زينة وأنوار وعزومات ودورات رمضانية، وأطباق تصعد وتهبط بين الجيران، هو الشكل التقليدى لعلاقة الترابط التى تظهر بين الجيران بداية من ظهور هلال شهر رمضان الكريم، كتراث متوارث وضعته مصر فى أذهان المصريين على مر الزمان، وعلى اختلاف عاداتهم وتقاليدهم، فمهما تغيرت الأحوال تظل هذه العادات الفلكلورية تراث لا يمكن التخلى عنه بين الجيران وبعضهم طوال الشهر الكريم، بداية من تعليق الزينة معا أو ذهابهم للتسوق أو حتى مشاهدة مباريات كرة القدم معا، فيما يشبه علاقة تلاحمية تظهر بشدة مع دخول الشهر الكريم.
فمع بقاء أيام قليلة تسبق الشهر الكريم، تبدأ محاولات الجيران تعليق الزينة داخل شوارع وحوارى المحروسة المختلفة، تشد معها عيدان الزينة التى عكفت النساء والأطفال على صناعتها مستغلين ما فاض من كتب المناهج الدراسية طوال العام لتشكيل هذه الزينة، فقط بعض الكتب القديمة والجرائد وزجاجة "صمغ" وحبل طويل، هى كل الأدوات اللازمة لتشكيل خيوط الزينة المختلفة فى استعداد لتعليقها ممتدة بين الجيران تكسوا الشوارع بهجة وتمنحهم سعادة الشعور بالشهر الكريم.
ومع دخول شهر رمضان يظهر ذلك الطبق الصغير الذى لا يعلم له "صاحب" فقط يتنقل بين الجيران طوال الشهر الكريم، قد يحتوى مرة على بعض قطع "البسبوسة" الصاعدة إلى أحد الجيران، الذى لا يسمح بتركه يهبط فارغا دون ملأه بأى هدية أخرى، كما تقول "أم آية" أحد سكان الوايلى "فى رمضان دايما بنود جيرانا، لما بنعمل حاجة حلوة بنبعتها ليهم، وهما مش بيرجعولنا الطبق فاضى برضوا بيبعتولنا الطبق وجواه حاجة" مضيفة أن هذه العادة تستمر طوال الشهر الكريم بدون انقطاع إلا مع رحيل الشهر الكريم، والذى تنتهى فيه مهمة هذا الطبق.
لكن مع صلاة العشاء تبدأ هذه العلاقة القوية بأخذ منحنى جديد، فما يلبث المؤذن أن يعلن عن موعد صلاة العشاء حتى تجد رجال الشارع أو المنطقة يجتمعون استعدادا للذهاب إلى تأدية الصلاة، وهو الأمر الذى ينطبق على السيدات اللاتى تحرص كل منهن على اصطحاب عدد من جارتها للذهاب إلى الصلاة، مع عمل "جمعية" بينها وبين جارتها لتنظيم الذهاب للصلاة والجلوس لمراعة الأطفال.
إلا أن الأمر يتشابه أيضا فى الأسواق التى تحرص أغلب النساء على مرافقة إحدى جاراتها لها خلال عملية شراء احتياجاتها لتجهيز مائدة الإفطار، كما تقول "ماجدة عثمان"، "نذهب أنا وجاراتى إلى السوق لشراء مستلزمات الإفطار المختلفة" حيث توضح أن النساء دائما تفضل هذه الطريقة على الذهاب بمفردها لما لها من مزايا كثيرة خلال عملية الشراء.
ومن المعروف أن دخول شهر رمضان يعنى دق جرس العزومات داخل المنزل، لتجد الزوجة نفسها محاطة بقائمة طويلة من الأسماء يكون الأهل على رأسها وصولا إلى عزومات الجيران التى لطالما تتكرر طوال الشهر الكريم سواء أو التى تنتهى أحيانا بالاستعانة بـ"بنت الجيران" للمساعدة فى تجهيز طعام الإفطار خاصة فى حالة العزومات الكبيرة، التى تتناسى أنها بنت الجيران وتتحول فى لحظة إلى واحدة من أهل المنزل لمساعدتهم.
لكن على الرغم من مشاعر الجوع والعطش التى يشعر بها الإنسان خلال الصيام، فإن كرة القدم لا تعترف بمثل هذه الحجج، فمع قدوم شهر رمضان يتم الإعلان عن بدء الدورات الرمضانية، التى يحرص فيها الجيران على تنظيم الفرق، باحثين بداخل شوارعهم المختلفة عن أى شخص قد ينضم إليهم فى صفوف الفريق لدرجة أن الأمر يصل أحيانا إلى تسمية الفرق بأسماء كل منطقة أو كل شارع.
إلا أن عشق وارتباط المصريين بالساحرة المستديرة لم يكتف هذا العام بالدورات الرمضانية فقط، بل تزامن هذا العام توافق مباريات كأس العالم لكرة القدم مع قدوم الشهر الكريم وهو ما ساعد على لم شمل الجيران مع بعضهم طوال الشهر لمشاهدة المباريات سواء داخل المقهى أو فى منزل أحدهم، حيث أصبحت من أكثر الأشياء التى تعمل على تجميع الأشخاص مها.
ومع الوصول إلى نهايات الشهر الكريم وخاصة العشر الأواخر تبدأ استعدادات الأسرة لتجهيز مستلزمات العيد من كعك وبسكوت وغيرها من باقى حلويات العيد التى تعد أفضل وسيلة لتجمع الأهل والجيران خلال تجهيز هذه الحلويات، يكفى منظر ذهاب الأطفال إلى الأفران لتسوية الكعك حيث تقول "أم آية":" كل سنة بنعمل الكعك مع جيرانا، بنتجمع كلنا ونعجن ونخبز مع بعض، وبنبقى فرحانين جدا".
موضوعات متعلقة..
زيارة إلى دار الأمل للمسنين تحت شعار "رمضان معاهم أحلى"
بالصور.. أجواء روحانية بحى الإمام الحسين فى سحور سادس أيام رمضان.. الحى الشعبى يجمع بين مائدة البسطاء على الرصيف والأغنياء بالمطاعم الفاخرة.. وانتشار حلقات الذكر وتلاوة القرآن حتى مطلع الفجر
ننشر خريطة حفلات "ليالىspan> رمضان" بشارع المعز على مدار 19 يومًا.. فرق "وسط البلد" و"التنورة" و"التخت العربى" تحيى جمهور المنطقة التاريخية.. وعمرو مصطفى والفرقة النحاسية فى ختام الفعاليات
"رمضان بيجمعنا".. نرصد أبرز مظاهر تجمعات الجيران: تعليق الزينة و"لعب الكورة" ومشاهد مباريات كأس العالم وصلاة التراويح.. والعائلات تتبادل "العزومات" وكعك العيد والبسكويت
السبت، 05 يوليو 2014 07:11 ص