رمضان زكى معتوق يكتب: ظلام دامس

الخميس، 31 يوليو 2014 02:09 ص
رمضان زكى معتوق يكتب: ظلام دامس حرب غزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن العرب فى حالة يرثى لها، فهم يدفعون ثمن تطلعهم إلى الحرية والعدالة الاجتماعية ورغبتهم فى التغيير من خلال ثوراتهم، ولكن بعد كل هذه التقلبات وتغيير بعض الأنظمة العربية المستبدة لا نتيجة إيجابية حتى الآن، والسؤال هنا لماذا يتجاهل القدر رغبة العرب فى الحياة، ولماذا تزداد صلابة القيد ولا نرى أى شعاع يخترق هذا الظلام الدامس الذى خيم على كل أركان البلاد العربية، لنجد أنفسنا مكتوفين ومقهورين ولا حيلة لنا أمام العدو الأزلى، أعتقد أن السبب الأساسى هو عدم توحد الهدف بين العرب، الكل يريد التغيير، ولكن تغير حسب الهوى والرغبة اجتمعوا واتحدوا فى ثوراتهم المعروفة بالربيع العربى، واختلفوا وتفرقوا فى طريقة التغيير، فهناك من أراد الصبغة الدينية تجتاح العالم العربى، ومهما اتفقوا فى الأداء، فهو ليس دليل ليكون ذلك هو أمنيتهم وهدفهم الحقيقى فى ظل حالة من العجز والقهر، وتبعيتنا لمن لا يرغبون فى تحويل بلادنا إلى بلاد دينية، إلا إذا كانت خطة موضوعة عن طريقهم وليس بإرادة العرب أنفسهم.

وهناك أيضا من يريد التغيير تغييرا مدنيا ولا يقبل الدولة الدينية، وهؤلاء أيضا لا دليل قوى لرغبتهم الحقيقية، والدليل هو أننا كى نشعر بالتغيير الحقيقى لابد أن نشعر بالتحرر من القيد الغربى الإسرائيلى الأوروبى، وهذا لم يكن واضحا لديهم بدليل اتحادهم فى الفكر والأسلوب فى أمور كثيرة مع الغرب، وهناك كثير من العرب الذين يتطلعون للأفضل، ولكن دون مشاركة حقيقية، بل يتقمصون دور المشاهد للأحداث وهم قوة لا يستهان بها، بل هم كانوا المحرك الرئيسى لحالة الهياج الثورى وهم أيضا الطعم الحقيقى الذى وضع فى سنارة الجذب كى تلتهب الأحداث وتزداد اشتعالا فى بلاد الربيع العربى.

ومشكلتهم الحقيقية أنهم لم يستغلوا قوتهم إلا فى سقوط الأنظمة فقط ليذهبوا إلى أرائكهم، سواء كنبة أو غيرها من وسائل الراحة بحثا عن الاستقرار حسب اعتقادهم بنجاح الثورات، والمشكلة الكبرى أن كل فصيل من هذه الفصائل سالفة الذكر لم يخل أبدا من المحرضين الموالين لمن قامت عليهم الثورات، لنكتشف أننا ندور فى حلقة ودائرة تدور بلا بداية وبلا نهاية، وتتحول البلاد العربية إلى صفيح ساخن من اختلافات واتهامات وتخوين وتختلط الأوراق بطريقة غريبة، لا سبب لها سوى أنها أعمال ممنهجة ظهرت فى صورة صراع طاغى بين التيارات المدنية والتيارات الدينية.

ومن وجهة نظرى أنه كان لابد لنا أن نتحرر من الخارج الغربى المهيمن علينا حتى لو كان ذلك على حساب الأنظمة، كما حدث ولكن إنه التصميم على سقوط أنظمة دون تحرر من تبعيتنا الخارجية والداخلية، وهذه التبعية مازال صداها يدوى فى أركان العالم العربى حتى الآن، ويظهر ذلك بقوة حينما نجد وسائل ممنهجة ومنظمة لتبرر لإسرائيل ما يفعلونه بغزة وأهل غزة.

فتحولنا إلى شعوب يشكلها بعض الإعلاميين حسب أهوائهم. وأقولها صراحة ربما نختلف مع حركة حماس فى تدخلها فى شئون مصر وربما يكون لها علاقة ببعض ما يحدث فى مصر، ولكن الشىء الأكيد والواضح هى أن حماس تجاهد وتحارب ضد أعداء العرب حتى لو كانت تجاهد بطريقة سلبية، إلا أنها استطاعت بعتاد حربى بسيط لا يرقى أن تواجه جيشا بإمكانيات الجيش الإسرائيلى، أن تبث الرعب فى قلوب الصهاينة، أختلف مع حماس ولكن أؤيدهم فى حربهم ضد إسرائيل، ومهما زاد عدد القتلى والجرحى، ومهما ظهرت إسرائيل فى مشهد المنتصر، إلا أن قلوبهم تئن من الخوف والرعب وعدم الأمان، ولن يهنأوا أبدًا ولن يستقر لهم خاطر أو يطمئن لهم بال، وستروى الأراضى الفلسطينية دائما بدماء الشهداء لتنبت جيلا بعد جيل عاقد العزم على تحرير فلسطين، وستبقى كل أم فلسطينية دائما رمزا للعزة والفخر، وستظل تقدم شهيدا بعد شهيد وبطلا بعد بطل فى ظل حالة من اطمئنان النفس والرضا التام.

فرجال غزة الأحرار تعبوا من تخاذل العرب، ولكن لن يتسلل اليأس إلى قلوبهم ابدا حتى تتحرر قيودهم، فالعزة فى غزة هى الشهادة، فهم لا يريدون كأس الحياة مخلوطا بالذل ولكن يتلذذون بمذاق العز ولو مخلوطا بالحنظل. أما العرب جميعا فما زالوا يدفعون ثمن اختلافهم وطريقة ثوراتهم باهظا ومازال العجز والقهر والتخاذل يسيطر علينا إلا من رحم ربى، وأخيرا إن لم يكن لدينا الشجاعة فى كبت جماح اسرائيل فلا يجب أن نؤيدهم، وإن ران الضعف وطبع على قلوبنا، فيجب أن نصمت لنشاهد رجال غزة ونساء غزة وأمهات غزة، وتوافقهم واتحادهم فى دفع الثمن باهظا طلبا للعزة.








مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد فايد

المشهد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة