هل كان منّا من يتخيَّل أن تظهر فى القرن الحادى والعشرين جماعات إرهابية تسىء إلى الدين والدنيا معا وترتكب أبشع الجرائم وتتورط فى أكثرها وحشية وظلامية، فالقتل على الهوية وتجريف المدن والقرى وعمليات الإعدام الجماعية، بل المضى إلى ما هو أبعد من ذلك بفرض الجزية التى أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من ديارهم تحت مظلة «التهجير القسرى»، فضلا على ترويع الناس بعمليات رجم النساء وفرض «الختان» عليهن، بل بيعهن «سبايا» فى الأسواق! وكأنما هى عودة متعمدة إلى جرائم العصور الوسطى، والغريب فى الأمر أن رد الفعل الدولى لم يكن بالقوة التى كنَّا نتوقعها، بل إن الضربات الجوية الأمريكية هى تكفير عن الخطيئة الأمريكية الكبرى فى أرض الرافدين عندما جرى حل الجيش العراقى وتوابعه من الأجهزة الأمنية بدعوى اجتثاث البعث، فجاءه من جديد تحت مظلة إرهابية دموية بدلا من أن يكون حضوره تحت مظلة وطنية تحمى البلاد والعباد.
ولعلنا نتطلع أيضا إلى المؤسسات الدينية الكبرى فى العالم الإسلامى وفى مقدمتها «الأزهر الشريف» الذى أنشأ ما أسماه «بيت العائلة» للحفاظ على الوحدة الوطنية وضرب الفتن الطائفية وقد كانت المناسبة التى أدت إلى تحرك الأزهر يومها هى عدوان على كنيسة عراقية، وها هو الأمر قد امتد لكى يكون عدوانا على كل الكنائس فى واحدة من أبشع جرائم العصر وأكثرها خطورة على مستقبل الإنسانية وأشدها تأثيرا فى السياستين الدولية والإقليمية، فلم يعد الشرق الأوسط هو ذلك الذى كنَّا نعرف بل إن الخريطة السياسية برمتها مرشحة لتغييرات خبيثة وخطيرة، وما لم يتنبه الغافلون فإننا سوف نكون أمام أكبر مأساة إنسانية عرفتها المنطقة.
د. مصطفى الفقى يكتب: جماعات إرهابية تسعى جاهدة لإعادة العصور الوسطى.. مشاهد التهجير القسرى وسبى النساء بالعراق لا يمكن السكوت عنها.. المؤسسات الدينية الكبرى مطالبة بدور أكبر لمواجهة الطائفية
الأربعاء، 20 أغسطس 2014 08:36 ص
د. مصطفى الفقى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة