"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 34.. مبارك يترشح وجمال يحكم..ترشح مبارك وفاز لكن جمال هو الذى كسب المزيد من السلطة داخل الحزب والحكومة وسيطر على حكومة نظيف

الجمعة، 25 يوليو 2014 01:00 م
"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 34.. مبارك يترشح وجمال يحكم..ترشح مبارك وفاز لكن جمال هو الذى كسب المزيد من السلطة داخل الحزب والحكومة وسيطر على حكومة نظيف غلاف الحلقة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


كانت السنوات تمر والأحداث تتوالى عالميا وإقليميا ومحليا، وكان المصريون ينتظرون من حسنى مبارك أن يقدم خطوة للأمام، ويحسم حالة الغموض فيما يخص مستقبل الرئاسة والدولة. كان المصريون يتوقعون من حسنى مبارك خطوة تحسم المستقبل والرئاسة، أو يعلن حتى أن الفترة الخامسة هى الفترة الأخيرة، وأنه يستعد للتقاعد. كانت الفترات من 2003 حتى 2005 شهدت توقعات وشائعات، وتوقعات وتحليلات. لكن مبارك أصر على السير فى نفس الاتجاه، ولم ينتبه إلى خطورة ترك الأوضاع معلقة. والحقيقة أن مبارك سار فى اتجاهين وعلى مستويين، ففى حين أعلن تعديل المادة 76 ليصبح الترشح للرئاسة بالانتخاب المباشر، لكنه ترك صياغة المادة لترزية مجلس الشعب والحزب الوطنى فصاغوها على مقاس مبارك وجمال وقيادات الحزب الوطنى. ثم إن مبارك لم يقترب من المادة 77 التى تحدد مدد الرئاسة. والأهم هو أن مبارك أعلن عدم نيته فى تعيين نائب حتى لا يفرض على الشعب شخصا بعينه. ثم أعلن مبارك ترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة وبدأ بحملة انتخابية حاول فيها أن يبدو مختلفا، وهى حملة أدارها واشرف عليها جمال مبارك واستعان فيها بعدد من كبار الإعلاميين، وانفق عليها عدد من رجال الأعمال وعلى رأسهم أحمد عز، وظهرت صور مبارك بالقميص ومن دون رابطة عنق، كما سبق الحملة حديث طويل أجراه عماد الدين أديب مع مبارك وأذيع على أجزاء لمدة ثلاثة أيام، دار كله عن ذكريات مبارك فى حرب أكتوبر وباقى الحروب. ولم يتطرق كثيرا إلى الأسئلة التى كانت مطروحة عن المستقبل.



وكانت الأحاديث التى أعدها عماد الدين أديب أذيعت فى شهر إبريل بمناسبة تحرير سيناء، لكنها كانت جزءا من حملة تم الإنفاق عليها ببذخ، وسعى جمال مبارك للاستعانة بعدد من الإعلاميين المحترفين، كان عماد الدين أديب منهم، حيث حاول تقديم مبارك بشكل مختلف، كما شارك عدد من الصحفيين والإعلاميين الكبار فى حملة مبارك الانتخابية، وفى حديثه لعماد الدين أديب لم يقدم مبارك كثيرا عما يعرفه الناس، لكنه كان يركز على أنه حصل على كل الفرص لأنه كان كفؤا، وأنه لم يصعد بالواسطة ولم يكن من أسرة ثرية. وقال إن السادات أتاح الفرصة لقادة حرب أكتوبر أن يتولوا المناصب، وترك صفا ثانيا من المسؤولين منهم الرئيس مبارك نفسه. الأمر الذى كان يطرح سؤالا عن السبب الذى جعل عصر مبارك خاليا من الصف الثانى أو الثالث، وأنه كان أكثر العهود التى شهدت انتشارا للواسطة والمحسوبية، والتوريث فى المناصب. فى الجامعات والقضاء والخارجية والشرطة والبنوك وكل الوظائف المميزة. كما أن التعليم لم يعد متاحا بنفس الكفاءة للجميع، والجامعات المصرية خرجت من أى مكانة دولية. أبناء الفقراء يتم استبعادهم من الوظائف ومن التعليم الجيد، ومن التعيين حتى لو كانوا متفوقين. وكان مبارك يقول فى حديثه إنه تولى ولم تدخل مصر حربا واحدة، واعترف أن مصر حصلت على إعفاء من ديونها بعد مشاركتها فى حرب تحرير الكويت، ولم يجب على تساؤلات أين ذهبت الأموال التى توفرت من عدم خوض الحروب، ولماذا لم تتقدم الصناعة المصرية، لتقترب من دول بدأت بعدنا، وكانت حالتها الاقتصادية أقل منا. كان مبارك يقدم نفسه مرشحا جديدا بينما كان يحكم طوال 25 عاما، ولم يجب مبارك عن أسئلة حول تأخر الإصلاح السياسى والاقتصادى، ولم يتطرق للفساد، وربع قرن من الطوارئ، والانتخابات المزيفة. وفشل الحياة السياسية والسيطرة على البرلمان من المحترفين المزمنين، وهم الذين كانوا يرشحون مبارك للاستفتاء. ولم يتحدث مبارك عما يمكن أن يقدمه للبلد بعد ربع قرن، وكانت البطالة تتضاعف والعاطلون تجاوز عددهم أربعة ملايين. فشل الإسكان والصحة، فقر وعشوائيات.. تقارير التنمية البشرية مصر فى مؤخرة دول العالم. كان المشرفون على حملة مبارك الانتخابية 2005 سعوا لتقديمه بشكل شعبى وكانت صوره بدون رابطة عنق هو الاختراع الذى توصلوا له، ولم ينتج كثيرا، كما كانت هناك لقاءات لمبارك مع مواطنين فى حقول أو غيره اتضح أنها كانت مرتبة مسبقا.



كانت التعديلات الدستورية اجتاحت النظام دون أن تمس جوهره المترهل والذى افتقد إلى القدرة على صنع شرعية جديدة. فقد أسس جمال عبدالناصر شرعية جمهوريته على ثورة يوليو وقوانين الإصلاح الزراعى والتأميم، والسادات استمد شرعية حكمه من انتصار أكتوبر 73، ومعاهدة السلام، أما مبارك فقد استمر ربع قرن بدفع من الضربة الجوية، ولم يقدم طوال فتراته سوى الإدارة العادية للدولة، وقال إنه حافظ على الاستقرار، لكنه كان استقرارا على بحيرات من التطرف وغياب البدائل، وبنية أساسية غير مكتملة ظهرت عيوبها. أضاع مبارك فرصا ليصنع شرعية سياسية ببناء ديمقراطية تسمح بتداول للسلطة حتى لو كانت من بعده لكنه توقف عن اتخاذ أى خطوة فى اتجاه وضع قواعد للعبة السياسية.
وعندما دشن حسنى مبارك حملته الانتخابية فى 2005 فى مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية مسقط رأسه كان نفوذ جمال قد وصل حدا كبيرا، وكان جمال هو الذى يقوم بإخراج مشهد الانتخابات الرئاسية لوالده على الأسلوب الأمريكى بعد أن تم استبعاد الحرس القديم من الحزب، وكما ذكر تقرير لفورين بولسيى الأمريكية «كانت هذه الحملة التى قادها جمال بمثابة تتويج لمشوار طويل بدأه جمال من داخل الحزب الحاكم، وبالاستعانة بعدد من رجال الأعمال الملتفين حوله، وممن يحظون بثقة أمريكا مثل رشيد محمد رشيد، وحسام بدراوى وأحمد عز، وكل هؤلاء أعضاء فى غرفة التجارة الأمريكية أو المجلس الرئاسى المصرى الأمريكى، وقد تبرع عدد كبير من رجال الأعمال الأعضاء فى هذه الغرف والمجالس لتمويل حملة حسنى مبارك الانتخابية، مثلما كانوا يتبرعون للجمعية التى كان أسسها جمال، وذكر أحمد عز أنه شخصيا كان يقف وراء تمويل حملة تهدف لحشد وتعبئة 20 مليون مصرى من أجل التصويت لمبارك. وبالطبع فقد كان هؤلاء يقدمون السبت، وهذه التبرعات لمبارك وجمال لأنهم تصوروا أنهم سيحصدون مقابلها أضعافا مضاعفة من الامتيازات والثروات والمشروعات والأراضى، وقد كانت هناك تساهلات مع رجال الأعمال فى فترة صعود جمال وتسامح من مبارك الذى بدا معزولا، بعد تدهور صحته، وسفره عدة مرات للعلاج، وكانت توصيات الأطباء بأن يخففوا عنه الضغوط، وأن يقلل مبارك من ساعات العمل.




كانت الفرصة الأخيرة لتجديد النظام فى 2005 عندما تصاعدت حركات الاحتجاج، واستقطبت فئات لم تكن لها سوابق فى الاحتجاج مثل أساتذة الجامعات والأكاديميين والأطباء، بل وبعض رجال الأعمال ممن رأوا انسداد الآفاق السياسية، وفى انتخابات 2005 كان المال يتكلم بوضوح اختفت الفوارق بين الحرس القديم والجديد، دفعت مجموعة السياسات برجل الأعمال أكمل قرطام فى مواجهة محمد المرشدى مرشح الحرس القديم فى دائرة البساتين، بينما دعم الحرس القديم هشام مصطفى خليل فى مواجهة حسام بدراوى فى قصر النيل. كانت الصراعات والمنافسات أحيانا تبدو صعبة على الاستيعاب، وتبدو مفهومة من تركيبة المصالح. كل فريق وشخص من طاقم النظام كان يريد حجز مكان فى مركب السلطة، كان الوضع غامضا وغائما، لأن عملية تلميع جمال كانت مستمرة، وفى نفس الوقت كانت عملية الدفع بمبارك وتلميعه وترشحه. وتواصلت التصريحات المتناقضة من كل الأطراف، كان الحرس القديم مثل فتحى سرور وصفوت الشريف وكمال الشاذلى وزكريا عزمى يؤكدون أن حسنى مبارك هو الرئيس طالما كان فى السلطة، كما أنه مرشح وترشيحه يغلق الباب أمام التساؤلات.
وكان الحرس القديم يحاول قطع الطريق على الحرس الجديد من الأكاديميين والاقتصاديين ورجال الأعمال ممن كانوا يطمحون للحلول مكان القدامى بينما القدامى بخبراتهم وقرون استشعارهم يواصلون اللعب بشكل مزدوج ويسعون لإثبات الولاء لجمال مبارك بجانب تأكيد ولائهم للرئيس.
وكان هناك تحليل يرى أن الحرس القديم والجيش كانا يدفعان بمبارك حتى النهاية لاعتقادهما أنه إذا رحل ساعتها سيفقد جمال ما يسنده، وبالتالى يتم إفساد الأمر، وكانت هذه الرؤية تستند إلى أن مبارك بقدر ما كان ميالا لنقل السلطة إلى ابنه جمال، إلا أنه كان يعرف أنه ما لم يحصل عليها فى وجود والده فلن يحصل عليها أبدا، وكان مبارك كثيرا ما يبدى قلقا وخوفا على جمال من القوات المسلحة، وكثيرا ما كان يقول إن الجيش لن يسمح لشخص من خارجه أن يحكم، وفى حالات كثيرة كان يقول إنه إذا فكر فى الراحة فسوف يسلم السلطة للجيش الذى أخذها منه.



الحزب الوطنى لم يكن لديه برنامج سوى مجموعة من الوعود الوهمية، وإعادة استخدام برنامج الرئيس المشكوك فيه.. وعلى الرغم من غموض ما يقدمه الإخوان فإن الحزب الوطنى كان قد أصبح مرفوضا ومكروها للدرجة التى بدا فيها الناخبون على استعداد لانتخاب الشيطان. ولهذا فاز مرشحو الإخوان بـ88 مقعدا جاء أغلبها بتصويت انتقامى، وكان يمكن للجماعة أن تحصل على ضعف هذا الرقم من المقاعد لولا التدخلات الإدارية والأمنية وعمليات التزوير، فقد كان مرشحو الجماعة استفادوا من خبرات الحزب الوطنى فى بناء تحالفات قبلية وعائلية، فضلا عن توظيف تراث كبير من العمل الخيرى الاجتماعى، الأهم أنه لم توجد أى قوى سياسية يمكنها أن تنافس الحزب الحاكم، بعد إضعاف الأحزاب وحصارها أمنيا، وتفكيكها وشغلها بصراعات حول سلطات داخلية. كان نجاح الإخوان يرجع إلى أنهم لم يكونوا حزبا رسميا يمكن للأمن أن يحاصره، لكنهم كانوا يستفيدون من عمل علنى معترف به شعبيا وإن كان غير معترف به رسميا. كما استفادوا من ازدواج الوجود شبه السرى، فعملوا سريا وتحتيا خلف خطوط الحزب الوطنى.
وكانت أغلب التقارير الداخلية والخارجية تشير إلى أن جمال مبارك دخل السياسة بتشجيع من والدته سوزان، والتى كانت قوة الدفع الرئيسية وراء تحول جمال نحو سيناريو التوريث، وكان دورها فى الحياة العامة قد ازداد بشدة منذ أن أنشأت ما يسمى بحركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام، وهى حركة كانت تستخدمها لترسيخ صورتها كسيدة أولى وصاحبة نفوذ، وسبب هذا حرجا لوزارة الخارجية التى كانت تفاجأ بحفلات تشارك فيها سوزان مع هيئات دولية بدون علم الوزارة.
ولعبت سوزان مبارك دورا فى الدفع بجمال للأمام، وكانت تشجع هذا، وفى نفس الوقت تواصل عملها كزوجة لمبارك، لأنها كانت تعلم منه أن موضوع التوريث صعب، وكثيرا ما كان مبارك يعبر لها عن مخاوفه من غضب القوات المسلحة، وأنه لا يضمن الضباط، وهو كعسكرى يعرف أن الاستقرار يرتبط بقوته هو وسيطرته على الأجهزة المختلفة، لكنه لا يضمن العواقب. وهنا تظهر حكايات متناقضة، فهناك من يقول إن مبارك نفسه هو من كان يشجع جمال على الاقتراب من السلطة، وأنه هو من فكر فى التوريث، بينما هناك من يقول إن مبارك كان يشعر أحيانا بتردد بينما سوزان كانت تشجعه خاصة فى السنوات الأخيرة، عندما لاحظ مبارك أن جمال يتقدم ويجد مساندة من أحمد عز ورجال الأعمال والوزراء، وحتى من قيادات مثل صفوت الشريف، وكمال الشاذلى ويوسف والى، لكنه كان يعرف وتصله تقارير أن ولاءهم الأول له، وأنهم يظهرون تفهما لجمال بينما هم لا يحبونه وربما يكونون مضطرين للتعاون معه مادام مبارك موجودا وحتى يضمنوا بقاءهم. وكثيرا ما كان مبارك يسأل صفوت الشريف وكمال الشاذلى عن أنشطة أبنائهم فى مجالات البزنيس، ويذكرهم بما يملكونه وربما شجعهم على الدفع بأبنائهم خلف جمال، أو بالقرب منه حتى يضمن أنه فى حالة صعود جمال فإن مصالح أبنائهم تكون معه مثلما كانت مصالح الكبار مع مبارك. وكثيرا ما كان زكريا عزمى يسرب تقارير ومعلومات عن أنشطة أبناء صفوت والشاذلى للإعلام باتفاق مع مبارك حتى يضمن ولاءهم، وينبههم إلى أنه يعرف أنشطتهم ويمكنه إيذاءهم لو أراد. وهو ما كان يجعلهم فى حالة تنسيق وكانوا أحيانا يلعبون معا.
وقد ظهر هذا جيدا أيضا فى قضية غرق عبارة ممدوح إسماعيل عندما طلب زكريا من فتحى سرور وصفوت الشريف وكمال الشاذلى مساندته وفعلوا حيث أتاح سرور مساحة لزكريا عزمى ليتحدث فيها ويؤكد علاقة الصداقة بممدوح إسماعيل، ولم يسمح فتحى سرور لأحد من النواب الغاضبين بالتعقيب.




شاركت سوزان مبارك فى حملة مبارك الانتخابية الرئاسية الخامسة بحماس، وكانت طوال الحملة تفتتح مشروعات بعضها سبق افتتاحها مثل مشروع تطوير منطقة زينهم، ومجمع سوزان مبارك بالإسكندرية، وسعت سوزان للحصول على جائزة نوبل من خلال حركة السلام التى ترأسها، كما سعت لتمكين المرأة من خلال وضع نصوص تحدد كوتة من المقاعد للمرأة، وهو التطبيق الذى لم تهنأ به نساء الحزب الوطنى بعد انتخابات 2010.
كانت الانتخابات تبدو لصالح جمال وليس مبارك فقط، بينما ابتعد علاء الابن الأكبر لمبارك عن عالم السياسة، بعد سنوات كان اسمه يتردد كثيرا فى عالم البيزنس، بل إنه تحول إلى أسطورة، ومجال للتنكيت، بأن علاء يشارك رجال الأعمال فى مشروعاتهم، ومنهم قصة ذكرت عن وجيه أباظة أحد الضباط الأحرار وصاحب توكيل بيجو فى مصر، والذى قيل إن علاء مبارك عرض أن يشاركه وأنه اشتكى لمبارك، لكن القصة لم يظهر أبدا ما يؤكدها بعد تنحى مبارك، لكن اسم علاء ظهر كثيرا فى شائعات ونكات البيزنس، ويقول مكرم محمد أحمد إنه سأل مبارك: يا ريس لا يمكنك أن تتصور حجم الشائعات التى تطال علاء فى الشارع. الناس يتصورون أنه صاحب كل محطة بنزين فى مصر. فرد: قول لجمال.
علاء تصدر الصورة خلال التسعينيات، وظهر كرجل أعمال يشارك فى الكثير من الأنشطة الاقتصادية، وكان موضوعا للكثير من الشائعات والأقاويل فى التسعينيات، على أنه يشارك رجال الأعمال فى مشروعاتهم، لكن صلاح منتصر يقول: إن علاء حاول مبارك فى بداية رئاسته أن يعينه فى شركة إنبى للبترول.. لكن علاء طموحه كان أكبر، فاتجه إلى تسويق البترول وحصل على كمية كبيرة لكنه فشل فى بيعها بسبب وزير البترول وقتها د. عبدالهادى قنديل، الذى تم إقصاؤه من منصبه بشكل مفاجئ. وخلال سنوات قليلة أصبح يشار لعلاء باعتباره «رجل أعمال ناجحا» ثروته بالمليارات، خاصة بعد صفقات الغاز مع قدوم سامح فهمى لوزارة البترول سنة 1999.
ويروى صلاح منتصر: الحكاية الأغرب كانت لمجدى راسخ حما علاء، ويقول منتصر: مجدى كان طالبا فى الكلية الفنية العسكرية لكنه لم يتحمل نظامها فتركها إلى التجارة، وبعد تخرجه عمل فى مركز الأهرام للمعلومات والحاسب الآلى عام 1968، ثم سافر للعمل فى الكويت.. حتى قامت صديقة لسوزان مبارك بتعريفها على هايدى ابنة مجدى راسخ، وبعدها تعرف عليها علاء مبارك ونشأت بينهما قصة حب وتزوجا عام 1991.. وفى 1992 بعد عام واحد فقط قام مجدى راسخ بتوريد مليون فانلة من منتجات شركة المحلة إلى الخليج بسعر دولار للواحدة.. بينما اشتراها من شركة المحلة بجنيه واحد وحصل على الفارق، وبمرور الوقت تحول إلى إمبراطورية ضخمة، ووصلت ثروته لعدة مليارات.. وبالإضافة لما ذكره منتصر فإن مجدى راسخ من رجال الأعمال الذين دخلوا فى موضوع النفط والغذاء مع العراق أثناء الحصار فى التسعينيات وكانوا يحصلون على كوبونات نفط، ويصدرون مكانها أغذية، كما شارك مجدى راسخ فى شركات توصيل الغاز المنزلى وغيره.




وكانت تصل مبارك الأقوال عن أن علاء شريك لرجال أعمال كثيرين فى مصر، وأى مشروع جديد يظهر يقال إن صاحبه شريك علاء مبارك، وكان هذا الأمر مثار نكت كثيرة، ويقول اللواء شفيق البنا إن مبارك «كان بيوصله كل الكلام ده لدرجة إنه مرة كان بيفتتح معرض وتقابل مع أولاد أباظة وسألهم هو علاء لسه شريككم؟ وربما كان مبارك يسخر من الشائعات».
ويقول شفيق البنا: طلب منى الرئيس أن أقول لأى حد بصراحة عن نشاط علاء التجارى لو اتفتح الموضوع قدامى باعتبارى عارف كل حاجة. وعلمت بعد ذلك أن مبارك طلب من الشيخ زايد أن يمنح علاء مجموعة توكيلات سويسرية تجارية فى الإمارات ووافق الشيخ زايد، وتم ذلك فى دول خليجية أخرى وكانت حسابات علاء وأعماله موجودة فى الإمارات، ويقول البنا: أعتقد أن علاقة عائلة الرئيس بالبيزنس داخل مصر تغيرت لما جمال فرض سيطرته وبدأ توريط العائلة فى الأسهم والبورصة والشركات، وذات مرة، سألنى جمال عن دخول قبرص هل يحتاج لتأشيرة أم لا؟ فقلت له إحنا كمصريين بيننا اتفاقية تمنح دخولنا بدون فيزا، وبعدها سألنى عن نظام تأسيس الشركات فى قبرص ومتطلبات التأسيس، وأجبته حسب معلوماتى.
لكن علاء مبارك اختفى من الشائعات، وتردد كثيرا أنه انتابته موجة تصوف، بينما لمع جمال الذى كان طموحه قويا كما يقول مكرم محمد أحمد، ويضيف: كان طموحه قويا وعناده كان أقوى. وأظن أن عناده أشد خطرا من عناد أبيه. وكان من الواضح أن حكومة نظيف هى نتاج التأثير المتزايد له على الرئيس، رغم ما قيل عن عدم ارتياح نظيف من وصاية جمال عليه.




المهم أن جمال مبارك خلال حملة الانتخابات الرئاسية، بذل ومعه الحزب الوطنى جهدا لإقناع أكبر عدد من رؤساء الأحزاب المعارضة للترشح، وقدم الحزب الوطنى بقرار من مجلس الشورى إغراءات، منها تقديم مليون جنيه لكل حزب، كما سمح مبارك لأيمن نور بالترشح أمامه بالرغم من أن نور كان متهما بتزوير توكيلات حزب الغد، كما ترشح الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد وقتها، وترشح 7 رؤساء أحزاب آخرون لم تكن أحزابا معروفة، لكن أغرتها المبالغ المدفوعة. وعلى رأسهم الشيخ أحمد الصباحى رئيس حزب الأمة، الذى ترشح أمام مبارك، لكنه أعلن فى الدعاية أنه يؤيد مبارك وسوف يصوت له، وكانت جزءا من كوميديا الانتخابات الرئاسية التى يقدم فيها برنامج بعد 25 عاما من الاستفتاءات.
وجرت الانتخابات، وكانت نسبة المشاركة متدنية بلغت %23 ممن لهم حق التصويت، وفاز محمد حسنى مبارك بأغلبية %88.6 من أصوات الناخبين وهى أقل من 6.5 مليون صوت، وجاء أيمن نور فى المركز الثانى، ونعمان جمعة فى الثالث، وبعدها صدر حكم بالحبس على أيمن نور بعد إدانته بتزوير توكيلات حزب الغد. جرت الانتخابات الرئاسية وأعلنت نتائجها فى سبتمبر، وفى نوفمبر جرت انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل، وشهدت تدخلات المال والبلطجة، وشراء الأصوات.




وبعد نجاح مبارك فى الانتخابات فى 2005 ازداد تضخم أعداد رجال الأعمال حول جمال مبارك، وبالطبع كان هؤلاء الذين ساهموا فى تمويل حملة مبارك الرئاسية، ومن دفعوا لتمويل انتخابات الحزب الوطنى ينتظرون الحصول على ثمن ما دفعوه. وأصبح جمال مبارك هو مصدر المعلومات الرئيسى لوالده وكان يقدم رجال الأعمال لمبارك على أنهم أصحاب فكر جديد وأنهم يريدون تخليص البلد من الفكر الاشتراكى القديم، وكانت سوزان مبارك تشجع جمال وتزكى أفكاره، وتقول لمبارك إنه حتى لو بقى مبارك فإن الأفكار الجديدة من شأنها أن تفيده فى التخلص من مشكلات الاقتصاد، ولو فكر مبارك فى الترشح والاستمرار بالحكم. كانت سوزان تسعى لأن يتولى جمال الحكم ووالده على قيد الحياة، لمعرفتها بأنه لو توفى بدون نقل السلطة لجمال فإن فرصة ابنها سوف تضيع للأبد.
وبالفعل تطور نفوذ جمال فقد قام بتشكيل حكومة أحمد نظيف الثانية بنفسه، وقام بضم ثمانية من أصدقائه رجال الأعمال لهذه الحكومة، ورضخ مبارك بالكامل لاختيارات ابنه.
ويقول ستيفن كوك الخبير الاستراتيجى الأمريكى، والذى كلفه مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى بوضع تقرير عن التطورات الديمقراطية فى العالم العربى، لقد سعى جمال مبارك فى السنوات الأخيرة من حكم والده إلى ترسيخ دوره كسياسى أكثر من دوره كرجل أعمال يتشبه بالأمريكان فى حديثه وسياساته، وكان العائق هو ما كان ينشر فى الصحف المعارضة، وعلى شبكات التواصل، وأيضا شائعات وحقائق عن قصص الفساد المرتبطة به وبرجال الأعمال حوله وخاله اللواء منير ثابت.




وقدرت بعض المصادر الغربية حجم ثروة جمال من استثماراته بحوالى 100 مليون دولار، وكانت هناك حكايات عن دوره المجهول فى صفقات التليفون المحمول مع الشركة موبينيل، وتوكيل سيارات بى إم دبليو. والبورصة والتلاعب فيها والاتجار فى المعلومات الاقتصادية قبل صدورها وكانت تساوى الكثير. لكن الكثير من هذه التقارير ظل فى سياقات الكلام، ورأى البعض أن جمال إما كان حويطا مثل والده أو أنه لم يكن يشارك فى كل هذا الفساد، والتحليل الثالث أن جمال كان يدخل شريكا من دون أوراق، وهو ما يجعل من الصعب تتبع ثروته، خاصة أنه كان هناك اسم حسين سالم صديق مبارك وشريكه فى الكثير من الصفقات، والذى اعترف بأن الفيلات والقصور الخاصة بمبارك وأولاده اشتروها منه وسددوا ثمنها «كاش» وبأقساط. وهو ما ينفى الجريمة، أما ثروة حسين سالم نفسها فقد تجاوزت فى بعض التقديرات العشرة مليارات بينما قال حسين سالم إنها ثلاثة مليارات وعرض التنازل عن نصفها للتصالح بعد ثورة يناير.
المهم أن مفاتيح كثيرة لثروة مبارك وأسرته لدى حسين سالم، رجل المخابرات الذى يدين بالولاء لمبارك وأسرته وشريكه فى صفقات نقل السلاح وغيرها من الصفقات وأيضا الغاز وتصديره لإسرائيل وإسبانيا.
وكان الحزب الوطنى يستعد لعملية تصعيد لجمال مبارك، وتغييرات لاستبعاد الحرس القديم، كانت الصورة واضحة، مبارك هو الذى فاز فى الانتخابات الرئاسة لكن جمال هو الذى يحكم فى الحزب الوطنى والحكومة. وهى صيغة بدت واضحة من شهادات كثيرة تداولها مقربون من مبارك، فقد كان مبارك مشغولا بتقوية حراسته وأمنه، والاطمئنان على صحته التى بدأت تتدهور بحكم السن، بعد الجراحة فى الظهر، وقبلها السقوط فى مجلس الشعب، وبعض الأعراض الأخرى. وكانت نصائح الأطباء ألا يثقلوا على الرئيس، وأن يأخذ وقتا للراحة، وبالفعل طالت فترات بقاء مبارك فى شرم الشيخ، وكان جمال ولجنة السياسات يتصدرون الصورة، بينما يتراجع دور مبارك.










◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 26..مبارك وأسرار الاغتيال فى أديس أبابا..8 محاولات اغتيال وخطف تعرض لها مبارك.. أخطرها تلغيم مطار «برانى» ونسف كوبرى «الفردوس»



◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 27.. مبارك وعمر سليمان والبحث عن الرجل الثانى.. جهاز المخابرات لعب دوراً مهماً فى مكافحة الإرهاب وأصبح عمر سليمان فى مقدمة الصفوف والمرشح لخلافة مبارك



◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 28..مبارك والجنزورى..الجنزورى جاء ونصف وزراء الحكومة يكرهونه ودخل فى مواجهات مع زكريا عزمى ويوسف بطرس وصفوت الشريف




مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 30..مبارك والبابا شنودة.. أسرار السياسة فى الكنيسة..مقتل 29 مسيحياً فى الكشح كان أحد أسباب التوتر مع الكنيسة وطلب مبارك من البابا تهدئة أقباط المهجر




مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 32.. مبارك وجورج بوش والفرص الضائعة..نجا مبارك من حرب الخليج الأولى والثانية وأصر على التلاعب بمطالب الأمريكان بين التغيير والهروب

للاطلاع على المزيد من حلقات مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" أضغط هنا





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة