أكرم القصاص - علا الشافعي

د. مصطفى النجار

إعلانات استفزاز الفقراء وبلد التناقض

الثلاثاء، 08 يوليو 2014 08:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمثل شهر رمضان موسماً للمعلنين على شاشة التلفاز، نظرا لنسبة المتابعة والمشاهدة المرتفعة من المصريين للتليفزيون خلال الشهر الكريم، بعيدا عن كم الإنفاق الخيالى لإنتاج المسلسلات الدرامية تأتى الحملات الإعلانية التى تطارد المشاهد فى الفواصل، وقبل وبعد إذاعة المسلسلات والبرامج، ومن الطبيعى أنه من حق أى صاحب سلعة أن يعلن عنها كما يحب، ولا يستطيع أحد التدخل فى ذلك، لكن ليس من الطبيعى أن يتحول محتوى بعض الإعلانات إلى وسيلة استفزاز لملايين المصريين البسطاء الذين يعيشون تحت خط الفقر، وليس من الطبيعى أن يعتمد إعلانك على تبغيض الناس فى حياتهم وظروفهم ليتشوقوا إلى منتجك ومنتجعك الذى لا تكفى ميزانية مائة أسرة مجتمعة من عموم المصريين على توفير ثمنه أو التفكير فى شرائه.
لا يراعى صناع الإعلانات أن هناك عشرات الملايين ممن يسكنون فى عشش أو مقابر أو عشوائيات، المنزل بها عبارة عن حجرة واحدة يعيش فيها من ثمانية لعشرة أفراد، لا يراعى هؤلاء أن أقصى متعة لأطفال هذه المناطق هى السباحة فى نافورة أقرب ميدان لهم، وتحويلها إلى بركة سباحة. يقدم لنا هؤلاء برنامجا يوميا لسكان منتجعاتهم يبدأ بممارسة الرياضة والتمشية وسط عشرات الفدادين من المساحات الخضراء ثم التسوق من المول التجارى، ثم الاستجمام فى النادى الصحى والجيم، ولا مانع من عمل حفلات الشوى والباربيكيو وسط المساحات المفتوحة، وهكذا البرنامج اليومى الذى لا يحتوى مطاردة الأوتوبيس، ولا الميكروباص، أو الشعلقة على باب المترو، ومعاناة البنات والسيدات من التحرش اليومى، ولا الأوقات الطويلة التى تضيع وسط الزحام، وتوقف الشوارع والطرق اليومى، ولا سرقة الحقائب من السيدات وسحلهن إذا حاولن مقاومة السرقة، ولا العربيات النصف نقل المكشوفة والتى كما تقوم بنقل الماشية فإن البشر يتسابقون للقفز على ظهرها، حيث لا توجد وسيلة مواصلات فى أماكنهم سواها، حيث تحرق الشمس الحارقة وجوه الأطفال والتلاميذ صيفا بينما تكسر البرودة والهواء عظامهم شتاء.
كل هؤلاء يرون إعلاناتكم التى تقول لهم «أنتم ميتون ولن تعيشوا كالأحياء إلا إذا سكنتم فى منتجعاتنا»، وكأنكم لم يكفكم بؤس هؤلاء فتضاعفوا ألمهم، وترسخوا حرمانهم وسخطهم!
صبى «عم حمدى» البقال القريب من بيتى سألنى يوما وأنا أشترى منه طعام السحور وهو يشاهد أحد هذه الإعلانات ويقول لى: هو الناس دى حقيقية؟ وفى بيوت فى مصر كدا؟ هو إحنا كدا مش عايشين؟ ولا الحاجات دى للناس اللى بتدخل الجنة؟ بس القيامة لسه ما قامتش! والأكثر غرابة أن الإعلانات التى تعقب إعلانات المنتجعات هى إعلانات الجمعيات الخيرية التى تصرخ من الفقر على لسان بسطاء من الشعب العادى، وتناشد الناس التبرع بما يستطيعون من أجل رفع معاناة هؤلاء، من يتابع شاشاتنا يشعر بانفصام تام، وانتقال كامل من عالم إلى عالم آخر فى لحظات.
من سيعترضون على هذا الكلام ويقولون سنة الحياة أن هناك فقراء وأغنياء والناس درجات، نعم والله قسم الأرزاق، لكنه لا يرضى أن يغيظ الغنى الفقير، بل إن سنة الرسول نقلت إلينا أنك إذا طبخت طعاما ذا رائحة شمها جارك فلابد أن تجعله يتذوق مما تأكل، حتى لا يشعر بالحرمان. فليتمتع الأغنياء بأموالهم وثرواتهم، ولكن فليراعوا أن هناك بجوارهم من يبحثون عن لقمة عيش وسط صناديق القمامة من شدة الجوع والفقر، وأن هناك من يحلمون بكشك أو حوش مقبرة تستر عوراتهم وتجمع شتاتهم. اتقوا الله فى الفقراء، ودعوهم يرضوا ببؤسهم وفاقتهم، وإن لم تستطيعوا أن تكونوا معهم فلا تكونوا عليهم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

ثروت كمال

أنا ريحت بالى

عدد الردود 0

بواسطة:

منى أحمد

مقاطعه التليفزيون

عدد الردود 0

بواسطة:

انور عبد الظاهر

فعلا اعلانات مستفزه يا دكتور ربنا فى عون الفقراء

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

ايه ابراهيم

صح كلامك

عدد الردود 0

بواسطة:

مدحت بلال

مقال يلمس معاناة الفقير شكرا لك

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

مدحت بلال

مقال يلمس معاناة الفقير شكرا لك

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

hd

اهلا يا درش

عدد الردود 0

بواسطة:

نادر ابراهيم

مقال فى الصميم

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان صلاح

معاك حق

عدد الردود 0

بواسطة:

هاله احمد

مقال اكثر من رائع

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة