فوزى فهمى غنيم يكتب: ضحايا حسن النية

الجمعة، 25 يوليو 2014 06:06 م
فوزى فهمى غنيم يكتب: ضحايا حسن النية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد نشأ عن هذا الخلق أخطار حاقت بمستقبل البلاد، وانطوت مشروعات كان ينبغى أن تسبق وجودها بسنوات، وتوقف الدولاب الحكومى بعض التوقف، وران على أعمالنا جو من السرية والشك.

وهذا طبع من طباعنا، وخلق انتشر فينا، فالمرؤوس يتشكك فى رئيسه والجمهور لا يثق بمن يتصدرون للخدمة العامة أو يتصدرون منصباً من المناصب، والرؤساء يطعن بعضهم فى بعض، وكل منا يستريب فى الآخر.

ومرد هذا إلى الفئة التى استغلت البلاد استغلالا غير مشروع، وما وقع فى عصرنا من ضحايا حسن النية، وتوافر الثقة .

وكان رجل الشارع يأتمن الداعين إلى التبرع لمشروعات البر والخير والخدمات الاجتماعية، وإذا هؤلاء لا يفون بوعدهم، وقد يتصرفون فى المال المتبرع به تصرفاً غير كريم أو على أساس غير سليم .

وكان القائمون على المناصب فى العهود السوالف يستغلون وظائفهم استغلالا دنيئاً أو غير مشروع فيقدمون المحظى لديهم، والمقرب إليهم، ويهدرون حق صاحب الحق، ويتوسلون إلى ذلك بشتى الحيل والأساليب.

ولمسنا كثيراً من الشكاوى لا تتحقق تحقيقاً عادلا بل يبرم فيها لصالح القوى وإهدار حق الضعيف وهذا أثر من آثار الاستبداد الاجتماعى .

وهو أثر من آثار النظام السياسى الفاسد الذى كانت تحكم به البلاد.. بل هو أثر من آثار عدم توفير الكرامة أو العزة للمواطن أيا كان شأنه ووضعه .

وإن الثقة بدأت تعاودنا بعد أن غيرنا أسلوب الحكم، ونظام الحكم وطاقم الحاكمين .

وإذا كان فينا أمور من العهد البائد فلأن أمثال هذه الطبائع لا تغير بين لحظة وأخرى أو يوم وآخر بل لا بد لها من سنوات حتى تستقر فى النفوس، وتركز فى الطباع .

فالمشروعات اليوم تأخذ طريقها إلى التنفيذ، بعد دراسة وتعمق وإحاطتها بكافة الضمانات .

والموظف اليوم يبرم الأمر فى شجاعة وجرأة بعد أن مر عليه زمان كان يقدم فيه رجلا ويؤخر أخرى بل إنه كان يعرض الأمر على رئيسه، والرئيس على من فوقه وهكذا وكل يخشى أن يرمى بعدم النزاهة أو أنه يبغى من وراء إبداء الرأى كسباً لقريب أو تحقيق ربح لشركة متواطئ معها أو جر مغنم إليه .

كل هذه المعانى من التشكيك كانت تدور فى خاطره فيلقى المسئولية على غيره ؛ ومن الضحية ؟ إنه الوطن المسكين، والصالح العام .

ومن مظاهر هذا التشكيك التجاء الرؤساء فى تافه الأمور وجليلها إلى تكوين اللجان والتستر وراءها حتى يزول كل أثر من آثار الشك ؛ ولكن ليست هكذا تدار سياسة الدولة، وما هكذا يبت فى مصاير الناس والجماعات .

أن المفروض فى الموظف أنه مؤتمن على وظيفته، فمن حقه أن يبرم الأمر وأن يحله، ومن حق رئيسه أن يراجعه فيه، ومن حق الدولة أن تحاكمه إذا فرط أو ظهر منه استغلال نفوذ أو ضعف نفسى .

إننا نريد أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا، وثقة بعضنا ببعض وثقتنا فى رؤسائنا وحكامنا.
وليس معنى منح الثقة أن نغفل عن الرقابة أو اليقظة أو الانتباه .. وإنما معناها ما ذهب إليه المشرع الإسلامى الحكيم حين قال ( لنحمل حال المؤمن على الصلاح ) .
قد يخطئ بعضنا، وقد يسىء استعمال السلطة الممنوحة له حيناً ولكن الثقة ستعاوده حتما ؛ وسيكون كسبنا عظيما من وراء هذه الثقه فى غدنا القريب .
إنه ليسوءنا أن نأخذ الناس بالظنة وأن نستريب فى أعمالهم ؛ فلأخ يسىء الظن بأخيه، والزوج بزوجه، والأب بابنه، والحاكم بالمحكوم، والمحكوم بالحاكم .

فلن يكون من وراء ذلك إلا التأخر والانحلال والضياع وهذا ما لا نرضاه بل هذا التشكيك يعد أعدى أعداء الإصلاح الذى لا يؤتى أكله إلا بتوفر عنصر (الثقة) فأقدم على القيام بأى مشروع من المشروعات وأحط هذا المشروع بجو من الثقة فماذا يكون مصيره؟ إنه النجاح الذى يبلغ الشأو، ويقترب من الذروة، والتشكيك عامل من عوامل الهدم، وبلبلة الخواطر، وتخلخل كيان المجتمع .






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة