لا شك أن المعرفة شىء رائع وعظيم فى حياتنا، ولكنها ليست غاية، فنحن نسير ونتصرف بدافع التجربة والخبرة، فالتعليم بواسطة القراءة والكتابة فى حد ذاته ليس كافيا لخلق إنسان يفكر.
يقول تشاناكيا: «هؤلاء الذين قرأوا وأعادوا قراءة النصوص ولم يسبروا أغوارها ويدركوا معانيها، فهم مثل المغرفة التى تتحرك فى إناء الطهى دون اشتهاء مذاق ما يتم طهوه».
فكل ما حولنا قد يساعدنا على المعرفة من وسائل الإعلام المختلفة، ولكنها ليست كافية للارتقاء بالنفس، بل ما يزيدنا حكمة هو عدم توقفنا فقط على زيادة وحشو العقل بكثرة المعلومات من خلاصة تجارب العلماء والمفكرين والحكماء، بل لابد أن نبحث بشكل دائم عن الحقيقة من وراء تلك المعرفة ومدى تأثيرها فى حياتنا وتفاعلنا معها وهى ما تجعلنا نتصف بالحكمة وهى ما تجعلنا ننموا بشكل راقٍ ومبدعٍ فكلما كان هدفنا الحكمة كلما كنا أكثر هدوء وتعقل وأكثر الناس سعادة.
لذلك نجد هناك فئة من الناس تعيش بعقلها فقط، بالفعل سوف يحققون نجاحات متتالية وإنجازات قد لا يتخيلها أحد، لكن فى عالمهم الداخلى سوف يخفقون بشكل كامل، لأن الشخص الذى يفكر ويعتمد على عقله فقط، ينقصه الكثير كى يصبح إنسانا بمعنى الكلمة، فالعقل دائماً ما يتجه إلى الخارج، وهناك من يركز على قلبه فلا يزعج نفسه بكثرة الإنجازات العلمية ولا بالأسئلة المحيرة والغامضة ولا إلى أى مدى تطور الكون، لذلك نحن فى أشد الاحتياج إلى تكامل النفس إلى حد ما للارتقاء بها.
لذلك نجد أن المعرفة والإدراك والخبرة جزء من عالمك الممتد فهى جزء من وسائل اكتساب الحكمة، وهى مكملة لتكوينك الذاتى، انفصالها عن بعضها يحدث خللا قد لا تستشعره فى حينه، ولكنه يؤثر على كل تصرفاتك بدون أن تشعر وهناك الكثير من المعارف التى قد لا تساعدك على اكتساب الحكمة فانتبه لذلك بل قد تبعدك كل البعد عن الطريق السليم.
لابد أن تعى وتدرك قيمة ودور المعرفة فى حياتك وما تؤديه من ارتقاء ذاتك، فلابد أن تتذوق وتدرك قيمة ما تعرفه بل قد يجب عليك أن تدرك أدق تفاصيله، فلا تكن مثل المغرفة التى تتحرك فى إناء الطهى دون اشتهاء مذاق ما يتم طهوه.
