كمال حبيب

إعادة الاعتبار للجامع الأزهر

الإثنين، 28 يوليو 2014 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لى ليلتان أصلى فيهما بالجامع الأزهر كل عام فى شهر رمضان، وقدر الله لى ذلك العام أن تكون الليلة الأولى خمسة وعشرين وأن تكون الثانية سبعة وعشرين، لم يكن حال المسجد بخير أبدا. الشركات التى تقوم على النظافة بالجامع ليست فى أحسن حال، خاصة فى تنظيف دورات المياه، ويغيب المشرفون، ويختلط الحابل بالنابل دون مرشدين أو موجهين، بين الصلوات استراح المصلون إلى درس أحد فطاحل العلماء حيث نجلس عند أسفل قدميه، واقتربت منه وجلست قريبا منه، كان يتحدث عن صلح الحديبية بصوت جهورى راسخ يذكرنا بالشيخ كشك رحمه الله، وكان ضريرا أيضا. كانت أصوات القراء من أمتع وأجمل الأصوات، فمنها تابعت الضبط والإتقان لمخارج الحروف فى وقت عز فيه ذلك الضبط والإتقان، وتتعرض العربية وحتى آيات القرآن لما أعتبره عدوانا عليها من حيث الاستهتار فى الضبط والإتقان. بالليل الجو ساحر، وساحة الأزهر الخارجية تبدو كحوصلة تحيط بنا كالجواب ويتردد القرآن والدعاء ممزوجا بجمال الليل وعذوبة النسمات الطرية الحانية فى صيف قائظ شديد بالنهار، أشعر كأن الناس يبحثون عن ضالتهم فى الجامع العتيق فلا يجدونها.
إنى أرى شيخ الأزهر وبعض علمائه يأتون فى الدعاية لبعض أعمال البر والخير وشفاء المرضى ويحضون على ذلك، ولم يفكر هؤلاء فى الانتصاف من أنفسهم لصالح جامعهم الذى تخرجوا فيه لتوقف وقفية كبيرة على هذا الجامع لتعيد إليه بهاءه وجماله ونظافته، وتبث الروح والحياة فى الجامع الكبير الذى كان أساس الجامعة وأساس الحياة العلمية فى مصر. إننى أدعو إلى أن يكون الجامع الأزهر هو مركز الدعوة لتجديد الخطاب الدينى، وأن يكون هو جسر التواصل بين العامة والمتخصصين وطلاب العلم وبين علماء الأزهر ومشايخه، وذلك بجعل شهر رمضان كله ملتقى يقوده شيخ الأزهر وكبار هيئة العلماء كل فى تخصصه، وأن ينتقل شيخ الأزهر وكبار هيئة العلماء جميعا إلى صحن الجامع الأزهر يلقون الدروس ويحيون سنة العلم داخل هذا الجامع للوافدين إليه من العامة والجمهور ومن المتخصصين أيضا. لا بل إننى أدعو إلى أن تعود الدراسات الحرة لغير طلاب الجامعة الأزهرية مرة أخرى لتكون نشاطا لمن يريد أن يتعلم أمور دينه، وأن يستقيها من مظانها الصحيحة والمنضبطة، وأن نوسع المعرفة الصحيحة بالدين فى ظل الهياج العام الذى نراه فى الإقليم العربى والذى يفتح علينا جميعا شرا مستطيرا من الفهم السقيم للدين والممارسات الخاطئة.
الإهمال باد لعيان كل من يدخل الجامع العتيق الكبير، ولا بد من تحويل الجامع إلى منارة للعلم وجذبا للشباب ومحبى العبادة والعلم، لقد كان الأزهر يضج بالقادمين إليه ليلة السابع والعشرين من كل فج عميق من أنحاء وطننا الحبيب مصر، كان أغلبهم من الفقراء المتصوفة المحبين للجنة الطالبين بالفوز بها من ربها، فكيف لا يكون شيخ الأزهر وصفوة كبار علمائه متواجدين فى تلك الليلة ليطلوا على الناس ويطل الناس عليهم. البعض تحدث فى بعض الأحيان عن أزهر جديد أو بديل مختلف لارتباط الأزهر وعلمائه بالسلطان، ولكن بعد ثورة 25 يناير فإن انتخاب كبار هيئة العلماء وانتخاب شيخ الأزهر من بينهم سيعطى حيوية للأزهر، صوت الأزهر لن يكون قويا إلا بعودة الاعتبار للجامع الأزهر، ولن يكون صادقا إلا بتحرك علمائه إلى حيث يقصدهم الناس ويريدونه. أتذكر المجالس الحسنية فى المغرب نسبة للملك الحسن – وكان يحضرها الملك بنفسه ويدعو إليها كبار العلماء فى العالم، نريد للجامع الأزهر أن يكون له قناته الخاصة التى تنقل الدروس مباشرة للجمهور والمتخصصين، الجميع يتحدث عن كل القوى الناعمة ولا يذكرون أهمها وهو الجامع الأزهر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة