أثبت الفنان القدير محمود الجندى أنه واحد من أهم فنانى جيله، حيث استطاع أن يحبس أنفاس الجمهور فى كل مرة تقترب عدسات المخرج إبراهيم فخر لمنزل رشدى بحارة الصعايدة فى مسلسل "ابن حلال"، لما تحمله شخصية رب تلك الأسرة الذى كسر كل قواعد الأبوة مقابل تحقيق غاياته، إلى العديد من علامات الاستفهام، لعنفه الشديد فى التعامل مع أبنائه، فهو الفنان الذى تجرأ على تقديم شخصية البخيل بعد أن قدمها الفنان الراحل فريد شوقى فى مسلسل "البخيل وأنا" منذ 23 عاماً، وهو الدور الذى حرم زملاءه فى الوسط الفنى من تجسيد الشخصية لما قدمه وحش الشاشة، حيث "قفل الشخصية" بلغة صناع الفن.
لم يعتمد الجندى على الموروث الثقافى لدى المصريين حول شخصية البخيل بمفرداتها الثابتة والمعروفة، وإنما أضاف لها العديد من التفاصيل، جعلت الجمهور ينتظر بشغف ما سيقدم عليه رشدى داخل سياق أحداث المسلسل، فهو الشخص المتسلط الذى تسبب فى وفاة زوجته الفنانة حنان سليمان ولم يكتف بذلك بل رفض تنفيذ وصيتها وتزوج من حبيبة ابنه الوحيد بعد أن طرده عارية فى الشوارع.
الجندى يرصد بدور "رشدى" حياة أب استطاع وبمهارة شديدة أن يدمر حياته وحياة أولاده دون أن يعى ذلك، غرائزه وشهواته ودنو طباعه دفعت بولده الوحيد إلى السجن ومن ثم إلى الشارع ودفعت بابنته للزواج بثرى عربى تنتهى علاقتهم بالطلاق لتقع فى علاقة غير شرعية مع راقص لتدخل فى فصل جديد من دراما حياتها التى بدأتها داخل حارة الصعايدة وبمنزل والدها رشدى البخيل الذى باعها بأبخس الأثمان مقابل حفنة من الدولارات.
الجندى والذى تسبب فى مقتل زوجته حرقا بالنيران مات هو أيضا محروقا ومختنقا فى مسلسله الثانى "شارع عبد العزيز2"، حيث شب حريق هائل فى مخزن "عبد العزيز" عمرو سعد أودى بحياة "زكريا" محمود الجندى الذى توفى إثر اختناقه من الدخان الناتج عن الحريق، وهو العمل الذى يؤكد على موهبة الجندى فى أشكال مختلفة من الدراما الإنسانية.