أكرم القصاص - علا الشافعي

كرم جبر

بعد عبدالرحيم ونائلة.. الدور على مين؟

الأربعاء، 20 أغسطس 2014 05:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليست المشكلة الإطاحة بعبدالرحيم على، ونائلة عمارة من قناة «القاهرة والناس»، وقبلهما رانيا بدوى، وأمانى الخياط، وآخرون، والله أعلم الدور على مين، لكن الأهم هو تحصين حرية الإعلام التى تحققت فى السنوات الأخيرة، منعًا لحدوث انتكاسة تحرق الأرض المكتسبة، وتعيد إلى المشهد طقوس التجريدات الإقصائية فى عهود سابقة، ليست بيد الدولة أو الأجهزة الأمنية، لكن بفلوس ونفوذ رجال الأعمال المسيطرين على الميديا، ويستطيعون التنكيل بمعارضيهم بسهولة، ولأن المصالح تتصالح فقد يتبادلون المصالح، بمعنى «ريحنى وأريحك، مشى فلان اللى بيهاجمنى مقابل عدم الإقتراب منك»، أو أن يتحول الإعلاميون إلى فتوات يحاربون فى معارك أصحاب القنوات، وإذا أغمضت عينيك وفكرت قليلًا فسوف ترى بعض النماذج.

فطن رجال الأعمال إلى هذه الحقيقة مبكرًا فامتلكوا %90 من الفضاء، وأنفقوا الملايين الساخنة، وقلبوا موازين الأجور والرواتب بأرقام فلكية تدفع للمذيعين والمذيعات، مما جذب كبار الصحفيين لتقديم البرامج المجزية ماديًا ومعنويًا، وليس فى ذلك عيب، فقد ارتفع مستوى برامج التوك شو، وأصبحت أكثر سخونة وحيوية وجذبًا للمشاهدين، وساهمت فى رفع مستوى الثقافة السياسية بشكل غير مسبوق، وتجسد ذلك فى الحراك السياسى المتدفق قبل 25 يناير حتى الآن، وكان الإعلام البطل الحقيقى فى إسقاط نظامين، وزيادة نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والاستفتاء على الدستور، وكلها استحقاقات إيجابية، يجب الحفاظ عليها وتدعيمها وتعظيم دورها.

الأزمة - فى رأيى- جاءت من عدة أمور، أهمها الفوضى التى ضربت الشارع المصرى فى السنوات الأخيرة، والسباق المحموم للفضائيات للمنافسة والتفرد، وجاء ذلك هلى حساب المهنية والقواعد الأخلاقية، فأصبحت الاتهامات تطال الجميع جزافًا بلا سند أو دليل، ثم ارتدت كرة النار إلى الإعلاميين أنفسهم، فطالتهم النيران التى أشعلوها فى غيرهم، واتجهت إلى صدورهم سهام الاتهام، حتى جاءت قضية التسريبات التى قلبت المائدة فوق كثير من الرموز والنشطاء، فارتفعت أصواتهم مطالبة بوقفها، وإصدار ميثاق شرف إعلامى يحمى الحياة الشخصية ويصونها من العبث، ولكن لم تجد أصواتهم قبولًا، لأن الذاكرة لم تنس أنهم أول من استخدم ضد خصومهم تلك الأسلحة التى يطلبون تحريمها، ولو راجعنا الشخصيات التى تم حرقها منذ 25 يناير حتى الآن لوجدنا أن الناجين من المقصلة أعداد قليلة.
المؤيدون لبث التسريبات يربطون ذلك بكشف أسرار تخدم مصلحة الوطن، والمعارضون يعلقون أسبابهم أيضًا على الإضرار بمصالح الوطن، والوطن برىء من هذا وذاك، ومصلحته فى شىء واحد، هو الحفاظ على حرية الإعلام، وتنقية الممارسة من حالات الانفلات والتشويه والتجنى، وحماية الحرمات والحريات الشخصية، ولن يتحقق ذلك إلا بإصدار ميثاق شرف إعلامى محترم، لا يكون مبهمًا ولا غامضًا ولا إنشائيًا، ولا يتحدث فقط عن القيم النبيلة والمعانى السامية، إنما يرتبط بآلية واضحة تضمن احترام نصوصه وتطبيقها، ونحن لا نخترع العجلة فقد سبقتنا دول أكثر حرية وديمقراطية فى هذا المجال، ولا مانع من اقتباس تجاربها الناجحة.

أخطاء الممارسة الديمقراطية لا يتم علاجها بالغلق والمصادرة والمنع والإبعاد والإقصاء، إنما بمزيد من الديمقراطية الملتزمة بالميثاق والقانون، والتى تصون الحريات العامة وتحميها، والخطر القادم على حرية الصحافة والإعلام لن يكون الدولة البوليسية أو الإجهزة القمعية، ولكن من أصحاب الدار أنفسهم، فرجل الأعمال الذى لن يحصل على حقه بالقانون، سيأخذه بالمال والنفوذ وتبادل المنافع، والإعلامى الذى يستعرض عضلاته اليوم قد يصبح مقصوص الجناحين غدًا... وإييييييه دنيا!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة