء صيانة دورية لها وهو ما لم يحدث فى الواقع، كما لا يسمح للزيت بأن يمر بكل مراحل التكرير المطلوبة سواء تبييض أو نزع الرائحة، إضافة إلى أن الوحدة المسؤولة عن نزع الشموع معطلة بالكامل، وهى واحدة من أهم وحدات الإنتاج، مما يتسبب فى عدم نزع الشموع وزيادة نسب الكوليسترول به.

تستخدم أيضا داخل المصنع وسائل تقليدية لنزع الأحماض الدهنية من الزيت وهى واحدة من أهم المواد التى قد تؤثر سلبا على الإنتاجية، فيتم فصلها بصورة يدوية باستخدام الصودا الكاوية، وهنا يجب إتاحة وقت كافٍ للفصل بالتشقق، لكن بسبب الرغبة فى إنتاج كميات كبيرة لا يخضع الزيت للفترة المناسبة للفصل، مما يتسبب فى ترسب الأحماض الدهنية به، ويخرج المنتج النهائى به نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية.

توجد وحدات فى المصنع لا تعمل ومنها وحدة نزع الرائحة، والتكرير، ومن الوحدات الكاملة التى لم يتم تجديدها منذ فترة طويلة «وحدة الفاكيوم» التى لم يتم تجديدها منذ عام ونصف العام، وفقا له.

لصيانة الماكينات مواعيد محددة المفترض أن تجرى لها بشكل دورى، ولكنها لا تجرى فى موعدها، حيث من المفترض أن تجرى صيانة دورية للماكينات كل أسبوعين أو كل شهر، ولا يتم هذا إلا عند تعطل الماكينة بالكامل، وعدم قدرتها على العمل ويتسبب هذا فى هلاك للماكينة مع الوقت.

شركة مصر للزيوت والصابون لها عدة مصانع وزرنا مصنعها بسندوب بالمنصورة، فوجدنا به مشاكل مشابهة لبقية الشركات فى مجال الإنتاج، ومن أهمها عدم تطوير الوحدات واستخدام طرق بدائية فى الصناعة، المهندس طارق خيرى أحد العاملين بالشركة قال: إن مشكلة الزيت تبدأ من الحصول عليه من محطة الماكس بالإسكندرية، حيث تحصل شركات القطاع العام على أسوأ أنواع الزيوت من المحطة، وتحصل شركات القطاع الخاص على الأنواع الأفضل، مؤكدا أن هذه الأنواع السيئة تتطلب جهدا كبيرا فى التكرير عكس الأنواع التى يتسلمها القطاع الخاص التى لا تتطلب نفس الجهد، وعلى الرغم من ضرورة تحليل الزيت قبل الحصول عليه داخل الشركة من مكتب الجمرك فإن المكاتب لا تقم بتحليله.

ويضيف خيرى: على معمل التحليل بالمصنع أن يقوم بتحليل الزيت قبل تكريره، ولكن إمكانات المصنع الضعيفة فهى لم تتطور منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حتى الآن.




عملية التكرير فى المصنع، وفقا لخيرى، لابد أن تتم من خلال جهاز يسمى «فاكيوم» وهو الجهاز المسؤول عن تفريغ الهواء ومنع تأكسد الزيت، ولكن داخل شركة مصر للصابون يتم الاستعانة بأجهزة بدائية، ويسمى «رذاذ» حلل تعادل ويستخدم من خلال حلة يضاف إليها المواد اللازمة لفصل الصموغ عن الزيت، من خلال إضافة الصودا الكاوية، ويتم فصل الصموغ على صورة صابون وتخرج باستخدام قمع، كاشفا أنه تم تحرير عدد من المحاضر ضد الشركة ومنتجاتها.

يذكر أن هذه الشركة تعانى من تدهور كبير فى كل قطاعاتها، وليس فى مجال إنتاج الزيت فقط، وحاول العاملون بها أكثر من مرة اللجوء للاعتصام والمطالبة بحقوقهم المهدرة بلا فائدة.

وفى رد للمهندس عبدالمعطى محمد، رئيس قطاع الشركة بسندوب بالمنصورة، أكد أن ما يقال عن الزيت وإنتاجيته بالشركة غير صحيح وأن الآلات الموجودة بالمصنع متطورة للغاية، وتنتج الزيت بجودة عالية.
شركات الإسكندرية

ثلاث شركات فى الإسكندرية تنتج الزيت، « الإسكندرية للزيت، الملح والصودا، الزيوت المستخلصة»، وأثير حول الأولى لغط حول منتجاتها فى عهد وزير التموين الأسبق باسم عودة لزيت التموين فى فرع كفر الزيات.

بدأنا بشركة الإسكندرية للزيت والصابون والتى يتجاوز عمرها مائة عام، وتنتج عددا من المواد وهى: الزيت والصابون والمسلى الصناعى والأعلاف، وينقسم إنتاجها من الزيت إلى زيت تموينى وآخر حر.

يقول خالد طوسون، القيادى العمالى بالشركة: إن الآلات الموجودة بالشركة والمسؤولة عن الإنتاج موجودة منذ وقت تأسيس الشركة، كما إنها لا تخضع لأى تطوير، ومنها جهاز نزع الرائحة والمتوقف عن العمل بالشركة.

ويحتاج الزيت ليخرج بالجودة المطلوبة أن يتم تصفيته من الفسفور نهائيا، من خلال إزالة الروائح واللون ليخرج أبيض فى صورته النهائية، بعد إزالة الفسفور والروائح المطلوبة، كما أنه لابد أن يخضع للتكنولوجيا اللازمة للإنتاج وهو غير المتوفر بالشركة ويتسبب هذا فى عدم خروج منتج صحى %100.

شركة أبوالهول المصرية للزيوت والمنظفات، أو الملح والصودا كما يطلق عليها «فهى وفقا لوسام جلال، رئيس اللجنة النقابية بالشركة، تنتج حوالى 8000 طن شهريا من زيت التموين، وهذا الإنتاج يخرج رغم تهالك الآلات وعدم خضوعها للإحلال والتجديد الدورى، معتبرا أن هذه هى المشكلة الرئيسية التى تقابلهم فى الشركة».

شركة الملح والصودا والتى يزيد عمرها على 80 عاما لآلاتها نفس عمرها تقريبا، والآلات المتهالكة لا تستطع إنتاج زيت جيد، لذا تعمل الشركة للحصول على قرض من القابضة للصناعات الغذائية للتطوير.

الآلات المتهالكة لا تؤثر فقط على جودة الزيت ولكنها تؤثر على إنتاجيته أيضا، وهو ما يظهر فى عدد من الوحدات ذات القدرة الإنتاجية الضعيفة، وتتسبب فى خسائر للشركة بسبب ضعف الإنتاجية.

أما شركة الزيوت المستخلصة بالإسكندرية، فعندما تدخل لمصنع التعبئة، سيقابلك نفس المشهد الموجود بباقى المصانع السابقة، وكأن الشركات والدولة اتفقت على طريقة واحدة للإنتاج، داخل المصانع، حيث الكراتين الملقاة أرضا والزجاجات المفتوحة، والعامل الذى يقوم بمهمة التعبئة والتغليف بدلا من الماكينات.

تلحظ حالات الآلات القديمة وهو ما يؤكد عليه حسن محمدين، رئيس اللجنة النقابية، قائلا: إن الفارق بين شركات القطاع العام والخاص يظهر فى الإنتاج من خلال كم الإنتاج الذى تنتجه كل شركة وفقا لإمكاناتها وجودتها.

ولذا فضخ الاستثمارات فى رأيه هو الحل الوحيد لإنتاج زيت بجودة عالية تصل إلى %100، أحد مهندسى الإنتاج فى الشركة قال: إن الإنتاج يستخدم فيه طرق بدائية للغاية تؤثر فى النهاية على جودة المنتج فيما يخص تكرير الزيت وضبط رقم البروكسيد الخاص به، ويتضح هذا من خلال عملية الطرد المركزى للأحماض الدهنية المفترض أن تقوم بها الآلات وتتم بشكل يدوى، والطرد المركزى فى الزيت يعنى فصل بقية المكونات غير الضرورية منه.

أبوسعدة للزيت الأولين مع الصويا

شركة أبوسعدة للزيوت وهى إحدى الشركات الخاصة التى تنتج زيت تموينى فى الإسكندرية والتى لا تتبع القابضة للصناعات الغذائية تواجه مشكلة أخرى غير التكرير وهى التلاعب بنوعية الزيت واستخدام زيت أولين فى الخلط بدلا من زيت عباد الشمس مع الصويا، وهو غير مطابق للمواصفات القياسية أو مواصفات الزيت المدونة على الزجاجة المستخدمة.

إضافة إلى ما به من أضرار على المواطن حيث إنه مع إضافة زيت الأولين مع زيت الصويا، يتسبب فى تكوين رواسب تؤثر سلبا على صحة متناوله وتتسبب فى حدوث أمراض مع الوقت.




ويتضح وجود زيت الأولين بسهولة فى العينات التى حصلنا عليها من الشركة المذكورة من خلال تجمده فى درجة الحرارة العالية وفصله عن بقية الزيت، وهى واحدة من مواصفات زيت الأولين «النخيل».

ويرى خالد عيش، رئيس نقابة العاملين بالصناعات الغذائية، أن شركات الزيت لا تمتلك الإمكانات اللازمة للإنتاج ولا يوجد لديها الماكينات المستعدة لذلك، وتتبع الشركة القابضة للصناعات الغذائية سبع شركات هى المسؤولة عن الإنتاج بشكل رئيسى، ولتستطع أن تنتج زيتا يصلح للاستهلاك الآدمى، فلابد أن يحدث تغيير كامل فى منظومة ماكيناتها.

ويؤكد عيش أن نسبة الشوائب فى زيت التموين من 30 إلى %40.

جميع الشركات المنتجة لزيت التموين تخضع للقانون رقم 203 و159 ومنها شركات يساهم بها اتحاد المساهمين والشركة القابضة، وبعض الشركات لم يتم ضخ استثمارات بها للإحلال من حوالى 15 سنة، ووفقا للقانون تساهم الشركات بالعمل من خلال اتحاد الملاك.

ونظرا لفشلنا فى مقابلة الرئيس الحالى، فقد قابلنا الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات الغذائية الذى قال لنا: إنه وفقا للمنظومة القديمة لإنتاج التموين، فتغطى الشركة القابضة حوالى %50 من إنتاج شركات الزيت وتعتمد فى الباقى على شركات «كونسرتيوم» تتبع القطاع الخاص وتكون مسؤولة عن الإنتاج.

مضيفا: تنتج الشركات الحكومية حوالى 49 ألف طن زيت شهريا، وهى شركات: النيل للزيوت وطنطا وإسكندرية للزيوت ومصر للزيوت، وأبوالهول للزيوت، والزيوت المستخلصة.

ويؤكد كامل أن كل شركة من هذه الشركات تقوم بإنتاج الزيت حسب طاقته وقدرته الإنتاجية، كما تقوم الشركات بتكرير الزيوت وفقا للمواصفة القياسية وكراسة الشروط المطلوبة.

وأوضح كامل أن هذه الشركات تخضع لتفتيش مستمر على الإنتاج للتأكد من أن الزيت مطابق للمواصفات.

كما أنها تخضع لتفتيش مستمر من كل قطاعات الدولة، طبقا للمواصفات القياسية المصرية، و لا يتم استلام زيت يشتبه فى وجود مواد غير جيدة به.

ويقول المتحدث باسم وزارة التموين محمود دياب: إن الزيت يتم استيراده من دول بحر القزوين، والبحر الأسود، ويبلغ حجم المستفيدين منه نحو 69 مليون مواطن عبر 18 مليونا و200 ألف بطاقة،

مضيفا: فى النظام القديم كانت الدولة تستهلك 9 مليارات جنيه سنويا، وحجم زجاجة الزيت من المفترض أن تكون كليو ونصف الكيلو للفرد، وهى زيت خليط %50 عباد %50 صويا.

ويتكون زيت التموين وفقا له من خليط نسب من زيت الصويا وزيت عباد الشمس يحتوى زيت الصويا على نسب كبيرة من البروتين، لذا يفضل الاعتماد عليه أكثر من زيت عباد الشمس.

ووفقا للمواصفات القياسية المصرية الخاصة بزيت القلى والأطعمة يجب الالتزام بعدد من المواصفات عند الإنتاج، وهى ألا تزيد نسبة المواد المتطايرة على 1.5 وألا يزيد الرقم الحمضى على %0.6 مجم هيدروكسيد لكل جرام زيت نقى.

إضافة إلى عدم زيادة رقم البروكسيد على 10 مللى من الأكسجين الفعال لكل كجم زيت، وألا تزيد نسبة المواد غير القابلة للتصبن على%1.5، وألا تزيد نسبة الشوائب غير قابلة للذوبان على 00.5 بالوزن، ولا تزيد نسبة المحتويات الصابونية على %0005، ويجب ألا يزيد حد كل من الزرنيخ والرصاص والنحاس على 1. مجم لكل كجم والحديد على %1.5 مجم لكل كجم.

ولا تقل نسبة التدخين بها عن 232 س درجة مؤوية، وألا يقل الوميض عن 329 س درجة مؤوية، وألا يقل الاحتراق عن 362 درجة مؤوية س، وألا تزيد نسبة المركبات القطبية الكلية على %4.6.

وأن يكون الزيت خاليا من الزيوت البحرية وأن يكون معيار اللون به بمقياس فى حدود 35 أصفر إلى أحمر فى خلية مقاسها 5.25 بوصة، ويجب أن يعبأ المنتج فى عبوات تكفل حمايته من حدوث تغيير فى خواصه أو صلاحيته للاستهلاك الآدمى، كما يوضع على الغلاف اسم المنتج وعنوانه وعلامته التجارية وعبارة زيت الطعام لأغراض القلى والتحمير، بالإضافة إلى وضع بيان بالزيوت الموجودة بالمنتج وصافى المحتويات، طبقا لما هو وارد فى المواصفة رقم 2295، بالإضافة إلى تاريخ الإنتاج والصلاحية طبقا للمواصفة رقم 2613 لسنة 2002.

ويشترط أن تكون الزيوت النباتية المستخدمة فى الخلط مطابقة للمواصفة القياسية الخاصة بكل منها، وأن يكون المنتج تام السيولة ورائقا وخاليا من التغبش على درجة حرارة الغرفة أو 20 درجة س شتاء وله الطعم والرائحة المقبولة.

كما يراعى ما جاء بالمواصفات القياسية المصرية رقم 1546، 3386 على أن يوضح على العبوات أو البطاقات الملصقة عليها وبطريقة غير قابلة للمحو أو الطمس للبيانات التى يحرر كتابتها بلغة أجنبية أخرى بجانب العربية.

ولابد أن تشمل بقية المواصفات بيان بالمواد المضافة وتنقل المنتجات المعبأة بطريقة تحفظها من التلوث والتلوين الميكانيكى، ولابد أن تخزن العبوات بعيدا عن أشعة الشمس المباشرة وبعيدا عن مصادر الحرارة والرطوبة والمواد الضارة، ولا تتعارض العبوات المستخدمة مع المواصفات القياسية الخاصة بالعبوات والقرارات الصادرة بشأن الأوعية المستخدمة فى تعبئة المواد الغذائية.









مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة