طالب الباحث اﻹسلامى الدكتور خالد عبد السلام عبد اللطيف، مدير عام الإرشاد الدينى بوزارة الأوقاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، اﻷغنياء فى مصر بتلبية نداء الوطن ﻹقالته من عثرته ومحنته الاقتصادية، قائلا: يتبين صدق المحب حين يلبى نداء المحبوب، وعلى قدر الحب تكون سرعة الاستجابة للنداء.
وأضاف مدير عام اﻹرشاد الدينى لـ"اليوم السابع"، أن حب الوطن روح تسرى فى عروق الأصحاء عاطفة اليقظين عقلا، مؤكدا أن أهل الدُّثُور هم الأغنياء الوُجهاء أصحاب رؤوس الأموال الذين لا تغلبهم نشوة العاطفة ولا تكسر إرادتهم حب المصلحة، بل يبحثون عن تجارة رابحة تلبى رغبتهم فى الكسب الوفير الحلال، وتشبع عاطفتهم فى نيل الأجر والثواب من رب الأرباب فيمتد نهر العطاء يسرى فيحيى بالحب مجتمع الأوفياء ويختفى الحقد والحسد بين الأغنياء والفقراء.
وقال مدير اﻹرشاد الدينى، إن أهل الدثور من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) ما ترددوا يوما فى عطاء ولا فكروا فى ثراء زائف يبعث على الحقد والبغضاء، بل كانت أعينهم ترقب النبى (صلى الله عليه وسلم) تنتظر منه إشارة إلى فعل خير أو كلمة ترشد إلى بذل فحين قال سُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): «مَنْ يشترى رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ»؟ فاشتراها سيدنا عثمان بن عفان (رضى الله عنه)، مشيرا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ»؟ فجهزها سيدنا عثمان بن عفان (رضى الله عنه) وهذا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رضى الله عنهما) يتسابقان فى فعل الخيرات وبذل الصدقات فعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِى اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِى فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» فَقُلْتُ: مِثْلَهُ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» فَقَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيىءٍ أَبَدًا» [رواه الحاكم فى المستدرك] وغيرهم كثير من صحابة النبى (صلى الله عليه وسلم) فعلوا فعلهم وأوقفوا من أموالهم أو أوقفوها كلها فى خدمة دينهم والحفاظ على وطنهم .
وأشار مدير اﻹرشاد الدينى، إلى أن فى دعوة الرسول بلاغ لقوم عابدين ورسالة للأثرياء الشاكرين حين ينادى عليهم الوطن يستنهض هممهم ويطلب غوثهم ألا يترددوا فى دفع الضرر عن بلدهم والأخذ به تجاه التقدم والرقى ودعم أواصر المحبة بينهم وبين أفراد المجتمع فالكل فيه كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ومساعدة الفقراء من الأهمية بمكان بالنسبة للبلاد، فالفقير إن لم يكن لديه وازع من دين ويقظة من ضمير أصبح خطرا على أمن الغنى وأمان البلاد ووقع فريسة فى أيدى العابثين والمتربصين .
وشدد مدير اﻹرشاد الدينى، إلى أنه حين تفتح الدولة بابا للتبرع وتعلن نداءً للقادرين فليس فى ذلك استجداءً ولا تسولًا إنما هو واجب تنبه عليه وتلفت الأنظار إليه، مشيرا الى قول سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه):"لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لأخذت من الأغنياء فضول أموالهم فرددتها على الفقراء" وهذا الذى قاله _رضى الله عنه يتفق مع مقاصد الإسلام العامة والتى منها التعاون على البر والتقوى كما قال القرآن ورغب فيه النبى (صلى الله عليه وسلم).
وأوضح مدير اﻹرشاد الدينى، أن ما روته كتب السنة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) استنهض صحابته للبذل والإنفاق فى مواقف تتعلق بالأمن القومى للمدينة المنورة فرَوْمَةَ بئر فى المدينة كان يمتلكها يهودى يقفل عَلَيْهَا بقفل ويغيب فَيَأْتِى الْمُسلمُونَ ليشربوا مِنْهَا فَلَا يجدونه حَاضرًا فيرجعون بِغَيْر مَاء فَشَكا الْمُسلمُونَ ذَلِك فاستنهض النبى (صلى الله عليه وسلم) همم أهل الدثور الأغنياء لشراء البئر ولا شك أننا ندرك الآن ما للماء من أهمية كبرى فى الأمن القومى للوطن، وكذلك حين يستشعر النبى (صلى الله عليه وسلم) خطرا من عدو يهدد حدود الوطن ينادى فى صحابته (رضوان الله عليهم) ليجهزوا جيش العسرة، فما فكروا فى أن ذلك قد يقلل من ثرائهم أو يشغلهم عن تجارتهم، إنما فقط شغلهم وطنهم والحفاظ على دينهم ودولتهم فاندفعوا بقوة الإيمان وعزيمة الأبطال وأتوا بما لديهم وقدموه لله ولرسوله ولوطنهم.
لافتا إلى شكوى من الفقراء للنبى (صلى الله عليه وسلم) ضد الأغنياء، مضمونها المتوقع قبل عرضها أنهم سيطلبون حقهم فى أموال الأغنياء، ولكن الواقع يشهد بأن الأغنياء سبقوا فقدموا الحق المعلوم فى أموالهم للفقراء، ويأتى مضمون الشكوى بأن الأغنياء سبقوا الفقراء بما قدموه من عطاء زاد عما فرضه الإسلام عليهم فهم (يَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ) فالحقد قد انمحى واستحال فى مجتمع الحب إلى غبطة ومنافسة شريفة فى البحث عن سبل الثواب والقرب من العزيز الوهاب.
مدللا على حديثه بما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِى ذَرٍّ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) _فقراء الصحابة _قَالُوا لِلنَّبِى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: " أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْى عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» الكل يبحث عن الثواب، وعلى قدر ما لديه من إمكانات وطاقات لا يتردد فى تقديمها حبًا فى الله تعالى ونبيه وانتماءً لوطنه وأهله .
مدير عام الإرشاد بالأوقاف يطالب اﻷغنياء بالتبرع من أجل مصر
الأربعاء، 30 يوليو 2014 11:08 م