لم تعد شكاوى المحتجزين والمسجونين بأقسام الشرطة مقتصرة على التعذيب وإنما ضمت الشكاوى أيضاً ضيق الحجز والزحام وسوء التهوية ولسان حالهم يقول: "إذا لم يمت المحتجز بقسم الشرطة من التعذيب مات من الأمراض الناتجة عن سوء التهوية والزحام".
معظم الحجوزات بأقسام الشرطة عبارة عن حجرة صغيرة لا تزيد مساحتها عن 4 أمتار تضم بين جدرانها العشرات من السجناء، لا يوجد بها إضاءة أو تهوية سوى "شباك" حديدى لا يتخطى قطره النصف متر تخرج منه أنفاس المتهمين قبل أن يموتوا اختناقا داخل هذه الحجرة التى تخرج منها الروائح الكريهة، فالسجين لا يجد موضع قدم يتحرك فيه، وعلى جانب الحجرة يوجد "حمام صغير" يمد الغرفة التى تفتقر التهوية بالرائحة العفنة، ووسط هذه الظروف القاسية ودرجة الحرارة المرتفعة يتساقط السجناء أمواتا، فمن لم يمت نتيجة تعرضه للتعذيب للاعتراف سريعا مات داخل زنازين الموت، التى يدخلها السجين على قدميه فيخرج على نعوش الموت.
وتحولت أقسام الشرطة فى الأشهر الماضية إلى ثلاجات للموتى، بعدما توفى عدد من السجناء بعدة أقسام، وسجلت مديرية أمن القاهرة أعلى نسبة فى وفيات للسجناء داخل أقسامها ما بين تعذيب وانتهاكات وتردى مكان الحجز، بمعدل 7 حالات خلال 3 أشهر وسط صمت تام من منظمات حقوق الإنسان، فعلى سبيل المثال يوجد 3 حجوزات بقسم المطرية مساحة الحجز 4 أمتار فى 4 أمتار وبها 160 مسجونًا وتنتشر بين المساجين الأمراض الجلدية بسبب عدم التهوية الجيدة بداخل كل حجز ويوجد بكل حجز ما يقارب 40 مسجونًا على الأقل.
وقالت والدة المسجون "يوسف.ى" لـ"اليوم السابع": "فوجئت بضباط المباحث يدهمون منزلنا ويلقون القبض على ابنى واقتادوه إلى قسم شرطة دار السلام، وذهبت إلى هناك وعرفت منهم أنهم ألقوا القبض عليه بتهمة الاشتراك فى تشكيل عصابى للسرقة مع أن ابنى لم يسرق أحدا قبل ذلك".
وتابعت الأم: "اتفقت مع محامى للدفاع عن ابنى وكنت أذهب إليه لزيارته بمحبسه داخل غرفة حجز القسم وأحرص على اصطحاب مأكولات ومشروبات وبعض الملابس له داخل محبسه، وعرفت منه أنه سوف يتم ترحيله فى القريب من القسم إلى مكان آخر".
وأضافت الأم: "حضرت قوة أمنية قبل الموعد المحدد لترحيل ابنى فطلب منهم الانتظار حتى حضورى بالملابس الداخلية الخاصة به، واندلعت مشادات كلامية بينه وبين الضباط وتطور الأمر لإطلاق الضباط الرصاص على ابنى و11 شخصا آخر كانوا داخل الحجز برفقته بحجة أنهم حاولوا الهروب، مما أسفر عن إصابة نجلى بطلق نارى بالقدم، ولم يكتف الضباط بذلك وإنما أحضروا (كرباج) و(شوم) وتعدوا بالضرب عليه وزملائه وحولوا الحجز إلى سلخانة للتعذيب".
واستطردت الأم: "ذهبت إلى قسم الشرطة وشاهدت ابنى يصارع الموت وتم نقله للمستشفى وحرر الضباط محضر محاولة هروب لإخفاء جريمتهم، فيما أن هناك 12 شابا (زى الورد) يصارعون الموت".
وقالت الأم: "ضابط الشرطة سب ابنى بأمه وعندما رد عليه انهالوا عليه بالضرب، وإطلاق الرصاص عليهم، فالبرغم من أن البلاد مرت عليها ثورتان إلا أن الثورة لم تصل الشرطة، حيث إن أقسام الشرطة مازالت موجودة بها السلخانات وزنزانات الموت، فابنى يصارع الموت داخل غرفة حجز لا تتعدى 3 أمتار طول بعرض وبداخلها 12 شخصا دون تهوية أو معاملة أدمية".
تبكى الأم وتستكمل حديثها، "خذوا ابنى من حضنى وشرعوا فى قتله لأنه رفض سباب الضباط وترك لى ابنه الرضيع وزوجته أعولهما حتى يخرج من محبسه، وتقدمت بعدة شكاوى لوزارة الداخلية لوقف عنف الضباط داخل أقسام الشرطة والتحقيق فى واقعة ابنى دون جدوى وحررت المحضر رقم 11923 جنح دار السلام لسنة 2014، بالواقعة حيث اتهمت ضباط قسم شرطة أول السلام بالشروع فى قتل ابنى داخل غرفة الحجز، حيث تحول القسم لسلخانة تعذيب ويساومنى ضباط الشرطة للتنازل عن البلاغ المقدم ضدهم".
وقال "محمد إبراهيم سيد أحمد" 59 سنة، والد "أحمد" الذى توفى بقسم المطرية إن نجله أنهى مدة سجنه على ذمة قضية بسجن "برج العرب"، وانقضت مدة السجن التى مقرر أن تكون 3 سنوات، خلال فترة أقل لحسن سيره وسلوكه، وهى عامان وشهران، ونقل لحجز قسم شرطة المطرية لإنهاء إجراءات الإفراج عنه صباح اليوم التالى، وفور نقله لقسم المطرية طلب من ضباط القسم نقله لغرفة منفصلة، نظراً لتكدس المحبوسين بالحجز وعددهم يفوق 400 شخص، قائلاً: "خفت عليه يحصله حاجة جوة الحجز، لأنه فيه أكتر من 400 شخص، وممكن التنفس يؤثر عليه ودى آخر ليلة وهيطلع الصبح"، مضيفا انه تلقى اتصالا هاتفيا من ابنه من داخل الحجز، وقال له : "يا بابا إلحقنى أنا بموت هنا فى الحجز مش قادر"، فقال له: "اصبر يا ابنى خلاص دى آخر ليلة، وعديها على خير، ومش مهم اللى يحصل، انت طالع الصبح"، وانتهى حديثهما وأغلقا الخط.
وفوجئ والد المتوفى، لدى توجهه لاستلام نجله بأنه مريض جداً ونقل للمستشفى، وعلم من المتواجدين بالقسم أنه توفى قبل وصوله لمستشفى المطرية التعليمى لتلقى العلاج، وخمن أنه طلب من أحد ضباط القسم إحضار طبيب لإجراء الكشف الطبى عليه فتعدى عليه وتسبب فى وفاته، حيث إنه توجد كدمات فى رأسه وذراعه اليسرى تدل على أنه تعرض للضرب داخل الحجز، حسبما أكد والد الشاب المتوفى.
كما شهد نفس القسم حادثتى وفاة وكان سبب الوفاة "هبوط حاد فى الدورة الدموية" وكانت الضحية الأخيرة هذه المرة رجلا فى العقد الخامس من عمره يعمل سائق تاكسى دخل القسم على خلفية مخالفة مرورية ارتكبها ليتم اقتياده إلى القسم وتحرر محضر له وقبل عرضه على نيابة المرور فارق الحياة.
الإخوانى جمال مصطفى ضحية الإهمال بطرة
شادى ماجد سعد ضحية التعذيب بقسم ثانى 6 أكتوبر
ضحية التعذيب بقسم 6 أكتوبر
قتيل المطرية
قتيل قسم المطرية ووالدهه يقبله بالمشرحة
والدة قتيل قسم السلام
موضوعات متعلقة..
وفاة سجين داخل حجز قسم ثان المنصورة بسبب مرضه بالكبد
أهالى المحتجزين بأقسام الشرطة: أبناؤنا يموتون بالتعذيب أو بسبب الزحام وسوء التهوية.. و40 شخصا على الأقل بالغرفة الواحدة دون إضاءة أو تهوية.. وشكونا لمنظمات حقوق الإنسان دون جدوى
الجمعة، 01 أغسطس 2014 09:38 م
أحد ضحايا الحجز فى أقسام الشرطة