ذهبت سعاد حسنى إلى فندق هيلتون جريا على قدميها من شقتها بـ«الزمالك» ومعها شلة «روز اليوسف»، عدلى فهيم ومحمود ذهنى ويوسف الشريف وجمال حمدى وزوجته نرمين القويسنى، وكانت فى قمة سعادتها، وقالت: فيكم من يكتم السر، فردت «الشلة» سرك فى بير، وأضافت: «أنا فرحانة قوى اللهم اجعله خير»، لكنها لم تبح بالسر أمامهم، لكنها أباحت به لأحدهم.
حسب رواية «يوسف الشريف» الذى كان من ضمن الشلة التى جرت مع سعاد: بعد الانتهاء من «هيلتون» قررت أن تخلع حذاءها لتعود إلى بيتها بالزمالك بنفس الطريقة التى جاءت بها، لكن عدلى فهيم منعها قائلاً: «الشمس طلعت والناس رايحة لشغلها، حا يقولوا إيه لما يشوفوا سعاد حسنى حافية وبتجرى وإحنا بنجرى وراها، يمكن يفتكرونا حرامية وعايزين نختطف شنطتك».
وفى حزم شدها «عدلى فهيم» من يدها إلى تاكسى وركب معها إلى الزمالك، وبعد عشرين عاما كتب عدلى فهيم هذه القصة بتفاصيلها فى «روزا ليوسف»، وأنها بكت فى التاكسى وباحت له فى شقتها بحبها لعبدالحليم، وأن شرارة التواصل العاطفى، بينهما اندلعت خلال غنائه فى السهرة.
ولد الحب هكذا قويا عنيفا، وشهد تجليات أخرى، فى بلاد أخرى هى المغرب، وكان فى حدث كبير بالمغرب شارك فيه الفن المصرى بقوة، كانت مدينة أجادير المغربية قد شهدت زلزالا عنيفا يوم 29 فبراير 1960، أوقع آلاف القتلى، وقررت إذاعة صوت العرب تنظيم رحلة إلى المغرب لإقامة الحفلات الغنائية يخصص دخلها لصالح ضحايا الزلزال المدمر.
كان الفن المصرى جاهزا فى مثل هذه الأحوال، يندفع نحو عروبته، لأن قيادته السياسية مندفعة إليها، لم يتصنع الفن والفنانون فى مصر الوقوف بجانب بلد فى المغرب، كان الحديث وقتها عن أمن مصر بأنه يبدأ وينتهى من المحيط إلى الخليج، وكانت إذاعة صوت العرب بقيادة الإعلامى «أحمد سعيد» بمثابة القاطرة الإعلامية لمعارك التحرر العربى التى يقودها جمال عبدالناصر.
فى هذا السياق سافر وفد الفنانين إلى المغرب برئاسة كمال إسماعيل نائب مدير إذاعة صوت العرب، وكان معه وجدى الحكيم، أما الوفد الفنى فكان كتيبة من النجوم وهم: يوسف وهبى، وعمر الحريرى، وآمال فهمى ومحمد عبدالمطلب ومحمد قنديل، وهدى سلطان، وشريفة فاضل، والمونولوجست محمود شكوكو، وعبدالحليم حافظ، وسعاد حسنى، وكان هشام عيسى الطبيب المرافق لعبدالحليم متواجدا، ويتذكر أن الفنانين جابوا معظم أرجاء المغرب، وقدموا حفلات غنائية على المسرح الوطنى فى الرباط، ثم على مسارح البلدية فى الدار البيضاء وطنجة وتطوان وفاس.
فى قلب هذه المشاركة الفنية ذات الطابع السياسى كان حب عبدالحليم وسعاد يتصاعد ويزدهر.
يقول هشام عيسى: «خلال الرحلة وصلت قصة الحب بين الاثنين إلى ذروتها، عاش العاشقان أسعد أيامهما، ارتشفا رحيق الحب كاملا، كانا لا يفترقان أبدا، ولم يكتما شيئا، ولمس كل من بالرحلة مدى التطور فى حبهما، فقد اتفقا على الزواج، كان حليم يحلم بالأسرة العادية، زوج وزوجة وأبناء، تلك الأسرة التى افتقد صورتها فى طفولته الحزينة، وكانت سعاد تحلم بدفء واستقرار المنزل، الذى لم تنعم به بين أب وأم مطلقين يتنازعان عليها بين المحاكم، وحين اقتربت الرحلة من نهايتها كان حليم وسعاد قد بحثا فى تفاصيل الزواج المقبل».
فى المغرب التهبت المشاعر بين عبدالحليم حافظ وسعاد حسنى عام 1961، واتفق الاثنان على الزواج الذى لم يتم حسب آراء كل أصدقاء عبدالحليم، باستثناء رواية واحدة فقط قالها الإعلامى مفيد فوزى نقلا عن سعاد حسنى.
قبل الخوض فى أسباب عدم إتمام الزواج، أو إتمامه حسب رواية «مفيد فوزى»، يؤكد الدكتور هشام عيسى الطبيب الخاص لـ«عبدالحليم» على أن الاتفاق كان على أن تنتقل «سعاد» بعد عقد القران فى القاهرة إلى منزل حليم فى الزمالك، ويحدد «عيسى» جغرافية المنزل على نحو أنه ينقسم إلى جناحين منفصلين يقيم حليم فى الجناح الذى يطل على حديقة الأسماك، وبه غرفة نومه الكبيرة، وغرفة نوم مجاورة ثم مكتب، وبعد ذلك يمتد المكان ليكون ثلاثة صالونات منفصلة ومفتوحة وبه أثاث فاخر.
أما الجزء الآخر من المنزل فخصص لابن خالته شحاتة وزوجته اللذين يتوليان العناية بكل شؤون المنزل، ويضم إلى جانب غرف نومهم المطبخ وغرفا للعاملين بالمنزل، وكان هذا الجزء يطلق عليه «جناح الزقازيق»، وهكذا لم يكن مطلوبا عند زواج حليم إلا إعادة تأسيس غرفة نومه، وأعجب الثنائى خلال جولتهما بالمغرب بسرير من النحاس كان آية فى جمال الصنعة، فاتفقا على شرائه، وقام حليم بدفع ثمنه وإبقائه عند البائع لحين شحنه إلى القاهرة.
يستكمل الدكتور هشام عيسى قائلاً: إن البعثة غادرت المغرب، وتوجهت سعاد وعبدالحليم ويوسف وهبى ووجدى الحكيم ومحمد أبو نار أحد الصف الثانى من الضباط الأحرار، جميعا إلى جبل طارق، حيث قضوا ثلاثة أيام فى السياحة والنزهة، بعدها قام الفنان يوسف وهبى بدعوتهم لقضاء عطلة قصيرة فى منزل كان يملكه فى جنيف بسويسرا، ثم حدثت مشكلة إدارية للبعثة، حيث قررت جمعية «حق الأداء العلنى» فى فرنسا أن تصادر إيراد كل الحفلات التى أقامتها إذاعة صوت العرب، وذلك حتى تستطيع الجمعية أن تخصم حقوق المؤلفين والملحنين، وكان لابد من إرسال مندوب يعود إلى المغرب لحل المشكلة، حتى يمكن إرسال الإيراد إلى الجهة المستحقة وهم ضحايا الزلزال، فذهب وجدى الحكيم لإنهاء هذه المشكلة، وفى الوقت نفسه عاد الباقون إلى القاهرة، وطلب حليم من وجدى أن يشحن له السرير، وبعض القطع الأخرى من المغرب حال وصول حليم إلى القاهرة، لم يكن يعنى ذلك إلا معنى واحد وهو زواج الاثنين.
هكذا كانت قصة عبدالحليم مع سعاد تصل إلى محطتها الكبرى، محطة الزواج، كانت القصة من بدايتها تلفت نظر كل من له علاقة بين الاثنين، فلقاؤهما لم ينقطع خلال عامين، منذ أن نجحا فى فيلمها الأول حسن ونعيمة، وحسب هشام عيسى: «كان حليم يقوم بدور المحب والأب والراعى لـ«سعاد» كما كان يقدم لها المشورة دائما».
من دفتر حكايات الحب .. سعاد وحليم يعيشان أسعد أيامهما فى «الرباط» ويتفقان على الزواج.. قررا عقد القران فى القاهرة وعبدالحليم يشترى سريراً نحاسياً آية فى الجمال
الثلاثاء، 08 يوليو 2014 01:09 م
سعاد حسنى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة