فى مشهد غاب عن مناطق الشعبية والسيل وخور عواضة شرق مدينة أسوان، لمدة تجاوزت ثلاثة أشهر، جمعت صلاة عيد الفطر المبارك أبناء قبيلتى الدابودية وبنى هلال والنساء والأطفال، فى ساحة واحدة، لأداء صلاة العيد بعد إتمام جلسة الصلح النهائية خلال شهر رمضان المبارك.
وشدد إمام وخطيب صلاة العيد على تسامح النبى الكريم، ودعوة الإسلام الحنيف التى تدعو للتسامح والمحبة بين المسلمين، مشيراً إلى حق الجار على جاره، خاصة فى مثل هذه الأيام المباركة من أيام عيد الفطر.
وبعث أبناء القبيلتين بأسوان برسالة تهنئة إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بمناسبة عيد الفطر المبارك، عرفاناً بجهوده التى بذلها من أجل تحقيق السلام وصولاً إلى المصالحة بين العائلتين بعد أحداث عنف دامية دارت بينهما مطلع شهر إبريل الماضى.
وأكد السيد الإدريسى، رئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، والمتحدث الرسمى باسم لجنة المصالحات، أن أبناء الدابودية وبنى هلال فى مناطق "الشعبية والسيل وخور عواضة"، والتى شهدت الأحداث الدامية شرق مدينة أسوان، تواصلوا الزيارات المتبادلة بينهما فور إتمام إجراءات الصلح بين الطرفين بالصالة المغطاة مطلع شهر رمضان الماضى، مشيراً إلى استمرار هذه الزيارات خلال أيام عيد الفطر المبارك، وذلك ضمن مبادرات تقديم التهنئة للجانبين.
وأشار الإدريسى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إلى أن لجنة المصالحات لم يقتصر دورها على إتمام المصالحة بين الطرفين وحسب، مؤكداً على مواصلة الجهود المبذولة بعد جلسة الصلح وصولاً إلى التهدئة العامة للنفوس والاستقرار المعيشى بين أبناء القبيلتين.
وأوضح أن هناك عيديات نقدية تقدم لفقراء من العائلتين للمساهمة فى إدخال البهجة والسرور عليهم خلال أيام العيد.
على الجانب الآخر، أبدى مجموعة من أهالى القبيلتين مخاوفهم، مما وصفوه بـ"عدم جدية الصلح بين العائلتين"، معللين بأن جلسة الصلح التى تمت بين الطرفين لم تكن مشتملة على جميع أولياء الدم من الطرفين.
واتهم "حسن هلالى" من أبناء بنى هلال، اللواء مصطفى يسرى وأعضاء لجنة الصلح، بتجميل الصورة الحقيقة بين الدابودية وبنى هلال، واستغلال المصالحة دون إرضاء لجميع أطراف الدم، وذلك بعد تفاوت أعداد القتلى وزيادة أعداد المتوفين بواقع 5 أشخاص من بنى هلال، مشيراً إلى أن لجنة المصالحة اكتفت بولى دم واحد فقط ليحضر جلسة الصلح، وأغفلت حق باقى أولياء الدم.
وأكد هلالى، أنهم قدموا أكثر من طلب للجنة الصلح ومحافظ أسوان، لتسوية أعداد القتلى من خلال مراسم صلح حقيقى تعبر عن إرضاء لأولياء الدم، حتى تصفى وتصفح النفوس عن ما افتقدوهم من ذويهم.
وفى المقابل، قال "كمال فتحى"، شقيق أحد المتوفين فى الأحداث من أبناء الدابودية، إن جلسة الصلح تمت بين يوم وليلة عقب سقوط آخر قتيلين قبل حلول شهر رمضان بثلاثة أيام، الأمر الذى أحزننى ووالدى، رغم أننا أولياء دم ولكنه لم يتم دعوتنا فى جلسة الصلح الأخيرة.
وطالب أبناء القبيلتين من القضاء المصرى تطبيق القصاص العادل لعودة حقوق ضحايا الأحداث، وحتى ينال المجرم جزاءه الذى يستحقه بالقانون.
وكان "عارف صيام" عن قبيلة الدابودية وأحمد عبد الصمد عن قبيلة بنى هلال، قد تبادلا وسط أجواء من المحبة والإخاء وصيحات التكبير والتهليل والفرحة، صيغة التعهد بالعفو والصفح والاتفاق على الصلح كرامة لوجه الله ورسوله، مع الاعتذار لأهل أسوان ولمصر كلها عما بدر من القبيلتين أثناء الاشتباكات التى حدثت فى مطلع إبريل الماضى، وأيضاً اعتذارهم لأبناء الكوبانية والشلالية بالكرور عن الحادث الأخير.
حضر مؤتمر الصلح النهائى بين القبيلتين بالصالة المغطاة بمدينة أسوان، اللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان والدكتور عباس شومان وكيل مشيخة الأزهر الشريف والسيد محمود الشريف نقيب الأشراف بمصر واللواء سعد زغلول مساعد وزير الداخلية لجنوب الصعيد و الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان ورئيس لجنة المصالحة وأعضاء اللجنة العامة والقيادات الأمنية والدينية والحزبية والقوى السياسية والتنفيذية وعواقل وأجاويد القبائل الأسوانية.
والمفاجأة أنه ليس هناك شروط موضوعة فى إجراءات إتمام الصلح بين العائلتين، أو حتى تقديم أكفان كما هو معهود فى عرف جلسات الصلح بين أولياء الدم، وعدم تقبل أبناء الدابودية من النوبيين، بشرط حمل الأكفان معللين بعدم وجوده فى عرف النوبة وبين أبنائها المتخاصمين.
وبالرغم من تفاوت أعداد القتلى فى الجانبين، وتمسك قبيلة بنى هلال بشرط حمل كبار الدابودية أكفانهم على عربة كارو، والسير بهما، كما حدث مع قتلى بنى هلال خلال الأحداث الأخيرة، إلا أن تنازل الطرفين وموافقتهما على الصلح تم بدون شروط.
من جانبه، أكد الدكتور منصور كباش رئيس لجنة المصالحات، أن الجنة التى شكلها الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، بإشراف اللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان، توصلت بجهود الإخلاص من أعضائها إلى إتمام الصلح النهائى بين عائلتى الدابودية وبنى هلال بدون شروط.
وأوضح كباش، أن مراسم الصلح ستتم بأن يتقدم أبناء الدابودية بالاعتذار لأولياء الدم من بنى هلال، ويتقدم بعدها أبناء بنى هلال بالاعتذار لأولياء الدم من الدابودية، ويتصافح الأطراف أمام الجميع إيذاناً ببدء صفحة جديدة بينهما، مشيراً إلى تبادل الزيارات كلُ فى موقعه وتستمر العلاقات بين القبيلتين والعائلتين المتجاورتين والمتداخلتين.
وشدد رئيس لجنة المصالحات بأن هذا الصلح يشترط أن يكون تاماً ونهائياً وباتاً، بوجود أطراف أولياء الدم بكامل أهلهم وبحضور أجواد وعواقل أهل أسوان، مضيفاً أن إتمام هذه المصالحة من الطرفين، وإقرارهما التصالح الرسمى من ولاة الدم من كل طرف، وتوقيع كبار العائلتين على وثيقة المصالحة، موضحاً أن أى اختراق لشروط الصلح يتحمل الطرف المخترق للصلح إذا كان خرقاً جماعياً دفع مبلغ مادى قدره مليون جنيه.
وفى حالة الخرق الفردى يتحمل الفرد المخترق دفع مبلغ مادى قدره 100 ألف جنيه، وأما إذا كان الخرق عن طريق إساءات أو إشارات أو عبارات مسيئة يكون هناك تعويضاً مادياً وأدبياً أيضاً، لافتاً إلى أن ذلك يأتى من باب الزجر والمنع، ولكن العفو والتسامح والتصالح هو أساس المصالحة بين الطرفين.
وفى كلمته قدم محافظ أسوان، الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسى والمستشار عدلى منصور والمهندس إبراهيم محلب ووزارات الدفاع والداخلية والتنمية المحلية والأوقاف، تقديراً لدعمهم ومساندتهم لاحتواء الموقف منذ مطلع إبريل الماضى، حيث ساهمت توجيهاتهم المباشرة لإتاحة كافة الإمكانيات الحكومية والأمنية، بجانب تنمية وتطوير المنطقة التى شهدت الأحداث، لافتاً إلى أن ذلك توازى مع الرعاية الكريمة والمتابعة الدؤوبة للموقف أولاً بأول من فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذى كان على اتصال دائم بلجنة المصالحة ليثبت الأزهر الشريف بأنه منارة التنوير والحصن المدافع عن أرض الكنانة من خلال سعيه الكريم لإخماد نار الفتنة وحقن الدماء ومواجهة الإرهاب والتطرف فى كل شبر من أرض مصر.
وناشد مصطفى يسرى أهل أسوان، بمختلف أطيافهم، ضرورة التكاتف والتماسك فيما بينهم لمواجهة الفتن والشائعات والدعوات الهدامة من أجل الحفاظ على محافظتهم العريقة، خاصة أن أسوان فى أمس الحاجة إلى الأمن والاستقرار، ولكل يد تبنى وتعمر لتعود لسابق عهدها كقبلة للسياحة العالمية وقلعة للصناعة المصرية وملتقى للحضارات والثقافات والفنون.
كما طالب المحافظ بالاعتذار لكل سيدة أو فتاة أو طفل أو شيخ كبير واجه الترويع والخوف من هول الأحداث المؤسفة بين القبيلتين، وخاصة أن ما حدث يتعارض مع ما توارثه أهل أسوان من أجدادهم على مر التاريخ من الطيبة والسماحة والبشاشة والتماسك والعفو والكرم، مؤكداً على فخره واعتزازه بوعى وحكمة وصلابة أولياء الدم وكبار قبيلتى الدابودية وبنى هلال على وعيهم وحسهم الوطنى الصادق ليعطوا القدوة والمثل بأن نبذ العصبية والقبلية والعنف هو السبيل الوحيد لنعيش جميعاً فى مجتمع آمن لا يعرف الخوف على حياة ومستقبل أبناؤه، لأنه بالتكاتف والترابط نستطيع عبور أى أزمات مهما كان قسوتها وآلامها، وخاصة عندما نتمسك بقيمنا وتعاليمنا الدينية السامية لنثبت بأن ما حدث بعيد تماماً عن الصورة الحقيقية لطباع أهل أسوان الذين أكدوا بهذه المصالحة النهائية بصدق ما يعرف عنهم.
من جانبه أشاد عباس شومان بدور محافظ أسوان ولجنة المصالحة فى احتواء الأزمة، على الرغم من الضغوط والعقبات التى واجهتهم وهو الذى كان محل تقدير من فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى وضع هذه المصالحة على عاتقه وفى مقدمة أولوياته، متمنياً أن يجتمع شباب بنى هلال والدابودية فى مسجد واحد وعلى مائدة واحدة، وأن يتقدموا بالشكر والحمد لله عز وجل على رفعه العداوة والبغضاء من بين القبيلتين واتمام هذا الصلح الذى يعتبر فرحة لمصر كلها، والأجر لمن تقدم بالصفح.
وفى نفس السياق أكد الدكتور منصور كباش رئيس لجنة المصالحة على أن أسوان على مر التاريخ اشتهرت بالسلام وكان لهذا الحدث المفاجئ والذى لا يمكن تصور حدوثه للعائلتين صدمة مؤلمة للجميع مما حدا بالسرعة الكبيرة للاستجابة والتدخل من قيادات الدولة، فتم العمل على قدم وساق لاحتواء الموقف فى أيامه الأولى ووقف نزيف الدم والسعى الحثيث نحو ترميم الخسائر النفسية والمادية التى تعرض لها كل منهم على حده، فكان توزيع الأدوار والتخصصات، لافتاً إلى أن اللجنة رأت ومعها الجميع من الطرفين على حصر المشكلة فى مكانها بمنطقة السيل الريفى بين عائلات متجاورة تعيش سوياً منذ سنين طويلة وعدم امتداد هذا الخلاف خارج هذا المكان تحت أ ظرف.
وطالب كباش فى ختام كلمته الأطراف المعنية من العائلتين الدابودية وبنى هلال تحمل المسئولية الكاملة نحو تحقيق واستقرار السلام داخل محافظة أسوان حيث أن خدمة السلام أشق وأصعب وتحتاج إلى جهود مستمرة ليلاً ونهاراً.
ومن جانبها أعدت مديرية أمن أسوان، بالتنسيق مع القوات المسلحة، إعداد الخطة النهائية لتأمين مراسم الصلح النهائية بين عائلتى "الدابودية وبنى هلال" بالصالة المغطاة بمدينة أسوان، بعد أن دفعت بما يقرب من 75 ضابطاً منهم 35 ضابطاً بإدارة البحث الجنائى، بالإضافة إلى 105 مخبرين سريين، و500 مجند بالأمن المركزى.
جانب من صلاة العيد
رجال الدين أثناء حضور جلسة الصلح
منصة إعلان الصلح بين العائلتين
لجنة المصالحات تتلو صيغة العفو والصفح
تعانق أبناء القبيلتين بعد إتمام الصلح
بعد 90يوماً من العنف.."صلاة العيد"تجمع الدابودية وبنى هلال بأسوان.. القبيلتان تبعثان ببرقية تهنئة لشيخ الأزهر..لجنة المصالحات:تبادل زيارات العائلتين وتقديم عيدية.. وأطراف تستنكر تجاهل بعض أولياء الدم
الإثنين، 28 يوليو 2014 11:14 ص
الدابودية والهلايل يصلون العيد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة