نوارة نجم

المرأة والثورة ومصير الغلابة

الأحد، 17 أغسطس 2014 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المرأة فى مصر، شأنها شأن الثورة، بل يكاد يكون مصيرهما متطابقا:
كلاهما يتم تخزينه على الرف فى حال استقرار الحكم والسيطرة على البلاد، كلاهما يتم إنزاله من فوق الرف، ونفث التراب عنه والتذكير به لاستخدامه من أجل أغراض سياسية.
وما أن ينال رافعو الشعار مأربهم حتى تتحول الثورة إلى مؤامرة وتخريب، والمرأة إلى كم مهمل، يستباح فى البيت، والشارع، والعمل.
نالت المرأة المصرية دور البطل التراجيدى بامتياز فى كل الخطوب التى مرت بمصر، فكان لها دور فى الثورة، ودور فى الانتخابات والاستفتاءات، كما إن لها دور فى التحرش بها، وفى تحقيرها، وتسفيهها، بدءا من شيطنتها فى خطب رجال الدين الذى قال أحدهم: الشر كله من المرأة، وانتهاء بالسخرية من مظهرها أثناء متابعة كأس العالم: شايفين النسوان؟
ولا أدرى كيف يكون الشر كله من المرأة، أو تكون المرأة كلها شر؟ هل والدة هذا الرجل شر؟ وأخته شر؟ وزوجته شر؟ وابنته شر؟ وإذا كن جميعهن شرا، فأنت حضرتك من عيلة واطية احنا ذنبنا إيه؟ ولماذا تكون المرأة شرا فى وقت الدعة والسلام، وتكون «حرائر» فى وقت التضحية والبذل والموت؟ تماماً كما إننى أتساءل: لماذا تكون الثورة نبيلة حين تكون خارج الحكم، وتصبح تخريباً حين تكون أنت فى الحكم؟
لا أدرى لماذا ينظر بعض الرجال إلى نساء حضرن كأس العالم، وينشرون صورهن، وهم يتساءلون: شايفين النسوان ولا ينظر أحدهم لنفسه فى المرآة ثم ينظر لرجال حضروا كأس العالم ويتساءل: شايفين الرجالة؟ ولماذا لا يرى فى المرأة سوى النهود والأرداف فى وقت السلام، ثم يستحث المرأة المصرية إلى التضحية والمشاركة فى ساعة العسرة؟
بصرف النظر عن أهداف تقرير «تومسون رويترز» الذى وضع مصر كأسوأ دولة فى معاملة النساء، لكن الحقيقة أن ما ذكره التقرير هو واقع، والأمر لا يتعلق بفرص المرأة فى العمل، فالمجتمع، والدولة، والأسرة، يحتاجون إلى عمل المرأة أكثر مما تحتاج هى، ولا يليق أن يدعى بعض المنادين بعودة المرأة إلى المنزل بإنها تعمل من أجل تحقيق ذاتها! فلو إن النساء قررن فى صباح يوما التخلى عن عملهن لانهار الاقتصاد المصرى، ولتسولت الأسر المصرية كسرة الخبز، لكن سوء المعاملة فى مصر للمرأة يكمن فيما يسمى باللهجة الدارجة «كسرة النفس».
لن أتحدث عن سوء المعاملة فى المنزل بدعوى «حسن التربية»، أو العقد التى يمارسها الزملاء الذكور على بعض النساء فى العمل لتسفيههن، ولن أتحدث عن ثقافة المجتمع، أو الثقافة الدينية التى تهين المرأة حتى بلغ الأمر بشيخ سلفى لا داعى لذكر اسمه إلى السخرية من أم المؤمنين السيدة عائشة وهو يروى عنها رواية ثم يقول: «شوف الستات مخهم صغير إزاى؟!»
سأتحدث عن ظاهرة التحرش إذ إنها الأكثر فجاجة، التحرش ظاهرة عالمية، لكن بالله عليكم، فى أى بقعة من العالم يتم نقل المرأة إلى المستشفى بعد التحرش بها سوى فى مصر؟ فى أى بقعة من العالم يقول الرجل المتحرش للمرأة: يا شـ***** تعالى *****؟ ليه يابنى؟ ليه يا بابا؟ أنت كده بتعاكس ولا بتتخانق مع الدّيانة؟ الأمر لا يتوقف عند التحرش، بل ذاك الأسلوب العنيف الذى ينم عن كراهية عميقة، ورغبة عارمة فى كسر الضحية، امتهان يصاحبه ولع بالانتقام، وسبحان الله، دائما ما يتطابق ذلك مع رغبة من يصل إلى السلطة فى التنكيل بالثورة.. حظ الغلابة مايل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

moustafa

البيت

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة