أكد المحلل الإسرائيلى إيلى أفيدار أن قطر ما زالت خاضعة تحت الحماية والرعاية الأمريكية، مشيراً إلى أن العلاقات القطرية الأمريكية تقف خلفها مصالح اقتصادية وعسكرية فريدة من نوعها، موضحاً أن قطر أقامت أيضاً علاقات مع إسرائيل ومكنت تل أبيب من إقامة مكتب تمثيلى فى العاصمة الدوحة، ومولت إنشاء القاعدة الأمريكية "العديد"، غربى الدوحة، بمبلغ خيالى من مليارات الدولارات لتصبح هذه هى القاعدة الأمريكية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة التى لم يموّل الأمريكيّون إنشاءها.
وقال "أفيدار"، فى تحليله الذى نشره موقع "المصدر" الإسرائيلى، دون أن ينتبه أحد، تحوّلت الإمارة العاشقة لكرة القدم إلى العاصمة الإسلامية المتطرّفة، والتى تموّل "حماس" و"طالبان" وتدعم استمرار الحرب فى الجولة الحالية، وكل ذلك يجرى تحت رعاية الإدارة فى واشنطن التى إنْ لم تستيقظ فى الوقت، ستفقد كلّ موطئ قدم فى الشرق الأوسط، فى ظلّ الأحداث القاسية، حدثت حادث غير دبلوماسى بشكل جلى، وتحديدًا حين وصل أبو مازن والأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، إلى الدوحة لتعزيز جهود وقف إطلاق النار، قال مسئول قطرى كبير لوكالة الأنباء رويترز، إنّ الإمارة "لن تضغط على حماس" لتخفّف من مطالبها وتوافق على وقف إطلاق النار.
كان هذا التصريح، الذى أوضح عدم اهتمام قطر بوقف القتال، مجرّد تعبير آخر للمكانة الجديدة للإمارة، كإحدى الجهات المتطرّفة والمحرّضة فى الشرق الأوسط، تعتبر قطر اليوم المحرّك لعدم الاستقرار فى المنطقة، سواء كان ذلك بواسطة الملايين التى تصبّها على المجموعات المتطرّفة أو بواسطة بثّ الجزيرة.
وأشار "أفيدار" إلى أنّ الأزمة الراهنة التى تدفع فيها قطر حماس لتعميق القتال، هى قمّة جبل الجليد فقط، وقال، "تحوّلت الدولة بقيادة الأمير تميم بن حمد آل ثان، التى كانت يومًا معتدلة ووجهتها للغرب، إلى قنبلة موقوتة، أهمل آل ثان، الذى تولّى الحكم قبل عام فقط، سياسة التوازنات التى قادها والده، وهو يستثمر باسم الإسلام ثروة الإمارة الهائلة لتنمية جهات تسعى إلى إشعال الشرق الأوسط بأكمله"، مضيفا "إذا حكمنا من خلال أحداث الأسابيع الأخيرة، فإنّ خطّته تتقدّم بشكل جيّد، وثيقة تأمين أمريكية على خلفية الحرب فى غزة، وتقف إسرائيل أمام التحدّى القطرى، رغم ذلك، فلا تزال الإدارة الأمريكية نائمة، حيث تعمل إدارة أوباما منذ سنوات بخلاف الديناميكية الشرق أوسطية، وتراهن على اللاعبين الخطأ، تخون الحلفاء، وتتخلى عن رعاتها وتحمى عناصر مدمّرة".
وأكد "أفيدار"، أنه علينا أن نفهم بأنّ قطر واقعة تحت حماية ورعاية أمريكا، وتقف وراء هذه العلاقة الغريبة، كما هو الحال دومًا، مصالح اقتصادية وعسكرية فريدة من نوعها، وإنّ تاريخ الفصل الحالى فى العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وقطر يبدأ منذ عام 1995، حين أسقط الأمير حمد بن خليفة آل ثان والده وأمسك بحكم الإمارة، وسارع بن خليفة، الذى خشى من انقلاب مضاد تدعمه السعودية وسائر دول الخليج، إلى الأذرع الأمريكية، وأعلن لهم ولاءه المطلق ولم يعارض تدبيرين متطرّفين، قام بعلاقات مع إسرائيل ومكّننا من إقامة مكتب تمثيلى فى العاصمة الدوحة، وموّل إنشاء القاعدة الأمريكية "العديد"، غربى الدوحة، بمبلغ خيالى من مليارات الدولارات (هذه هى القاعدة الأمريكية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة التى لم يموّل الأمريكيّون إنشاءها).
وأضاف المحلل الإسرائيلى، "كان الوجود الأمريكى وبقى وثيقة التأمين للإدارة القطرية، كى لا يغزو جيرانها أراضيها ويسقطوا حكمها، حين ننظر إلى السلوك القطرى، علينا أن نتذكّر أنّ كلّ يوم يبقى فيه النظام فى الدولة، فهذا بفضل واشنطن، إلى جانب وثيقة التأمين العسكرية، اشترت قطر لنفسها سلاحًا هجوميًّا فريدًا ممثّلا بشبكة الجزيرة، وكانت الجزيرة مزيجًا من التطرّف الدينى، التحريض السياسى والمعايير الصحفية المشروعة، خصوصًا على نطاق العالم العربى، يكفى أن نشير إلى أنّه من أجل إنشاء الشبكة، اشترت قطر غالبية عمال الـ"بى بى سى" العربية، كى نفهم لماذا تعتبر الجزيرة جسمًا إعلاميًّا جادّا فى العديد من الدول الغربية، أمّا من لم يشتر أبدًا هذه الممارسة فهى دول الخليج، فهى تمنع حتى اليوم فتح بثّ شبكة الجزيرة للأخبار فى مجالها. ومؤخرًا، بدأت مصر أيضًا بتقييد نشاط الجزيرة، بل تمّ الحكم بالسجن على صحفيّين من الشبكة".
وأشار "إيلى أفيدار" إلى أنه "مقابل إنشاء الجزيرة وتوثيق الحلف العسكرى مع الولايات المتحدة، منح الأمير حمد بن خليفة للشركات الأمريكية عقود تطوير واستخراج للنفط والغاز، والتى رسّخت الدعم الأمريكى لنظامه، عُرفت قطر فى عهد حمد بـ"سياسة التوازنات"، العلاقات مع إسرائيل جنبًا إلى جنب مع دعم حماس، رعاية أمريكية مع علاقات بطالبان، عضوية فى مجلس التعاون الخليجى إلى جانب علاقات مع العدوّ رقم واحد: إيران، وجعل هذا النهج قطر واحدة من أبغض الدول على الزعماء العرب، كرهت مصر مبارك القيادة القطرية، ودعمت سوريا الأسد محاولة للانقلاب من قبل أنصار الأمير المخلوع، كانت الجزيرة ولا تزال من المؤيّدين الأكثر حماسة لحركة الإخوان المسلمين فى مصر، وليس من قبيل الصدفة أن يقيم الداعية السنّى المتطرّف، يوسف القرضاوى، فى قطر منذ الستينيات".
وأكمل إيلى أفيدار حديثه بالقول، "ساعد الدعم القطرى للهيئات والأنظمة المتطرّفة فى العالم الإسلامى الإدارة فى شرعنة العلاقات الوثيقة بالغرب فى أعين الجماهير العربية، وإلا فكيف يمكن تفسير الحقيقة القائلة إنّ مصر تُهاجم كلّ يوم بسبب علاقاتها المعقّدة مع واشنطن، بينما فى قطر يتجوّل الجنود الأمريكيون وأديرت من أراضيها حرب الخليج (ولا نريد أن نتحدّث عن المليارات من الأموال الإسلامية التى صُرفت لشراء كأس العالم، وعلى فرق كرة القدم الأوروبية) ومع ذلك، تعتبر القاهرة هى المتعاونة مع الولايات المتحدة وليس الدوحة.
ولكن قبل عام، صعد تميم بن حمد آل ثان إلى الحكم، ووضع حدّا للتوازنات، منذ ذلك الحين أصبح التوجه القطرى واحدًا، لا جدوى من التوازنات، وبخلاف والده، يعتبر تميم بن حمد آل ثان مسلمًا متديّنا. يعتبره معارفه أنفسهم متطرّفا. قضى فترة شبابه فى أسفار بأنحاء أفريقيا، والتى سعى من خلالها إلى دعوة سكان القارّة الوثنيّين للإسلام. المرجعية الدينية الرئيسية فى حياته هى الشيخ المتطرّف القرضاوى، وبتأثير من القرضاوى، لا يرى آل ثان جدوى كبيرة من التوازنات، وهو داعم متحمّس للإخوان المسلمين، لحماس، ومستعدّ للمواجهة مع مصر، حيث إنّ الأخيرة تمنع نقل الأموال من قطر إلى القطاع. فى الأيام التى تقطع قطر أيضًا المحادثات مع حماس بسبب دعمها للمعارضة السورية، بقيتْ قطر هى المموّل الوحيد لحماس، والتى تقيم قيادتها فى الدوحة. إنّ المساعدة القطرية لغزة غير مخصّصة لبناء البنى التحتية أو الأنظمة التعليمية، وإنما لتمويل متطلّبات الإرهاب الكبيرة".
وأشار إيلى أفيدار إلى أن إسرائيل تشعر الآن بخطيئة إدخال كمّيات كبيرة من الأسمنت إلى القطاع، والتى من المفترض أنّها طُلبت لتنمية وإعادة إعمار غزة، وفى الواقع تمّ استخدامها لتعزيز أنفاق حماس الهجومية، تعتبر قطر أيضًا المصدر الرئيسى لرواتب وميزانية عتاد الجناح العسكرى لحركة حماس، وقال "ولنفهم إلى أيّة درجة أدّت قطر إلى تطرّف مواقف حماس، يكفى أن ندرس سلوك الممثّل الإيرانى فى غزة؛ الجهاد الإسلامى. تحوّلت حركة الجهاد الإسلامى، التى اعتُبرت فى الماضى تنظيمًا أكثر تطرّفا، إلى الشخص الراشد المسؤول تقريبًا فى غزة، والذى يقدّم مواقف أكثر براغماتية من حماس ويقبل الوساطة المصرية. بل قال زعيم الجهاد الإسلامى علنًا، إنّ على مصر أنّ تقود الجهود للتوصّل إلى وقف إطلاق النار، ولكن تعترض حماس، بإيحاء من قطر، والذى يسمح بهذا التطرّف هو الولايات المتحدة. ما زالت قطر مرتبطة بوثيقة التأمين الأمريكية، ولكن الولايات المتحدة تجد صعوبة فى استيعاب الاضطرابات فى الشرق الأوسط، بل وأكثر من ذلك، فإنّها تجد صعوبة فى الردّ عليها بشكل صحيح وفى الوقت المناسب ".
وأكمل إيلى أفيدار تحليله بقوله، "النتيجة هى تآكل مستمرّ فى الوضع الأمريكى، وسعتْ أمريكا، التى فقدت المرتكز المصرى، إلى أن تكون ذات صلة فى الأزمة الحالية، ولكنّ لا أحد - خصوصًا حماس - يحتاج خدماتها، يقع وقف إطلاق النار فى الملعب المصرى، وليس فى الدوحة ولا فى أنقرة. وفى الوقت الراهن يبدو أنّ السيسى لا يرغب بالتدخّل الأمريكى فى الأزمة، حتى لو وصل كيرى فى النهاية إلى المنطقة، ويمكننا أن نرى فى ذلك جزءًا من عملية إعادة التأهيل التى تمرّرها واشنطن منذ الإطاحة بمرسى، إذا كانت الولايات المتحدة تريد استعادة مكانتها فى المنطقة من جديد، فيجب أن تكون الخطوة الأولى هى حلّ المشكلة القطرية، آن الأوان لوضع عقود النفط والغاز جانبًا (هناك بدائل للقاعدة العسكرية).
وأنهى إيلى أفيدار تحليله بقوله، "إنّ قطر ليست الإمارة اللطيفة التى اشترت باريس سان جيرمان أو قميص برشلونة، وإنما عاصمة الإرهاب والتخريب، الدوحة هى المحرّك للهجمات على حلفاء الولايات المتحدة الحقيقيين فى المنطقة، وأعلنت كلّ من السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة والبحرين عن قطر كدولة تهدّد أمنها".
محلل إسرائيلى: قطر خضعت للحماية والرعاية الأمريكية لمواجهة السعودية.. الإمارة الخليجية مكنت "تل أبيب" من إقامة مكتب تمثيلى فى الدوحة.. ومولت إنشاء القاعدة الأمريكية "العديد" بهدف حماية "آل ثان"
الخميس، 24 يوليو 2014 07:24 م