خبر شهادات الاستثمار الخاصة بقناة السويس خبر سار للمصريين.. وقرار حكيم أثنى عليه الخبراء الاقتصاديون وأُثنى عليه أنا أيضا ليس بصفتى شاعرا، وإنما بصفتى رجل اقتصاد بحكم دراستى وقمتُ بدراسات عليا فى إدارة الأعمال بعد حصولى على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس.
الجميل فى القرار هو استخدام طريقة تمويل لا تعتمد على الملكية.. فلو أن المشروع تحول إلى شركة مساهمة مصرية لَفَتَحَ المجال لأشخاص «حقيقيين أو اعتباريين» أجانب لشراء الأسهم.. والسهم يعنى الملكية.. وطبعا لنا سابقة ليست بالبعيدة مع مثل هذا الإجراء فى العهود البائدة.. وحتى لو تم إصدار قانون بمنع شراء الأسهم لغير المصريين فسيؤدى هذا إلى نتيجتين كلتاهما أسوأ من الأخرى.
الأولى: أن تتجه الجهات الأجنبية للاستتار خلف شخوص مصرية تحركها كالدمى.. والثانية: أن يعزف المصريون أنفسهم عن شراء الأسهم، حيث إنهم سيشعرون بضعف قيمة السهم فى البورصة العالمية، والجميل فى القرار أيضا أنه لم يعتمد على إصدار السندات وتحميل ميزانية الدولة ديونًا تظهر فى ميزان المدفوعات للدولة وتؤثر على سمعتها الاقتصادية.
إذًا كان قرار شهادات الاستثمار قرارا حكيما ومدروسا.. فلا نقول إنه بِدعة ابتدعتها الحكومة المصرية فهو نظام قديم ومشهور عالميا.. ولكن نقول إنه كان خيارا من ضمن خيارات كثيرة مطروحة وتم اختياره بذكاء وبصيرة، إلى هذا الحد نكون قد أعطينا متخذ القرار المصرى حقه فى الثناء والعرفان ولم نقصر تجاه حكمته ورؤيته وعلمه.. ولكن.. خروج «محلب» رئيس مجلس الوزراء شخصيا للحديث عن تفاصيل المشروع- رغم أنه يزيده الكثير من الهيبة والثقة- غير أن حديث «محلب» نفسه يحتاج للكثير من التفسير والدقة.
قال سيادة رئيس مجلس الوزراء إن الشهادات ستكون بالدولار والجنيه المصرى.. ثم عاد وقال ستكون بالدولار واليورو فقط.. وقال سيادته إن الفائدة ستكون %12 سنويا ثم قالت نشرة الأخبار فى التليفزيون الرسمى «قناة النيل للأخبار» فى نفس اليوم إن الفائدة ستكون بواقع %10 فقط، كل هذا الخلط واللغط لا يتماشى مع مشروع فى حجم مشروع قناة السويس الجديدة ولا يتماشى مع ثقل وحجم منصب رئيس مجلس الوزراء المصرى.. والمشكلة الكبرى أن هذا الخلط فى الأرقام لا يصلح ولا يمكن أن يكون مقبولا أصلا فى عالم الاقتصاد.
أكتب مقالى هذا لأننى كنتُ أنتظر إصدار هذه الشهادات- كأى مواطن مصرى- لشرائها باسم أولادى القصّر ليكبروا ويشعروا بانتمائهم ووطنيتهم وأنهم كانوا جزءًا من هذا المشروع العظيم وأنهم نعِموا بخيره ودفعوا من أموال أبيهم ليشاركوا فيه.. وأنا أعرف أن مثلى مثل العديد من المصريين الذين سيقبلون على هذه الشهادات لهذا السبب.. ولكن يجب على الدولة وعلى الإعلام الرسمى فى الدولة أن يكون أكثر حرصا وأكثر دقة فيما يخص البيانات الرقمية والنوعية الخاصة بالمعاملات المالية لإرساء الثقة عند المواطن المصرى أولا وعند المستثمر الأجنبى ثانيا.
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
محافظة الاقصر
ربنا يتمم على خير