المستشار علاء الدين إبراهيم محمود يكتب: حفّار القبور وبنّاء القصور

السبت، 05 يوليو 2014 06:01 م
المستشار علاء الدين إبراهيم محمود يكتب: حفّار القبور وبنّاء القصور صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثناء انتظارهما دوريهما فى جلسة الغسيل الكلوى بإحدى المشافى تعرفا على بعضهما البعض، وأخبر الأول صديقه أنه يعمل حفّاراً للقبور فأخبره الثانى باسماً: أما أنا فأبنى قصور الملوك والعظماء ويغدقون على بكل العطايا من أجل الحصول على أفخم القصور، فقاطعه الحفّار قائلاً: ليتنى مثلك يا أخى فأنا لا أعنى للناس سوى الموت وذكرياته الأليمة فيفرون منى كأنى أنا الموت، فقال له البنّاء لا عليك صديقى فالحياة قد جمعتنا بمشفى واحد للعلة ذاتها، فقال له الحفّار: نعم فنحن أبناء مهنة واحدة فأنت تبنى للناس وهم سعداء وأنا أبنى لهم أيضاً وهم تعساء فكيف لا تصيبنا علةُ واحدة ؟!، فقال له البنّاء: ولكنى أشيد القصور بمهارةٍ فائقةٍ وأبدع فى تفاصيلِ البناء كلها، فرد عليه الحفّار: يا أخى أنا لدى المهارة نفسها فأنا أيضاً أبنى قصوراً مثلك لكن العبرة بمن يسكنها، فقال له البنّاء: وهل ربحت الكثير من مهنتك ؟، فرد الحفّار: نعم لقد ربحت الكثير من الحكمة فـأنا فى اليوم الواحد أرى الغنى والفقير والشيخ والطفل يودعون دنيانا ويذهبون للبيوت التى أشيدها لهم فأذكر أنى عما قريب سألحق بهم فتصغر فى عينى أموال الدنيا جميعها فأصبحت لأجل ذلك من الأغنياء، فقال له البنّاء: ما أسعدك فأنا كنت أجمع المال لأشيد قصرى الخاص كما أبنى القصور لغيرى لكنى فقدت أموالى كلها بعد أن أدارت لى الدنيا ظهرها وزارتنى الأمراض والعلل بعدما كنت أفاخر بصحتى وفتوتى، وأصبحت لا أجد قوت يومى وتنكَّر لى أصحاب القصور عندما لجأت إليهم لطلب العون والمساعدة، فقال له الحفّار: حنانيك يا أخى اصبر على هذا البلاء تنل خيراً عظيماً، وبينما هما يتجاذبان أطراف الحديثِ جاءتهما الممرضة مخبرةً إياهما بحلول دوريهما فى إجراء الغسيل الكلوى، فانهيا الحوار ببسمةِ رضا وكأن لسان حالهما يقول الحمد للهِ.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة