لم أكن يوما فى حياتى مؤمناً بنظرية المؤامرة ولا من مؤيديها.. ولكن ما يحدث الآن على الساحة العربية يجعلنا نسلم رغم أنوفنا بأن هناك مؤامرة كبرى حيكت بليل ضد بلداننا العربية من المحيط إلى الخليج، وأن هناك خارطة جديدة للشرق الأوسط الجديد وضعها الغرب على طاولة التنفيذ.. وأن مشروع خريطة " برنارد لويس" التى تقسم الشرق الأوسط إلى خمس وستين دولة حقيقة لابد أن نسلم بوجودها وألا نضع رؤوسنا فى الرمال حتى نستطيع أن ننقذ ما يمكن إنقاذه.
فالهدف هو تفكيك الدول العربية التى تحيط بإسرائيل إلى دويلات من أجل أن تظل إسرائيل هى الأقوى وهى من يمتلك بزمام الأمور فى المنطقة. وهذا سيعود بالنفع على الولايات المتحدة أيضاً التى ستضمن ولاء الحكام العرب الذين سيعتقدون أن أمريكا هى من تحافظ على عروشهم.. وقد حان الوقت؛ لأن ما حدث فى الثورات العربية الأخيرة هدد بقوة ذلك الاعتقاد الذى كان سائداً بقوة، فلم تتمكن أمريكا من حماية عرش بن على فى تونس ولا مبارك فى مصر ولا على عبد الله صالح فى اليمن ولا القذافى فى ليبيا.
فصار الهدف الأسمى هو تحويل الدول إلى دويلات والجيوش النظامية إلى ميليشيات، واستخدمت فى ذلك السلاح الفتاك الذى لا يقاوم إلا بالوعى وهو سلاح الفتن الطائفية وإثارة النزعات العرقية وتسليح الجماعات الدينية.. فمن أين جاءت الجماعة الإسلامية وتنظيم داعش بالعراق بهذا السلاح المتطور ؟ ومن كان وراء تدمير الجيش العراقى وتسريح ما بقى منه ؟ ولماذا تُعاند قطر وتعادى دول مجلس التعاون الخليجى ومصر من أجل البقاء على قناة الجزيرة وعلى موقفها المعادى للسلطة فى مصر ؟ ومن كان وراء تقسيم السودان إلى شمال وجنوب ؟ ومن يسعى الآن إلى وجود دويلات سودانية أخرى الأولى فى كردفان والثانية فى دارفور ؟ ليكتمل تقسيم السودان إلى 4 دويلات! ومن المستفيد الأول من استمرار الحرب الأهلية فى ليبيا؟ واستمرار الوضع المزرى فى سوريا ؟ وتشجيع إسرائيل المتغطرسة صاحبة الحصانة الدولية فى إبادة الشعب الفلسطينى؟ نظرة واحدة على وضع الخريطة ستجد الإجابة على كل هذه الأسئلة الخطيرة، وإن كل ما يحدث يصب فى مصلحة إسرائيل فقط وتحقيق أمنها القومى.. ويدل على وجود يد العبث الأمريكية التى تعبث بأمننا القومى ظاهرة للعيان، وأن مؤامرة التقسيم واقعة لا محالة.. ولا مفر من ذلك الخطر المحدق إلا أن يتحقق الوعى العربى بخطورة الوضع، وأن مصيرنا جميعاً قد أصبح على المحك.. فهل سيظل الوعى غائبا.. أم أننا سنستفيق قبل فوات الأوان؟.
د. غيضان السيد على يكتب: المؤامرة الكبرى.. وغياب الوعى
الثلاثاء، 29 يوليو 2014 04:00 م