فى ورقة تم العثور عليها فى اليوم الذى رحل فيه عن القاهرة متوجها إلى الإسكندرية، كتب خورشيد باشا آخر والٍ عثمانى لمصر بخط يده: "أترك خلفى رجلا سيصير أكبر متمرد فى الإمبراطورية، لم يكن سلاطيننا قط فى يوم من الأيام بمثل حيلة هذا الرجل المتقد النشاط"، كانت الورقة التى حملت هذه "العبارة النبوءة" فى دار الوالى المخلوع، وأما الرجل الذى يقصده فهو "محمد على باشا" الذى تلقى من السلطان العثمانى فرمانا بتنصيبه حاكما لمصر فى مثل هذا اليوم "9 يوليو 1805"، وهذا الجانب من القصة نجده فى كتاب "الفرعون الأخير- محمد على" تأليف "جيلبرت سينوية".
نص "الفرمان" على: "إلى محمد على والى جدة سابقا ووالى مصر منذ العشرين من شهر ربيع الأول، يوافق الباب العالى على اختيار العلماء لشخص محمد على، ويعلن أحمد خورشيد باشا مقالا من مهامه، وإلى ذلك يتعين عليه السفر إلى الإسكندرية مع كل الاحترام الواجب له، وهناك عليه انتظار التعليمات التى ستوجه له وتعيينه فى حكومة أخرى".
لم يكتب "السلطان العثمانى" هذا الفرمان بمحض إرادته، وإنما خضوعا لإرادة الشعب المصرى الذى ثار بقيادة "عمر مكرم" ضد التعيينات التى تأتيه من سلطة الدولة العثمانية "الباب العالى"، باعتبار أن مصر تقع تحت حكم هذه الدولة، وصمم الشعب على أن يختار حاكمه بإرادته فرفض تعيين "خورشيد باشا"، واجتمع وكلاء الشعب من العلماء ونقباء الصناع يوم 13 مايو 1805 وقرروا تنصيب محمد على حاكما، فى كتابه "تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر- الجزء الثانى". يقول عبد الرحمن الرافعى، إن المجتمعين انتقلوا إلى "دار محمد على" لإبلاغه بقرارهم فقالوا له: "إننا لا نريد هذا الباشا "خورشيد" واليا علينا ولابد من عزله من الولاية"، فقال محمد على: "ومن تريدونه واليا؟"، فرد الجميع بصوت واحد: "لا نرضى إلا بك وتكون واليا بشروطنا، لما نتوسمه فيك من العدالة والخير".
كان القرار إذن هو قرار الشعب، لكن"خورشيد باشا" استخف به حين أبلغه به الزعماء الذين قادوا هذه الثورة فقال: "إنى مولى من طرف السلطان، فلا أعزل بأمر من الفلاحين، ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة"، وبدأ فى تحصين القلعة وبتزويد رجاله بالسلاح والذخيرة من أجل إخضاع القاهرة، وفى المقابل دعا زعماء الشعب الأهالى إلى حمل السلاح وحصار القلعة، واحتشد الثائرون فى ميدان الأزبكية حتى ملأوه، واعتزم الزعماء أن يعيدوا إبلاغ الوالى بقرارهم ويطلبوا منه احترامه منعا للفتنة وحقنا للدماء، وتطورت الأحداث وتصاعدت بين الطرفين، حيث صمم "خورشيد باشا" على عناده، وصمم الزعماء على أن لا تعود العجلة إلى الوراء، حتى كان فرمان السلطان العثمانى.
يتحدث كتاب "الفرعون الأخير" عن أن خورشيد باشا لما وجد أنه فقد دعم السلطان، وتخلى عنه رجاله قرر الاستسلام شرط ألا يرغم على تقديم أى كشف عن الحسابات المالية.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يوليو 1805.. محمد على يتلقى فرمانا رسميا من السلطان العثمانى بتنصيبه واليا على مصر
الأربعاء، 09 يوليو 2014 09:58 ص
محمد على