حسن زايد يكتب: المخطط ما زال حياً فاعلاً

الخميس، 31 يوليو 2014 04:03 م
حسن زايد يكتب: المخطط ما زال حياً فاعلاً علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يضيق بعض الناس ـ على نحو ملفت ـ من القول بأن ما يحدث فى المنطقة يقع فى إطار مؤامرة غربية ، تقودها أمريكا ، لإعادة تشكيل المنطقة ، ورسم خارطة جديدة لها ـ سايكس بيكو جديدة ـ وعلة ضيقهم من هذا التحليل الذى يعتمد نظرية المؤامرة منطلقاً له غير معروفة ، فهم يذهبون إلى أن هذه النظرية تمثل حجة البليد التى يسوقها فى مواجهة متهميه بالبلادة، حيث يجرى الإسقاط على الغير لتبرير الفشل . هذا البعض يعتمد تفسيرهم للأحداث على أسباب داخلية تخص المنطقة وحدها ، دون تآمر من أحد ، لأنه لا أحد فى العالم ينشغل بمنطقتنا إلا من زاوية محاولة انتشالها من تخلفها من وجهة نظرهم ، باعتبارها تمثل عبئاً على الركب الحضارى للبشرية ، وباعتبارها مصدراً لمواد خام تعجز عن استغلالها ، وعلى رأسها البترول والغاز الطبيعى . ومع الوجاهة التى ينطوى عليها مذهب هذا البعض فى التحليل ، إلا أنه لا يكفى وحده للنهوض بتفسير الأحداث بعيداً عن التفكير فى المؤامرة ، خاصة وأن الشواهد التاريخية الدالة عليها قد تستعصى على الحصر . فلو فردنا خارطة المنطقة على الطاولة ، وأعدنا قراءة مفرداتها من جديد ، لاكتشفنا أن هناك روابط موضوعية بين الأحداث ، تشير إلى أن محرك الأحداث مصدر واحد ، وأنها تتقاطع وتتجمع لتصب فى رافد واحد ، يخدم هدف واحد . وأنا أرى أن حادث الفرافرة ما هو إلا عقاب لمصر فى إطار محاولات تركيعها ، وإعادة إدخالها الحظيرة التى أفلتت من قبضتها . فالتخطيط والتكتيك الذى تمت به العملية ينبئ عن وجود لاعب رئيسى خلف عرائس الماريونيت التى تتحرك فى المنطقة أياً كانت مسمياتها . فقد جاء الحادث بعد طرح المبادرة المصرية بشأن وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيونى وحماس ، فالجانب المصرى طرح المبادرة دون الرجوع للإدارة الأمريكية ، أى أن مصر ولأول مرة ، منذ سقطت أوراق اللعب فى أيدى أمريكا بنسبة تصل إلى 99 % تتصرف على نحو منفرد ، منذ ما يزيد على أربعين سنة والإرادة المصرية أسيرة النفوذ الأمريكى ، واليوم تتفلت مصر من هذه القبضة، محاولة الاستقلال بإرادتها ، وتسيد قرارتها . وقد سارعت بقية العرائس برفض المبادرة ، لا لأنها لا تحقن الدم الفلسطينى المهدر ، ولا لأنها تخدم الجانب الإسرائيلى ، ولا لأنها تحد وتقلص من قدرات حماس التسليحية كما يزعمون ، وإنما لأنها صادرة من مصر باعتبارها لاعبا فاعلا فى المنطقة بغض النظر عن الموقف الأمريكى ، باعتبارها عنواناً على استقلال الإرادة والقرار المصرى فى الأيام القادمة . ومن هنا صدرت التعليمات من ذلك اللاعب الواقف خلف الستار برفض المبادرة ، وتشويهها، والمزايدة على مواقف مصر التى لا يصح واقعياً وتاريخياً المزايدة على مواقفها من القضية الفلسطينية . فرفضت حماس المبادرة لأن الرفض يخدم أغراض الفصيل الحمساوى، كما يخدم الهدف الأمريكى . فرفض حماس يكرس لصناعة المظلومية التى يجيدها الإخوان بقصد تدفق المساعدات بعد غلق بئر الأنفاق الذى كانوا يغترفون منه ملايين الدولارات . ويعيد حماس إلى الواجهة السياسية بعد أن توارت نتيجة مواقفها من قضايا الربيع العربى، الموقف الذى دعاها راغمة للتفاوض مع منظمة فتح لتشكيل حكومة وحدة وطنية هى غير راغبة فيها . وفى ذات الوقت خدمة قضية الإخوان بتشويه النظام المصرى وتلويث سمعته . هذا على جانب حماس . أما الجانب القطرى فقد تم دفعه لتقديم المبادرة البديلة ، إلا أنها ماتت فى مهدها ، ومحاولة واشنطن إدخال قطر وتركيا كلاعبين فى المبادرة المصرية ، ورفض الجانب المصرى لذلك . وفى أتون هذا الصراع السياسى بين الإرادات المتصارعة فى المنطقة جرى الدفع بهذه الخلية الإرهابية لارتكاب مجزرة الفرافرة فى الداخل المصرى ، بقصد إحراج السيسى ، وإشغاله بقضايا الداخل ، وتأليب الرأى العام المصرى عليه. ولا يمكن النظر إلى هذه العملية بتوقيتها وتكتيكاتها وهدفها بمعزل عن المشهد العام الذى تعيشه المنطقة فى إطار الخطة الأمريكية الغربية لإعادة رسم خريطة المنطقة. وليس معنى أن الثورة المصرية قد قلبت الطاولة فى مواجهة هذا المخطط، أن المخطط قد انتهى ، وأن أمريكا والغرب قد رفعوا الراية البيضاء. المخطط ما زال حياً فاعلاً، وما زالت القوى الواقفة وراءه تدفع بالوقود اللازم لإدارة محركاته ، وإعادة تفعيلها ، وإزالة كل العقبات التى تعترضها ، حتى ولو تكلف الأمر أنهارا من الدماء ، تسفك هنا أو هناك ، لايهم . دم مصرى أو دم فلسطينى ، لا يهم.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة