شد وجذب شهدته الأيام التى سبقت بداية الشهر الكريم، بين التيار الدينى المتشدد وبين وزارة الأوقاف، حول الصلاة فى المساجد خلال شهر رمضان، وتحديد مساجد دون غيرها للاعتكاف، يؤم الصلاة فيها أئمة من الأوقاف، لمنع الخطاب المتشدد وإدخال الخلافات السياسية فى الشعائر الدينية.
فى الوقت الذى لوح فيه عدد من أتباع التيارات الدينية المتشددة، بالوقوف فى وجه قرارات وزارة الأوقاف، والحيلولة دون تنفيذها، إلا أن مسئولى وزارة الأوقاف واجهوا ذلك بالعقوبات القانونية المنصوص عليها.
كان الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أصدر قرارا بإلغاء تصاريح الخطابة الخاصة بخطباء المكافأة، لمنع صعود غير الأزهريين منابر المساجد الحكومية والأهلية، باستثناء ما سيتم تجديده من الوزارة خلال شهرين، إلا أنه عاد مرة أخرى فى تصريحات إعلامية خلال أول أيام رمضان، ليؤكد عدم غلق أى زاوية أو مسجد فى وجه المصلين.
وقال إن من شروط الاعتكاف أن تكون إدارة الأوقاف التابع لها المسجد مسئولة مسئولية كاملة عن إدارة شئون الاعتكاف وعن أى خلل يحدث فيه، ولها حق متابعته من خلال التنسيق مع المشرف على الاعتكاف، وأن يتم اعتماد المسجد من قبل وزارة الأوقاف كمسجد مصرح له باستقبال المعتكفين، وكذلك تنشر أسماء المساجد المصرح لها على موقعها الإلكترونى فور اعتمادها، وأنه لن يسمح بأى مخالفات وستتخذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
"اليوم السابع" زار أربع مناطق، هى، فيصل والهرم وحلوان وروض الفرج، وكشف عن إعادة فتح الزوايا المخالفة من جانب، والتزام أئمة المساجد بعدم الخلط بين الدين والسياسية فى خطبهم من جانب آخر، فضلا عن اختفاء رموز التيار السلفى فى الأربع مناطق السابق ذكرها.
فى الهرم: الزوايا مفتوحة بلا خطابة والمساجد الكبرى تقصر دعواتها على الاستفادة من "رمضان"
لم تتأثر المساجد فى الهرم أول أيام رمضان، فعلى مستوى مساجدها الكبرى، احتشد المصلون لتأدية الصلاة والتى امتدت لساعتين، واستمرت الزوايا فى رفع شعائر الصلاة إلا عددا قليلا منها فضل أئمتها إقامة الفروض الخمس دون التراويح خوفاً من الملاحقة الأمنية.
فعلى مدار ساعتين، أدى الشيخ محمد صلاة التراويح بمسجد عمر عبد العزيز، والتابع للجمعية الشرعية التى تحمل نفس الاسم، متحدثا فى خطبته عن فضل شهر رمضان وفرض الصيام، كما تناول أهمية التآخى بين المسلمين بعضهم البعض وضرورة الالتزام بأخلاق الإسلام فى التعاملات اليومية، داعيا فى نهاية الصلاة لمصر والمصريين.
محمد، أحد المشاركين فى صلاة التراويح بالمسجد، قال إن أغلب الناس فى رمضان يحاولون الالتزام بصلاة التراويح فى المسجد، لذلك وعلى حد قوله، من الصعب أن يحاول أيا من التيارات السياسية أن تتحدث فى السياسة أو تقسم المصلين، لأن الحشد الكبير، والصلاة لا يحضرها فصيل واحد.
الأمر نفسه ينطبق على مسجدى خاتم المرسلين ومشارى، وهما مسجدان تخرج منهما مظاهرات مؤيدى محمد مرسى، والتى تحرص حتى الآن على عدم استغلال المنبر للحديث فى السياسية، نظرا للإقبال الكبير الذى تشهده هذه المساجد فى التراويح.
قرار وزارة الأوقاف بألا يؤم المصلين سوى شيوخ من الأزهر لم يطبق فى منطقة الهرم، نظرا للزوايا الكثيرة والمساجد التابعة للجمعية الشرعية فيها، وكما يقول إسلام" أحد مواطنى المنطقة، لا تستطيع وزارة الأوقاف السيطرة على كل هذه المساجد، مضيفا " المساجد الكبرى اقتصرت فقط على إقامة الصلاة وغالبا لا يتم السماح بالبقاء فيها خاصة بعد صلاتى التراويح والفجر".
شادى، أحد سكان منطقة العمرانية، يقول، إن مسجد الحسينية على سبيل المثال وهو غير تابع للأوقاف، ويسيطر عليه أئمة معتدلين لا يتبعون أى من التيارات السياسة، قللوا وقت الصلاة هذا العام ويقرأون نصف جزء فقط، بعد أن كان يقرأ جزءا كاملا فى الأعوام السابقة، موضحا أن انتشار الحديث عن عودة السيطرة الأمنية على المساجد أخاف المواطنين، ومنهم الائمة المتطوعين أنفسهم.
وعلى عكس ما روجته مواقع التواصل الاجتماعى فى الأيام السابقة من تحديد وقت للصلاة أو إغلاق المساجد، لكن اللافت للنظر فى منطقة الهرم استمرار المساجد المعروف تبعيتها للدعوة السلفية دون أى مضايقات، مثل مسجد غافر، والذى يتبع الدعوة السلفية بالاسكندرية، والذى لم يطرأ عليه أية تغييرات فى صلاة التراويح هذا العام عن العام السابق.
داليا، إحدى ساكنات المنطقة، تؤكد أن عدد الزوايا التابعة للأهالى كبير فى الهرم، وليس كل من يؤم الصلاة فيها تابع لأى من تيارات الإسلام السياسى، مشيرة إلى أن هناك زوايا يؤم فيها صاحب الصوت الجميل فى قراءة القرآن أو من ذوى العلم بشئون الدين.
فى حلوان: غياب رموز التيار السلفى ومسيرات الإخوان
رغم إعلان وزارة الأوقاف عن أن الاعتكاف خلال شهر رمضان، سيكون فى عدد محدود فقط من المساجد فى منطقة حلوان، منها، مسجد الهدى التابع لوزارة الأوقاف، والبعيد عن نفوذ تيار جماعة الإخوان المسلمين بالمنطقة، إلا أن الأمر اختلف كثيرا على أرض الواقع، إذ شهدت جميع مساجد حلوان، بما فى ذلك الزاويا المخالفة، اقبالاً كبيراً من المصلين فى صلاة التراويح، التى تعدت مدتها الزمنية ال45 دقيقة، لتصل فى بعض الأحيان إلى الساعتين.
مسجد خالد ابن الوليد، أحد المساجد التابعة لجماعة الإخوان المسلمين فى منطقة حلوان، شهد هدوءً نسبىيا فى فترات صلاة التراويح، لم تخل من تعليقات غاضبة ضد النظام الحاكم، وفقا لتعبيرات عدد من رواد المسجد، والتندر على انقطاع النور، الذى تزامن مع صلاة التراويح، فى أول أيام رمضان، مع خفض مكبرات الصوت أثناء الدعاء، وعدم الإشارة إلى الرئيس المعزول محمد مرسى، وهو الأمر الذى يختلف مع ما شهده المسجد نفسه فى رمضان الماضى، حين كان الدعاء صريحاً للرئيس المعزول.
ورغم عدم غلق أى من المساجد والزوايا، وعدم إقامة صلاة التراويح بها، على غرار منع صلاة الجمعة فى عدد من المساجد المخالفة الأسبوع الماضى، إلا أن المصلين لجأوا إلى مسجد جامع الدسوقى التابع لوزارة الأوقاف، ومسجد المراغى التابع للجمعية الشرعية، خاصة فى اليوم الأول والثانى، لضمان أداء صلاة التراويح، دون أن تعكر صفوها الاختلافات السياسية، وحرص الأئمة فى المساجد على عدم خروج الخطبة عن الأدعية الخاصة بأهمية الصوم وفضل شهر رمضان، مع عدم التلميح بأى إشارات سياسية، كما لم تشهد الجوامع المنتمية للتيار السلفى بحلوان، استضافة لرموز التيار السلفى، لإعطاء دروس دينية، كما كان يحدث كل عام، وقد ارجع عدد من اتباع التيار السلفى ذلك، للتوتر الشديد بينهم وبين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين فى المنطقة، فيما أكد البعض عدم ظهور رموز التيار السلفى فى رمضان، بمنطقة حلوان، ربما يعود إلى تضيق الخناق عليهم، ومنع بعضهم من إلقاء الخطب بالمساجد.
فى فيصل: غاب المصلون والسياسة
فى حى فيصل غاب المصلون عن أداء صلاة التراويح، ولم يظهر الشيوخ غير الأزهريين، كما اختفت السياسية من المساجد، كانت أبرز المشاهد التى ظهرت خلال الليالى الأولى من شهر رمضان، وشهدت أغلب مساجد منطقة شارع فيصل بمحافظة الجيزة غيابا ملحوظا وعزوفا من المصلين عن أداء صلاة التراويح، فتصادف فى اليوم الأول، حيث تصادف إقامة مباراة كرة القدم بين فريقى الأهلى والزمالك فى الدورى المصرى، وهو ما يراه أحمد المصرى أحد المصلين بمسجد الحمد بشارع العشرين، أحد أسباب عزوف المصلين عن أداء الصلاة فى المساجد فى هذا اليوم على الرغم من أنها الليلة الأولى فى رمضان، مضيفا أن تزامن رمضان مع إقامة مباريات كأس العالم أثر فى نسبة تواجد المصلين أيضا.
الزوايا أيضا لم تغلق أبوابها أمام المصلين فى صلاة التراويح، كما قررت وزارة الأوقاف بمنع الصلاة فى الزوايا خوفا من استغلالها فى أى أحداث سياسية لا تليق بمكانة المسجد وتعكر صفو الشهر الكريم.
روض الفرج: السلفيون يتهمون الدولة بقطع الكهرباء لمنع التراويح
تناقص أعداد المصلين بشكل واضح فى عدد كبير من المساجد فى روض الفرج، وبرغم قلة المصليين إلا أن صلاة التراويح تحولت إلى ملتقى لشن هجوم على الدولة وعلى النظام الحالى من جانب عدد من السلفيين، الذين يؤدون الصلاة بمسجد الشيخ "أسامة البطة".
ففى الحى الذى يتميز بوجود عدد كبير من المساجد والزوايا ويأتى على رأسها مسجد الشيخ "أسامة البطة" الذى يحمل اسم الداعية السلفى الشهير الذى يمثل قبلة عدد كبير من السلفيين الذين يرفضون الصلاة فى أى مسجد آخر.
لم تكن شهرة مؤسسه هو السبب الوحيد لذيوع صيت وشهرة ذلك المسجد الصغير مقارنة بمقارنة بمساجد أخرى فى الحى مثل مسجد "منبر الإسلام ومسجد إنجى هانم"، وإنما اعتياد المسجد استضافة "عدد من رموز السلفية الشهيرة لإمامة المصلين فى المسجد ومنهم حازم صلاح أبو إسماعيل القيادى السلفى الشهير الذى يرتبط بصداقة وطيدة مع "البطة" لإمامة المصلين فى المسجد وهو الأمر الذى ساعد على اجتذاب قطاع عريض من الأهالى وخاصة الشباب.
كان من المعتاد هو رؤية حشود من السلفيين والملتحين الذى كانوا يأتون إلى المسجد لأداء الصلوات داخل المسجد دون سواه من المساجد وهو الأمر الذى كان يتكرر مع صلاة التراويح، حيث كانوا يأتون إليه بصحبة عائلاتهم وزوجاتهم. وهو المشهد الذى اختفى هذا العام بصورة كبيرة وهو ما عوضه وجود عدد من كبار السن الذين أمهم أحد الشيوخ غير التابعين لوزارة الأوقاف.
وقال "م.ح" أحد المصليين إن الدولة تسعى جاهدة إلى عرقلة أداء المصليين لأداء صلاة التراويح لإجبار المصليين على أدائها فى المساجد التى حددتها، وأضاف محمد محمود عامل بناء أن النظام يحاول قصر التواجد فى المساجد على أداء الفروض فقط وهو ما أدى إلى قلة المعتكفين فى عدد كبير من المساجد.
ومن جانبه أكد أحد أئمة المساجد بروض الفرج الذى رفض ذكر أسمة أن الدولة لا تسعى إلى منع صلاة التراويح بدليل أن جميع المساجد والزوايا فتحت أبوابها للجميع ولا ينبغى أن نتخذ من ظرف عام مثل انقطاع الكهرباء وسيلة للهجوم، حيث إن انقطاع الكهرباء أمر يعانى منه جموع المصريون سواء فى المنازل أو فى المساجد.
وأضاف أن نسبة المصلين فى المساجد الكبرى لم تتأثر وإن كانت لا تتساوى مع العام الماضى، وأشار إلى أن نسبة الانخفاض قد ظهرت بقوة فى بعض الزوايا والمساجد التابعة للسلفيين، مؤكدا أن غياب الشباب عن صلاة التراويح قد يكون بسبب متابعتهم لمباريات كأس العالم
موضوعات متعلقة
السلفيون يرضخون لشروط اعتكاف "الأوقاف".. قيادى بالدعوة السلفية: سنعتكف وفق شروط الوزارة وسنلتزم ببرنامجها وسننسق مع أئمة الأزهر داخل المساجد.. أحمد شكرى: وزارة الأوقاف لم تمنع الاعتكاف
اليوم السابع يكشف..اختفاء رموز التيار السلفى من إمامة "التراويح".. التزام غير التابعين للأزهر والأوقاف بقرار عدم خلط الدين بالسياسة.. الزوايا تستقبل المصلين وانخفاض الإقبال بسبب "كأس العالم"
الثلاثاء، 08 يوليو 2014 08:21 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة