
بعد انتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشعب، كانت هناك رهانات على إمكانية أن يقدم مبارك تغييرا فى نظامه، بينما كان هناك من النخب والمعارضين والأكاديميين من راهن أن مبارك لن يقدم أى خطوات جديدة، ولو كان يريد ربما فعلها خلال السنوات الخمس وعشرين. كانت علامات التآكل تظهر على الكثير من تفاصيل نظام الرئيس مبارك، الذى بدأ يدخل أكثر فى حالة من العزلة ويفتقد إلى الابتكار، ويركز فقط على أمنه الشخصى وصحته التى لم تعد على ما يرام، فقد سافر لإجراء جراحة فى الظهر، وكان واضحا أنه يعانى مشكلة فى السمع، ولم تعد خطواته تلك الخطوات الواثقة التى تميز بها طوال عشرين عاما، كان مبارك يسعى لإخفاء تأثيرات الزمن على وجهه وجسده، بينما لا أحد سبق له أن تحدى الزمن. كان مبارك فى السنوات الأخيرة يضيق بالاجتماعات الطويلة، وكان يعانى من تشتت الذهن، خاصة بعد زيادة تدهور السمع عنده رغم الميكروفونات الصغيرة جدا التى يضعها فى أذنيه، وقد رفض مبارك الاستماع لنصائح الأطباء المصريين، وانتظر طبيبه الفرنسى وهو ما أدى لتدهور السمع عنده.
كان رد الفعل تجاه التساؤلات والأحداث باهتا. شؤون الاقتصاد تدار فى اتجاه واحد رفع نسبة النمو وهى نظرية صحيحة، لكن تلك النسبة اتجهت فى توزيعها اتجاها يفتقد إلى العدالة، والتعديلات الدستورية 2005، مست المادة 76 لكن طبيعة النظام ظلت مركزية غير قابلة للتغيير. مبارك يتحدث عن إصلاحات سياسية تدريجية ولم يكتف بالسلطة 25 عاما. ورئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف تكنوقراط بعيدا عن السياسة، تابعا لجمال مبارك ومجموعته الاقتصادية، وكثيرا ما كان يؤكد أن الحكومة هى حكومة الحزب، غير قادر على التفرقة بين الحزب والطاقم الضيق. كان هناك تعمد لترك الوضع مفتوحا، بين النفى والإثبات، فقد كان جمال وطريقة تحركه وأداؤه وحجم الحراسة المخصصة له، وعلاقاته بالمسؤولين والوزراء كانت توحى بلا التباس بأنه يسيطر على الوضع، بل وبدا مبارك نفسه يتراجع أمام جمال.
.jpg)
كان غياب الأجوبة تعكس أزمة داخل نظام مبارك. والاحتجاجات مستمرة والغضب امتد لأكاديميين ومثقفين وقضاة، وجذبت حركة كفاية فئات مختلفة، وشجعت على التظاهر، وأبدت قلقها من استمرار الغموض. القضاة والمحامون والصحفيون، الكل يبحث ويتساءل ويتوقع أى تحرك من مبارك الذى اقترب من الثمانين ويرفض إعطاء أى إشارة للمستقبل، ويصر على ترك قضية التوريث مفتوحة، فهو ينفى ويترك السلطة لجمال وعز ولجنة السياسات.
كانت أزمة السياسة فى مكان فى الدولة. اختيار عمداء الكليات أو رؤساء الجامعات أو الشركات وأحيانا الوزراء تخضع لأهواء وعلاقات لجنة السياسات التى كان لها النصيب الأكبر فى اختيار الوزراء، والمسؤولين فى الجامعات، خاصة فى حكومة نظيف، التى ضمت رجال أعمال مثل رشيد محمد رشيد ومحمد منصور وأحمد المغربى وزهير جرانة، فضلا عن يوسف بطرس غالى ومحمود محيى الدين الذى شغل منصب مستشار يوسف بطرس غالى، ثم جاء وزيرا للاستثمار فى حكومة الدكتور أحمد نظيف، وتولى عملية بيع وتصفية القطاع العام.
.jpg)
لم يكن الخلاف داخل الحزب الوطنى بين الشيوخ والشباب، لكنه بدا وكأنه منافسة بين عصابات. اعتاد الحزب ترشيح وزراء فاشلين، ليجمعوا بين المنصب التنفيذى والتشريعى. تمت إعادة ترشيح وزير الإسكان والتعمير محمد إبراهيم سليمان، وهو وزير فشل فى الإسكان والتعمير، وثارت ضده الكثير من الاتهامات فيما يخص أراضى الدولة، وتم ترشيحه ودعمه فى دائرة منشية ناصر الفقيرة ووعدهم بالتطوير والمساكن وظلت، المناطق العشوائية فى دائرة وزير التعمير شاهدا على ما أصاب النظام من تفسخ.
بدا أن الحرس القديم والجديد قد اقتسموا السلطة والنفوذ، تولى زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية أمانة الصندوق للحزب وصفوت الشريف أمينا عاما، وخرج كمال الشاذلى من أمانة التنظيم ليحتلها أحمد عز، وتم إرضاء الشاذلى بمنصب وزير المجالس التشريعية، بعد سنوات كان يسيطر على أمانة التنظيم ويتحكم فى منح مقاعد البرلمان ووظائف الشرطة والنيابة العامة والبنوك التى كانت توزع بالواسطة والمال. ولم يخرج كمال الشاذلى من دائرة السلطة بالرغم من تقدم السن والمرض، كما أنه حرص على الدفع بأبنائه فى صدارة المشهد السياسى والإعلامى. وبدت شبكة مصالح أبناء الحرس القديم، ضمن مصالح الحرس الجديد، وهو ما بدا تحالفا جديدا لإعادة بناء نظام مبارك بطريقة أكثر حداثة لكن من دون التطرق لكنه النظام وتركيبته.
بعد الانتخابات الرئاسية جرت انتخابات مجلس الشعب حصل الحزب الوطنى على 330 «منها 177 مقعدا بالانتخاب والباقى عن طريق ضم المستقلين وفازت جماعة الإخوان بـ88 مقعدا، وحصل الوفد على 5 مقاعد والتجمع على مقعد، والغد على مقعد والمستقلون شغلوا 19 مقعدا، وتم تعيين 10 نواب بقرار من الرئيس ليصبح عدد مقاعد مجلس الشعب 454 مقعدا. الحزب الوطنى فاز بـ40% فقط من المقاعد، واضطر للتدخل لضم مستقلين ليحوز الأغلبية».
كانت انتخابات مجلس الشعب تالية بشهرين لانتخابات الرئاسة التى فاز فيها حسنى مبارك بجهد جمال ولجنة السياسات، وإعلاميين محترفين، وأنفق رجل الأعمال أحمد عز ملايين فى انتخابات الرئاسة والبرلمان، ومعه عدد من رجال الأعمال، ونقل عن مسؤولين فى شركات ومكاتب عز أنه دعم عددا من كبار مرشحى الحزب الوطنى من الوزراء والمسؤولين بمليون جنيه وأكثر فى حالة فتحى سرور وكمال الشاذلى وغيرهما.
.jpg)
لمع عز منذ انتخابات 2000 وبالرغم من أنه كان بلا سوابق سياسية، فقد بدا حريصا على تجميع السلطة فى يديه، وكان أحمد عز مرتبطا بجمال مبارك وبدا فى بعض الأحيان حريصا على السلطة أكثر من جمال مبارك. أحمد عز بدأ فى بناء شبكة اتصالات وتنظيم حزبية، سعى لأن تكون حديثة ومبرمجة وتعتمد على التكنولوجيا والاتصالات، وجند لذلك بعض معاونيه فى شركاته، وأيضا بعض الشباب الصغير بلا تجارب سابقة ممن كانوا يجيدون التعامل مع التكنولوجيا وأدوات التواصل والمواقع الاجتماعية، فيما عرف بعد ذلك باللجان الإلكترونية للحزب الوطنى، وقد ظهر شباب أحمد عز فى انتخابات الرئاسة والبرلمان 2005 وهم يحملون أجهزة لاب توب متصلة بالإنترنت وتليفونات محمولة. وهم من شاركوا فى انتخابات الحزب، وكان هذا كله من ضمن المفارقات، شباب صغير وأجهزة حديثة فى حزب عجوز لا يتجاوز تجمع مصالح، فضلا عن وجود تحالفات وتقاطعات بين الحرس القديم والجديد، المهم أن أحمد عز كان يدعم اللجان الإلكترونية وطواقم الاتصالات، وبدأ يركز فى مهامه كأمين للعضوية ثم للتنظيم.
ظهرت توقعات أن يسارع مبارك بأى تحرك من شأنه أن يحسم الغموض حول المستقبل، أو يعلن أن فترته الرئاسية هى الأخيرة وأنه سيمهد لانتخابات قادمة. راهن البعض على أنه سيعين نائبا، أو يتخذ أى خطوات، لكن الخطوات واجهت معارضة من سوزان ثابت ومن جمال، وظهر بعد تنحى مبارك أنه كان قد فكر فى اتخاذ قرار بتعيين عمر سليمان بعد أن أغمى عليه فى مجلس الشعب، وأثناء إجراء الجراحة فى ألمانيا، لكن هذه القرارات لم تجد طريقها للنور. خاصة وأن هذه الفترة شهدت سيطرة لجمال على الأحداث والحكومة، وجاءت انتخابات 2005 لتكون مقدمة لسيطرة أحمد عز على مجلس الشعب بعد أن تولى أمانة التنظيم للحزب الوطنى، ورئاسة لجنة الخطة والموازنة أهم لجان مجلس الشعب. كانت ظاهرة الخلط بين المواقع التشريعية والتنفيذية والحزبية بدأت فى الحزب الوطنى والحكومة، ومعها الخلط بين السلطات، وتداخل المصالح الخاصة مع المصالح العامة.
.jpg)
فى نهاية يناير 2006 أعلن الحزب الوطنى عن إجراءات وتغييرات جديدة فى هيكل وقيادة الحزب كانت تهدف إلى تصعيد جمال مبارك إلى منصب الأمين العام المساعد للسياسات بالحزب وليبقى على بعد خطوة واحدة من قيادة الحزب. كان المعلن هو الرغبة فى تولية قيادات شابة قادرة على المشاركة بفاعلية بينما كان الواضح هو تعزيز دور جمال مبارك القيادى، تمهيدا لسيطرة كاملة له على الحزب تؤهله للترشح عنه فى الانتخابات الرئاسية 2011. كان الحزب الوطنى «انتهى من إعداد تشكيل أمانته العامة وهيئة المكتب السياسى لتشمل تغيير 11 عضوا حيث أصبح المكتب السياسى يضم كلا من «صفوت الشريف أمينا عاما للحزب، وجمال مبارك أمينا عامًّا مساعدًا للسياسات». بدلا من كمال الشاذلى الذى تم إبعاده حركة التغيير ضمت كلا من أنس الفقى وزير الإعلام ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة، إلى عضوية الأمانة العامة للحزب. وتعيين مفيد شهاب أمينا مساعدا للشؤون البرلمانية، وزكريا عزمى أمينا مساعدا للتنظيم والشؤون الإدارية والعضوية، وأحمد عز أمينا للتنظيم وعلى الدين هلال أمينا للإعلام.
كانت التغييرات واضحة باتجاه فرض السيطرة النهائية لجمال مبارك، بتعاون من الحرس القديم الذين وجدوا أنهم يواصلون وجودهم ونفوذهم، ترك الشاذلى الحزب، وبقى فى الحكومة وزيرا.
فى مارس 2006 ظهر جمال مبارك وقدم نفسه لهم باعتباره رجل الشعب مجددًا نفيه بأن تكون لديه الرغبة فى قيادته. وظهر فى مقابلة تلفزيونية استمرت ساعتين، ولفت النظر بتكرار كلامه بأنه ليس لديه «النية أو الرغبة» فى أن يصبح رئيسًا لمصر خلفًا لوالده ويومها تساءل الدكتور سعد الدين إبراهيم إذا لم يكن جمال مهتما (بالسلطة) فلماذا كل هذا العناء». كانت هناك محاولات لتلميع جمال إعلاميا من خلال فريق إعلامى هو نفسه الذى أدار حملة مبارك الأب الرئاسية والتى استهلها عماد الدين أديب مبكرا بحديث طويل من ثلاث حلقات حكى فيه مبارك عن رحلته. وتلته حملة ظهر فيها مبارك بدون كرافتة وبجاكيت وملابس فاتحة.
ويروى شفيق البنا وعدد من المقربين أن سوزان مبارك لم تكن وحدها المسيطرة على الرئيس بل أيضا جمال عبدالعزيز وزكريا عزمى وكانا يسيطران عليه ويغضبهما أن يصل إليه أى شخص من دون علمهما، زكريا عزمى كان يكره كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق وكان يشاركه فى الكره جمال عبدالعزيز لأن الجنزورى كان أقوى منهما بالرغم أن جمال عبدالعزيز لا يظهر على وجهه الشر الذى يخفيه فهو دائما مبتسم وكانا يبذلان كل جهد لتصغيره. لكنه كان يتصدى لهما، ولم يعرف أنهما يتآمران عليه، ومنها أن زكريا عزمى كان مبارك فى اليابان ونزل من الطائرة وزوجته وجمال، واحتجز زكريا عزمى الجنزورى بزعم أن اليابانيين فعلوا هذا. واتصل الجنزورى غاضبا رافضا حضور اجتماع اقتصادى واتصل مبارك بالجنزورى وقال له «منتظرك فى الاجتماع».
كان مبارك فى السنوات الأخيرة يحب أن يتحدث المسؤولون والحكومة والإعلام عن إنجازاته التى كان يسعد عندما يقولون له إن إنجازاته فاقت إنجازات محمد على وكان صفوت الشريف ينقل له إحساس أن اى زيارة له إنجاز تاريخى ويلمعه فى التليفزيون والصحف ويوثق له الزيارة على شريط فيديو مدعم بأغان وطنية فى البداية والنهاية، وهو امر ازداد معه فى السنوات الأخيرة.
أما جمال فقد حرص على تصعيد مكانته فى القصر، وكان هذا بمعرفة مبارك، وليست سوزان كما يدعون، ويقول شفيق البنا: ذات مرة طلب جمال أن أصمم له ديكورا خاصا لوضع شاشة تليفزيون ودش فى حديقة القصر لمتابعة الأخبار وهو يتناول الغداء، فعرضت الأمر على الرئيس، لكنه رفض، فقمت بتجهيزها، وانتظرت ماذا يحدث، وبعد يومين طلبنى جمال، وحضرت إليه وكان يجلس مع والده وقالى يا باشمهندس لما أطلب منك حاجة تنفذها من غير ما ترجع للرئيس، فنظرت للرئيس فأدار وجهه بعيدا، فقلت لجمال: الأشياء جاهزة للتركيب ولا ينقصها سوى تحديد المكان، فاستغرب كعادته وقال لى: «أنت خطير يا شفيق»، وضحك.
البنا يقول إن المشير محمد حسين طنطاوى والوزير عمر سليمان كانا ضد التوريث، وكان جمال لا يحبهما لأنهما رفضا تدخله فى شؤون أعمالهما على عكس باقى الوزراء، حتى صفوت الشريف عندما علم بأن جمال مبارك هو الذى بدأ يتعامل مع الوزراء ويتابع البوسطة توجه إليه، وبدأ يتعامل معه مباشرة فى كل الشؤون.
.jpg)
وفى 12 مايو 2006 زار جمال مبارك البيت الأبيض التقى مسؤولين، منهم بوش ونائبه ديك تشينى، وقال: إن الإصلاح عملية «طويلة المدى»، وقد تشهد «انتكاسات». الزيارة التى تم الكشف عنها بعد ثلاثة أيام من إتمامها جاءت بعد يوم من الخميس الدامى 11 مايو الذى شهد انتهاكات واعتقالات لمتظاهرين فى قلب القاهرة احتجاجا على إحالة قاضيين إصلاحيين لمحكمة تأديبية. جمال «طلب مقابلة مستشار الأمن القومى ستيف هادلى». واجتمع معه يوم الجمعة، واستقبل الرئيس «جورج بوش» السيد جمال مبارك وحمله أغلى أمنياته لوالده الرئيس حسنى مبارك. حسب واشنطن بوست التى قالت: إن جمال مبارك أخبر المسؤولين الأمريكيين أن مصر ملتزمة بالمزيد من الديمقراطية. وكان كلام جمال، وكان يعنى أنه يجب التمهل فى خطوات الإصلاح فى ظل عدم حل القضية الفلسطينية، والأوضاع المتوترة فى الشرق الأوسط والبؤر الملتهبة بها كالعراق وفلسطين. وأن الإصلاح السياسى يجب أن يتم خطوة خطوة، وليس تحولا كليا.
وكان الأمن المصرى قد قمع واعتقل متظاهرين أمام دار القضاء العالى احتجاجا على محاكمة المستشار أحمد مكى والمستشار هشام البسطويسى المنتمين لقضاة الاستقلال، بسبب تصريحات لهما حول تزوير انتخابات 2005. وقالت الواشنطن بوست: «إنه أمر غير عادى أن ينال مواطن أجنبى ليس له صفة رسمية هذا الاهتمام البالغ».
كانت آخر زيارة قام بها جمال مبارك إلى الولايات المتحدة فى عام 2003 قبيل الغزو الأمريكى للعراق. والتقى جمال مع ديك تشينى نائب الرئيس جورج بوش، ويومها أبدى جمال خلافه مع رأى والده حول غزو العراق، وطلب تشينى من جمال الضغط على والده مبارك لوقف معارضته لغزو العراق.. ويبدو أن زيارة جمال فى 2006 كانت تذكرة بما قدمه لأمريكا ورغبة فى أن تصبر على والده ونظامه أو تدعم صعوده. وكانت كل هذه التحركات تضاعف من حجم الغموض الذى بدا مقصودا.
وبينما كان مبارك يقول فى نهاية الفترة الثانية لم يكن ينوى التجديد لفترة ثالثة، ثم جدد الرابعة، وبعد الخامسة فى 2006 قال مبارك: «أنا باق فى منصبى مادام فى الصدر قلب ينبض» حتى آخر نفس، كانت هذه الإجابة تأكيد على إصرار مبارك على البقاء فى الرئاسة حتى الموت، وفى الوقت نفسه كان يحاول نفى التوريث، بينما هو يؤكد ما هو أسوأ منه. والغريب أن نواب مجلس الشعب استقبلوا مقولة النفس الأخير بالتصفيق الحار.. ومن ضمنهم الـ88 عضوا الذين ينتمون للإخوان.
.jpg)
ويرى صلاح منتصر أن منافقى الحزب الوطنى هم من زينوا لمبارك الاستمرار، لكنه على عكس ما يروج البعض حينما يلقون بالمسألة على سوزان مبارك كان مبارك نفسه يريد توريث ابنه الحكم بدليل المادة 76 التى تعتبر فعلا من أهم وثائق هذه الفترة، وهى المادة الوحيدة بين كل دساتير العالم التى يصل عدد كلماتها لـ735 كلمة. ثم إنها تم تفصيلها من أجل مبارك وابنه وقيادات الحزب. ولهذا واستمرارا لحالة التناقض وترك الباب لكل التكهنات كانت تحركات جمال تشى بأنه القادم وتعامل على أنه الرئيس.. وأمام المؤتمر السنوى للحزب الوطنى 19 سبتمبر 2006 ألقى جمال مبارك خطابا وصفه البعض بأنه خطاب رئاسى، كان يرد على الانتقادات الحادة التى كان يتعرض لها الحزب والحكومة ومبارك داخليا وخارجيا، وكانت هناك حالة من الرفض وعدم التصديق لمبارك والحزب الوطنى بعد أن فقدوا الأمل فى أن يتخذ مبارك أى خطوة نحو توضيح المستقبل، لكن مبارك كان يشغل موقع الأمين العام للسياسات فى الحزب، وأمينا عاما مساعدا، وطرح جمال تعهدات انتخابية وبرنامج عمل يمتد لست أو سبع سنوات، رغم أن الولاية الرئاسية لوالده تنتهى رسميا بعد خمس سنوات، وبالرغم من تصريحاته السابقة التى أكد فيها أنه لا يرغب فى الترشح لرئاسة الجمهورية، بدا نجل الرئيس وكأنه يقدم أوراق اعتماده الرئاسية للحزب الذى أعلنت كوادره تأييدها له فى ختام الخطاب بتصفيق حاد يليق بمرشحهم للرئاسة. كان يتحدث عن الإصلاح الاقتصادى ونسبة النمو والضرائب. لكنه تجاهل الإصلاح السياسى والانتقادات للتلاعب فى الدستور.
.jpg)
كان الثانى من فبراير 2006 فاصلا، فقد شهد كارثة غرق العبارة السلام 98، وعلى متنها 1400 مواطن مصرى عائدين من السعودية. اتضح أن العبارة الغارقة منتهية الصلاحية، وأنها تحايلت ورفعت علم بنما، مع أن العبارة مملوكة لشركة السلام وعضو الحزب الوطنى ومجلس الشورى ممدوح إسماعيل. خرج مبارك ليعلن أن أرواح ضحايا العبارة لن تضيع، ولن يفلت المسؤولون عن الكارثة من العقاب. وفى المقابل كانت محاولات إنقاذ صاحب العبارة الذى اتضح أنه يرتبط بعلاقة صداقة قوية وربما شراكة مع زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وأنه عضو مجلس الشورى، وأن زكريا عزمى رئيس الديوان الرئاسى هو الذى أوصى بتعيينه فى الشورى، وتراخى مجلس الشورى فى رفع الحصانة عن ممدوح إسماعيل، كما تم تهريبه إلى الخارج والتلاعب فى الكثير من الإجراءات وإخفاء شهود وتمت تبرئة ممدوح إسماعيل فى البداية ثم صدر عليه حكم استند إلى أنه تصالح وسدد تعويضات للضحايا. لكن ظلت قضية غرق العبارة السلام دليلا على حجم التلاعب والتواطؤ وتداخل المال والنفوذ لممارسة الفساد مما أدى لتآكل النظام.
كان زكريا عزمى يلعب دورا مزدوجا فى البرلمان والسلطة، اعتاد أن يطلب الكلمة فى مجلس الشعب ليتحدث مهاجما الفساد والمفسدين، واشتهرت كلمته «الفساد فى المحليات للركب»، واعتاد أن يلعب دور النائب الخائف على مصالح الشعب، وقدم أسئلة وطلبات إحاطة عن الفساد فى الخصخصة والإعلام بالرغم من أنه كان متورطا فى فساد الأراضى والاتجار بالمال العام، فضلا على دعمه وتحالفه مع ممدوح إسماعيل صاحب العبارة الغارقة السلام 98، كان زكريا عزمى يلعب دورا مزدوجا. وكان حلف الثروة والسلطة يستعد للقفز على الرئاسة.
.jpg)
كان تأثير أمانة السياسات واضحا فى كل أجنحة الدولة ومواقعها. واللجنة أصبحت مرآة للمجتمع، فالرجل الأول فى لجنة السياسات هو الأمين العام المساعد للحزب جمال مبارك، الرجل الثانى فى الحزب، مثل صفوت الشريف الأمين العام، وفى اختيار القيادات الصحفية والتنفيذية كان يجرى تقسيم المواقع بين الموالين لصفوت والموالين لجمال ولأجهزة الأمن فيما بدا استمرارا لصراع بين الحرس القديم والجديد. لكن دور رجل الأعمال أحمد عز كرجل ثان داخل لجنة السياسات تضخم وكان يعبر عن تحالف المال مع السياسة، تفوق عز على كمال الشاذلى فى أنه كان يجمع بين احتكار الاقتصاد والسياسة ولم يجرؤ وزير الصناعة رشيد محمد رشيد على تمرير قانون منع الاحتكار، واضطر للرضوخ لتدخلات عز فى الصياغة، كما تم وصف احتكارات عز بأنها مجرد استحواذ بالرغم من أنه كان يتحكم فى سوق الحديد مباشرة. لأنه جمع بين رئاسة لجنة الخطة والموازنة وأمانة التنظيم فى الحزب الوطنى.
وزارة الإعلام التى ظلت تحت سيطرة صفوت الشريف أكثر من عشرين عاما تقلب عليها بعده وزيران حتى شغلها أنس الفقى أحد وجوه أمانة السياسات وأحد الشخصيات التى صعدت فجأة ضمن التيار المحسوب على سوزان وجمال مبارك، واقترب أنس من سوزان ثابت زوجة مبارك التى كانت لها تيارها داخل السلطة، وكان التلفزيون يلعب دورا فى ترويج الفكر الجديد ولجنة السياسات ويدفع بشكل غير مباشر لصالح جمال ودعمه.
ومن وجوه الفكر الجديد كان محمود محيى الدين وزير الاستثمار الذى كان يقول إنه قادر على بيع كل شىء، وإنه لا يوجد مشروع استراتيجى أو غير استراتيجى، محمود محيى الدين بعد أربع سنوات على توليه الوزراة لم يقدم الكثير للاستثمار وإن كان هو الذى باع عمر أفندى ضمن صفقة شهدت فسادا، كان محمود محيى الدين قد اخترع قصة الصكوك الشعبية التى ستوزع على المواطنين كل حسب نصيبه وكانت مناورة تفتقد إلى الجدية كشفت عن ضحالة الفكر الذى كان يقف وراء طاقم الفكر الجديد بالحزب، كما أحاط بالغموض الذمة المالية للوزير السابق الذى كان من حسن حظه أنه ترك موقعه إلى موقع دولى. الدكتور كمال الجنزورى انتقد سياسة الخصخصة وقال إن وزير الاستثمار السابق محمود محيى الدين كان يتباهى بقدرته على بيع كل شىء، وعند طرح فكرة الصكوك الشعبية، وصفها الجنزورى ببيع العظم للشعب بعد أن استأثرت الحكومة «باللحم». وتساءل الجنزورى عن مصدر ثروات بعض رجال الأعمال التى كانت سببا رئيسيًا فى تكريس الغضب الشعبى لدى المواطنين.
.jpg)
أحمد نظيف بدا نافد الصبر من المواطنين، وقال فى حوار مع الطلاب فى معسكر أبوقير صيف 2007: «الشعب يريد أن نرضعه اللبن وأن نعلمه وأن نوظفه وأن نأتى له بالشقة وأن نعالجه»، «الحكومة لن توظف أحدا. وفى نهاية 2007 ألقى رئيس الحكومة بيانين أمام مجلس الشعب قال إن حكومته حققت معدلات إنجاز مرضية للغاية لا يمكن أن يخطئها إلا جاحد، وإن البطالة فى مصر بدأت تنحسر والإصلاح الاقتصادى نجح، والبطالة تراجعت، والنجاح وصل إلى الشارع. ولم ينتبه إلى الاحتجاجات الفئوية والاجتماعية والسياسية التى كانت تدق الأبواب. والملفات تتداعى من يديه والأزمات تتكرر، فقد تصاعدت أزمة الخبز ووصلت إلى وفاة المواطنين فى طوابير الخبز وتحولت قضية الرغيف إلى ملف أمنى استدعى تدخل وزارتى الداخلية والدفاع. كانت مطالب المواطنين موجهة إلى الحكومة، ورئيس الوزراء، ووزراء المالية والتضامن والاقتصاد والمحافظين، والحزب الوطنى الحاكم بفساده وفشله وعجزه واحتكاره. بينما الرئيس والحكومة يتجاهلون ذلك ليتم تصدير وزارة الداخلية وأجهزة الأمن. لتصبح الحكومة الفعلية فى لاظوغلى. وتجد مبررا لمزيد من التمدد، وزيادة الميزانية، والتعذيب، وانتهاك حقوق الإنسان، والاعتقالات.
قضية الخبز من قضية اجتماعية إلى قضية أمنية، عجزت حكومة نظيف، فتدخلت مخابز القوات المسلحة ووزارة الداخلية تنتج وتوزع الخبز تقارير أمنية هى التى أشارت إلى خطورة الوضع، واضطر مبارك لأن يتدخل بنفسه ويصدر تعليمات ويهدد الحكومة أو يوبخها حسب ما نشر فى صحافة الحكومة. ولم يكن يتحرك فى السنوات الأخيرة من حكمه إلا مع التحذيرات الأمنية. رئيس الوزراء قال إن: «الرئيس تدخل فى الوقت المناسب»، ولم يلتفت إلى عجز حكومته عن تحليل أو توقع الأزمة.
.jpg)
فى مارس 2008 ألقى المستشار جودت الملط بيان جهاز المحاسبات حول أداء الحكومة، تحدث فيه عن عدم شعور الفقراء والطبقة المتوسطة بنتائج الإصلاح الاقتصادى، فضلا على سوء أحوال المستشفيات ونقص الأدوية، وغرق العبارة وانهيار الدويقة وحوادث الطرق، وتفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة، وقال إن الفساد فى المحليات تجاوز الحدود، خاصة فى قطاع الإسكان والبناء. تراجع مستوى القطن المصرى وتردت أحوال المستشفيات الحكومية، وانفلتت أسعار العلاج الخاص، وعجزت حكومة نظيف عن إنجاز قانون للتأمين الصحى، وظلت الأمراض الخطيرة كالكبد الوبائى والفشل الكلوى تلتهم المصريين. لا أفق لحل أزمة الإسكان وأسعار العقارات، بعد تفرغ وزارة الإسكان للاتجار فى الأراضى، وارتفاع أسعار الحديد والأسمنت بسبب الاحتكارات. ويومها رد أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة، متهما رئيس جهاز المحاسبات بتسييس التقارير، واستخدام تحليلات غير اقتصادية. وبدا عز حريصا على الدفاع عن النظام بكل طريقة.
كانت الحركة المصرية للتغيير كفاية مقدمة لنشأة عدد كبير من الحركات الاجتماعية ومنها «حركة استقلال الجامعة - 9 مارس» فى 9 مارس 2006 من مجموعة من الأكاديميين فى الجامعات المصرية، بهدف التحرك لتحقيق استقلال الجامعات عن الدولة والأمن، وقامت حركات «عمّال من أجل التغيير» و«شباب من أجل التغيير» و«أطباء من أجل التغيير» و«كتّاب وفنانون من أجل التغيير» و«صحفيون من أجل التغيير» و«محامون من أجل التغيير»، و«مهندسون ضد الحراسة» متزامنا مع حركة «قضاة مصر»، وكان عام 2006 أعلى درجاتها بعد قرار إحالة المستشارين أحمد مكى وهشام البسطويسى نائبا رئيس محكمة النقض لمحاكمة تأديبية عقب صريحات لهما حول تزوير انتخابات 2005، انتفض القضاة على تدخل السلطة التنفيذية فى شؤنهم، وتحويلهم إلى «شاهد الزور» فى الانتخابات التى زيفت نتائجها. وتواصلت احتجاجات القضاة المنتمين إلى تيار الاستقلال بمساندة من الصحافة الخاصة التى كانت اتسعت، وكانت صحف الفجر والدستور والمصرى اليوم والعربى تساند القضاة بقوة، كما حصل القضاة على دعم من النشطاء السياسيين فى كفاية والمدونين الذين ظهروا فى الشارع. تم دعم قضاة الاستقلال برئاسة المستشار زكريا عبدالعزيز، لكن استمرت المناوشات. وتعرض المستشار محمود حمزة رئيس محكمة شمال القاهرة للاعتداء من قبل ضباط أمن الدولة وأمناء الشرطة، عندما حاول تصوير اعتداءات الشرطة على المعتصمين مع القضاة.
.jpg)
كان تحول القضاة مثيرا، فهذه الفئة التى ظل أعضاؤها طوال عقود معزولين يتعاملون مع الأوراق والدفوع بحياد «العدالة العمياء». ينتمون إلى فئة تحصل على ميزات مادية ومعنوية. لكن القضاة الذين اعتادوا رؤية المجتمع من واقع «أوراق الدعوى» وجدوا أنفسهم فى قلب الأحداث، تعرضوا للاعتداء فى الانتخابات، من قبل الحزب الوطنى
وبلطجيته.. واعتادت أجهزة الأمن والإعلام أن تصور المتظاهرين والمعارضين بأنهم «قلة مندسة أو شرذمة»، يمارسون الشغب، لكن الآن وقد خرجت فئات ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى. أصبح من الصعب وصفهم بالقلة المندسة، وانضم القضاة، وكان من الصعب على المواطن أن يصدق أن هؤلاء قلة مندسة، خارجة على القانون. تصاعدت حركة القضاة وحظيت بالتفات عالمى ودعم دولى لكن ظل نظام مبارك والمحيطون به يتصرفون بنفس الطرق القديمة، تم الإعلان عن أن الخلاف داخلى بين نادى القضاة والمجلس الأعلى للقضاء. وكانت الأمور متداخلة، مطبخ تابع للرئيس يخطط للعمليات السياسية، وقانون استقلال السلطة القضائية، يسحب من صلاحيات وزير العدل، والمجلس الأعلى للقضاء أقرب للسلطة التنفيذية التى تعين جزءا منه ويرأسه وزير العدل والرئيس.. بعد الانتخابات كشرت السلطة التنفيذية عن أنيابها، ودفعت الحكومة الأمر حتى تبليغ قاض عن زملاء له متهما إياهم بإهانة القضاء.
اتسعت احتجاجات القضاة وحركات الاحتجاج السلمى الذى كانت خبراته تنتقل بين الشباب فى أنحاء العالم، مثلما جرى فيما سمى الثورة البرتقالية 2004 - 2005 فى أوكرانيا عندما اجتمع الشباب والمواطنون فى الشارع احتجاجا على تزوير الانتخابات وحل البرلمان.
تفجرت فى مصر عشرات الحركات الاجتماعية كما بدأت شوارع وميادين وقرى ومدن مصر تشهد احتجاجات من الفلاحين اعتراضا على نقص المياه والعمال على الفساد والفقر وحتى الموظفون وهم الفئة التى ظلت رمزا للاستكانة خرجت عن صمتها وأعلنت التمرد، وتجلى هذا فى أشهر اعتصام لموظفى الضرائب العقارية الذين بدأوا منذ سبتمبر 2006 احتجاجات للمطالبة بالمساواة مع موظفى الضرائب العامة، وواصل الموظفون احتجاجهم فى مواجهة وزير المالية يوسف بطرس غالى الذى أعلن أنه لن يلوى ذراع الحكومة لكن الموظفين استمروا حتى اضطرت الحكومة للتفاوض معهم.
.jpg)
الأزمة كشفت عن غياب الحكومة وتصاعد دور جهاز أمن الدولة الذى استمر يفاوض المحتجين وينقل مطالبهم. كان دور الداخلية يتسع على حساب دور الحكومة التى بدت عاجزة. الاحتجاجات العمالية التى بدأت بإضراب عمال شركة غزل المحلة فى 6 يناير 2006. ووصلت ذروتها فى فبراير 2007 عندما نظم العمّال مظاهرة خرجت من الشركة إلى كلّ شوارع مدينة المحلّة يطالبون فيها برفع أجور كل العاملين بأجر. كما أسس «العاطلون عن العمل» اتحادا للدفاع عن حقهم فى عمل مناسب، وأنشأ المعلمون المحرومون من حقوقهم حركة «معلمون بلا نقابة»، وحركات للدفاع عن الحق فى الصحة والسكن، وظهرت تحركات مواطنى النوبة، احتجاجا على الظلم، كما تحرك مواطنو سيناء من البدو اعتراضا على التفرقة والتعامل الأمنى الفظ والتجاهل الحكومى، وصلت الاحتجاجات إلى مواطنى «السلوم» غربا. وفى دراسة «مركز الأرض لحقوق الإنسان»، يوليو 2007 عن «الاحتجاج فى مواجهة التوحش»، تم رصد 283 عملا احتجاجيا بالقطاع الحكومى، والخاص، وقطاع الأعمال، خلال النصف الأول من العام منها 117 حالة تجمهر، و85 اعتصاما، و66 إضرابا، وعشرات التحركات الاحتجاجية لسكان العشوائيات طلبا للمسكن أو التثبيت فى الأعمال المؤقتة، والمدرسون والأزهريون المطالبون بالكادر كانت مصر كلها تغلى بالاحتجاجات ونظام الرئيس مبارك يقف متفرجا أو يشدد من قبضته الأمنية التى بدأت تفقد قدرتها على الإحاطة بكل شىء وقدرات الحكومة على مواجهة الكوارث قد انتهت تقريبا.
فى 6 إبريل 2008 استعدت أجهزة الأمن لمواجهة الإضراب والمظاهرات، التى خرجت فى القاهرة والمحافظات، ومر اليوم طبيعيا بين كر وفر، لكن مدينة المحلة فى الغربية شهدت مظاهرات ضخمة حطمت صور مبارك ووقعت حرائق وسقط قتلى وجرحى واعتقلت أجهزة الأمن مئات، وحطم المتظاهرون صورة مبارك وحرقوها فى تأكيد على انهيار صورته فعلا وشكلا ولم ينتبه مبارك لخطورة مظاهرات المحلة لكنه غضب من تحطم وحرق صوره، واتصل بالعادلى وقال له غاضبا صورتى اتحرقت فى المحلة يا حبيب وانت قاعد.. اتصرف عاوز موضوع المحلة يتلم لو اتكرر ده هتمشى فقال له فورا ياريس هتخلص، وكانت مظاهرات المحلة هى آخر إنذار لنظام مبارك الذى لم ينتبه إليه وتعامل بشكل عادى، حيث سارت مخططات الأمن والتوريث وتصور النظام أن التعامل بعنف يكفى لكن الشرارة التى اندلعت فى المحلة المعقل العمالى جاءت من المواطنين ليس من العمال فقط، وكانت تهتف بسقوط مبارك وحملت رسالة غضب ضخمة احترقت سيارات للشرطة واشتعلت الحرائق فى أماكن مختلفة، وبالرغم من السيطرة على المظاهرات بعنف شديد لكنها كانت مقدمة أو بروفة لثورة قادمة. عجز نظام مبارك عن قراءتها جيدا. تصور مبارك أن الدولة الأمنية، التى واجهت مظاهرات المحلة تكفى دون أن ينتبه إلى أن الدولة الأمنية ولدت مع فشل الحكومة والإدارة المحلية والجمود السياسى.
.jpg)
.jpg)

"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 34.. مبارك يترشح وجمال يحكم..ترشح مبارك وفاز لكن جمال هو الذى كسب المزيد من السلطة داخل الحزب والحكومة وسيطر على حكومة نظيف

"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. حلقة 33.. مبارك سافر لإجراء جراحة خطرة بألمانيا وقال: اعتبرونى إجازة ورفض تعيين نائب.. أعلن تعديل الدستور من مدرسة المساعى المشكورة وعاد للمنوفية بعد غياب نصف قرن

مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 32.. مبارك وجورج بوش والفرص الضائعة..نجا مبارك من حرب الخليج الأولى والثانية وأصر على التلاعب بمطالب الأمريكان بين التغيير والهروب
للاطلاع على المزيد من حلقات مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" أضغط هنا