أحزابنا ضعيفة.. لماذا؟

تتردد آراء كثيرة حول الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعضها يعترض على قانون الانتخابات، وبعضها يطالب بإلغائها من الأصل، وكثير من هذه الآراء يحذر من أن الجماعات الدينية سوف تستحوذ على نصيب الأسد فيها، لكن الكل يجمع على أن الأحزاب المصرية كلها ودون استثناء تعانى من ضعف شديد.. ترى ما السبب؟

فى اعتقادى أن مشكلة هزال الأحزاب المصرية تعود إلى عدة أمور، أولها غياب مفهوم واضح لمعنى الحزب السياسى ودوره وأهميته، فالحزب السياسى فى أوروبا ظهر بعد معارك طويلة بين السلطات هناك وبين طبقات الشعب المختلفة، حتى اكتشف المفكرون والسياسيون حتمية تنظيم الناس فى تشكيل ما محدد الهدف والهوية، ولا يمكن لهذا التشكيل / الحزب أن ينجح دون أن يحمل على جناحيه أفكارًا تخص الطبقة الاجتماعية التى يعبر عنها. فلا أحزاب قوية فى الفراغ، ولا أحزاب مؤثرة إذا لم تكن تملك برنامجًا واضحًا يغرى الناس بالانضمام تحت لوائها.

إن بناء الحزب السياسى القوى عملية معقدة تحتاج إلى وقت طويل قد يصل إلى أعوام، وللأسف فنحن فى بلدان العالم الثالث لا نحظى بنعمة الدأب والمثابرة فى العمل السياسى، كما لاحظ كاسترو، ولعلك تذكر كيف خطف الإخوان ثورة الشعب فى 25 يناير، لأن الإخوان كانوا منظمين منذ أكثر من 80 سنة، بينما الشعب كان مجرد مجموعات من الغاضبين من بطش نظام مبارك وظلمه. يبقى أمر مهم، وهو نجاح أى حزب فى التأثير على الناس يستوجب وجود قيادة حقيقية لهذا الحزب، تقدم لأعضائه ولعموم الشعب القدوة الحسنة فى السلوك والمبادرة والحصافة السياسية، وهو ما تفتقده جميع الأحزاب المصرية منذ تأسيسها فى نهايات القرن التاسع عشر حتى الآن. أما الذين يزعمون أن العهد الملكى كان يحظى بوجود أحزاب سياسية قوية، فالتاريخ يكذب ذلك، وإلا ما رضخت وتفككت سريعا على يد ثورة يوليو 1952، لقد كانت أحزاب ما قبل تلك السنة الفاصلة مجرد كيانات هشة يسيطر عليها باشوات زمان وأثرياؤه، ويحركها الإنجليز والملك، والأدلة كثيرة ومخزية. يجب أن نتمتع بفضيلة الدأب لنؤسس أحزابًا قوية تعبر عن مصالح الملايين.