رأى الكاتب والمحلل السياسى الأمريكى بيتر بينارد أن الشباب الأمريكى والأقليات والليبراليين فى أمريكا - وهم الدوائر التى قدمت الدعم الساحق للرئيس الأمريكى باراك أوباما ليصبح رئيسا ، والذين تتزايد نسبتهم فى عدد سكان الولايات المتحدة - هم من يعارضون السياسة الأمريكية المنحازة إلى إسرائيل ، والتى تغض النظر عن بشاعة جرائمها فى حق الشعب الفلسطينى، وأن التحالف الأمريكى الإسرائيلى أصبح على المحك فى المستقبل.
وقال بينارد – فى تقرير نشرته صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" على موقعها الإلكتروني،اليوم السبت - "عاش أوباما فى مدينة شيكاغو الأمريكية فى شارع تتواجد به أقدم طائفة يهودية فى شيكاغو "كام إشعياء إسرائيل" ، ويتولاها الحاخام أرنولد جاكوب وولف الذى كان الرئيس المؤسس "لبريرا" - وهى أول جماعة يهودية أمريكية تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية - وطوال حياته المهنية ، تحدى بحماس سياسات الاستيطان الإسرائيلية والمنظمات اليهودية الأمريكية التى بررت لإسرائيل الاستيطان ، وفى عام 1970 ، فى كلمات تشبه ما يحدث حاليا وكأنها كتبت صباح اليوم ، ندد وولف بقادة اليهود الأمريكيين فى القضية الإسرائيلية الذين "لا يطالبون بالدعم فقط، وإنما بالخضوع أيضا ... وأن أى جماعة ولاؤها أقل لإسرائيل ، وأى حاخام يحمل آراء مستقلة عن الوضع فى الشرق الأوسط ، سينظر لهم بعين الريبة ، بالإضافة إلى الكراهية بالتأكيد".
وأوضح الكاتب بينارد أن وولف من المعجبين بأوباما ولكنه يعتبره "جبانا" ، وتوقع الحاخام وهو فى الثمانين من عمره قبل شهر من انتخاب أوباما وثلاثة أشهر من وفاته .. قائلا "على الرغم من أن أوباما يعرف أكثر من أى شخص عن الوضع فى الشرق الأوسط ، فإنه سيكون حذرا ولن يقوم بفعل أى شئ من شأنه زعزعة المجتمع اليهودى ، وأنا لا اتفق معه فى ذلك ، ولكن هذا ما سيحدث".
وأكد بينارد أن وولف كان محقا ، فقد أصبح أوباما يضع ضغوطا قليلة لمنع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بينيامين نتنياهو من التوسع فى بناء المستوطنات أقل من سلفه جورج بوش.
وعلى الرغم من عدم تغيير أوباما لسياسة أمريكا مع إسرائيل ، فإن التحالف الأمريكى بدأ فى التغيير ، وبالنظر إلى استطلاعات الرأى خلال الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية: يدافع غالبية الأمركيين عن الأفعال الإسرائيلية ويلقون باللوم على حماس فى تصعيد أعمال العنف ، ولكن الفئة العمرية التى دعمت أوباما سابقا على النقيض من ذلك ، فهى تدين أعمال العنف من الجانب الإسرائيلى وتتعاطف مع حماس.
ونقل الكاتب والمحلل السياسى الأمريكى نتيجة استطلاع للرأى أجراه مركز جالوب لاستطلاعات الرأى ، جاء فيه أن الأمريكيين فى عمر 65 يدعمون إسرائيل بنسبة 24 نقطة ، بينما من تقل أعمارهم عن 30 عاما يعارضون إسرائيل بفارق 26 نقطة.
وبالنسبة إلى الأقليات العرقية والإثنية ، يدعم الأمريكيون البيض الحرب بنسبة 16 نقطة، ولكن ذوى البشرة السمراء يعارضون ذلك بنسبة 24 نقطة ، ووفقا لمركز بيو للأبحاث ، يلقى المحافظون بنسبة 54 نقطة أكثر اللوم على حماس فى القتال من إسرائيل ، بينما بات موقف الليبراليين متعادلا.
واستطرد بينارد.. قائلا : ما هى القواسم المشتركة بين الشباب والأقليات والليبراليين؟ انهم الدوائر التى قدمت الدعم الساحق لباراك أوباما ليصبح رئيسا ، وعند سؤالهم عن الثقافة والحرب والسلام ، فإنهم غالبا ما يعتقدون أنهم أشبه فى التفكير بنظرائهم الأوروبيين عن آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم ، وفى عام 2013، على سبيل المثال، وجدت مؤسسة "بيو" للدراسات أن الأميركيين تحت سن 30 يصدقون الأمم المتحدة بنسبة 24 نقطة أكثر من الأمريكيين فوق سن الـ50 ، وهو أكبر فارق فى السن فى أى من البلدان السبعة عشر التى شملتها دراسة بيو ، ووجد استطلاع بيو 2012 أن الأمريكيين الشباب يتفوقون ب 30 نقطة عن كبارهم بالقول انه يجب على الولايات المتحدة "تجنب المواجهة العسكرية" مع ايران بدلا من "اتخاذ موقف".
ورصد بينارد أن الأمريكيين ينمون أقل تعصبا للقومية ، وأقل تشددا ، وأقل تدينا وأقل ميلا إلى النظر فى ثقافتها المسيطرة ، وانهم سينمون أقل تعاطفا مع حكومة إسرائيلية يحددها بالضبط تلك الخصائص، وتساءل: متى سيغير ذلك من السياسة الامريكية؟.
وأجاب أنه لم يتوصل لميعاد محدد لذلك ، ولكن فى كل مرة يندلع بها الصراع ، خصوصا فى حالة ما استمرت إسرائيل بانتخاب حكومات معادية لدولة فلسطينية قابلة للحياة ، فإن المزاج الأمريكى سيتحول تدريجيا ، وبالفعل خسرت إسرائيل جون ستيوارت، المتحدث الأكثر تأثيرا للشباب الليبرالى فى أميركا .
ورأى الكاتب والمحلل السياسى الأمريكى بيتر بينارد أنه فى نهاية المطاف ، فإن المخاوف السياسية التى قيدت أوباما لن تقيد خلفاءه الأيديولوجيين.
