قال ستيفن كوك، الزميل البارز وخبير شئون الشرق الأوسط فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، إن مصر لم تكن أبدا وسيطا فعالا بين إسرائيل وفلسطين، إذ أن هذه الصورة التى تأسست لدى الساسة الأمريكيين هى مجرد أسطورة أرساها وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر من منطلق إعجابه بالرئيس الراحل أنور السادات.
وأشار كوك، فى مقاله بمجلة فورين بوليسى منتقدا الدور المصرى، أنه على الرغم من التغييرات الجذرية التى شهدتها مصر منذ سقوط حسنى مبارك، فإن القاهرة لا تزال تنظر إلى غزة بنفس الطريقة التى تعود لعقود ماضية، لافتا إلى أن المصريين يرغبون فى إبقاء الفلسطينيين، وخاصة حركة حماس، فى صندوق، منعا للصراعات التى من شأنها أن تزعزع الاستقرار فى شبه جزيرة سيناء وضمان أن يبقى قطاع غزة مسئولية إسرائيلية واستبعاد غيرهم من اللاعبين الإقليميين من لعب دورا فى غزة.
ويمضى بالقول إن الهجمات الإسرائيلية عامى 2009 و2012، انتهت بنفس الطريقة، فبعد عدة أسابيع من القتال توصلت المخابرات المصرية العامة، بالتنسيق مع نظرائها فى أمريكا وإسرائيل، إلى اتفاق أسفر عن توقف العنف.
ويبرر كوك رفض حماس للوساطة المصرية هذه المرة، قائلا إن قادة الحركة الإسلامية ليسوا ساذجين، فإنهم يعلمون أن المصريين بالكاد ما يأخذون مصالح الحركة فى الحسبان، لذا فإنهم يقاومون منح انتصار للقاهرة، ومع ذلك فإنه عندما يأتى وقت التوصل إلى اتفاق، فإنهم لا يتمكنون من الصمود فى وجه تجمع العسكرية الإسرائيلية مع الضغوط السياسية المصرية.
ويذهب كوك إلى فكرة مضللة بأن استمرار القتال بين إسرائيل وحماس حتى الآن، ربما ليس بسبب تعنت الحركة الإسلامية مع الرئيس عبد الفتاح السيسى أو تراجع مكانة مصر ولكن لأن القتال يخدم مصالح المصريين، موضحا أن السيسى يسعى لضرب عصفورين بحجر واحد، فاستمرار القتال يخدم المصالح السياسية من ناحية، حيث يضعف حماس دون أى تكلفة على مصر إذ يتكبد الجيش الإسرائيلى الثمن، ومن ناحية أخرى فإنه ضعف حماس والجماعات المسلحة فى القطاع يخدم أهداف أوسع من خلال تحسين الأمن فى سيناء ويقلل من دور الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى.
وبعبارة أخرى، يقول المحلل الأمريكى، إن السيسى يسعى لإنجاز، دون وقف إطلاق النار، حققه مبارك ومرسى مع وقف الأعمال العدائية. ومع ذلك فإن المشاعر المعادية لحماس، التى تمثل فرعا من جماعة الإخوان المسلمين، بين المسئولين المصريين، لا تقلل من التضامن الكبير مع الفلسطينيين. مشيرا أنه ربما يكره المصريون الإخوان، لكنهم بالطبع يكرهون إسرائيل أكثر كثيرا.
ويقول كوك إن تركيا وقطر حاولت إخراج حماس من الكماشة المصرية الإسرائيلية من خلال تقديم الدعم الكافى للحركة الإسلامية لمواصلة القتال، ومع ذلك لا يمكن للأتراك أو القطريين أن يكونوا وسطاء فاعلين فى التوصل لاتفاق. ويشير أن خطاب رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان الساخن بشأن العنف فى غزة يبدو موجه للداخل. إذ أنه من المهم لدائرته الانتخابية الاعتقاد بأن رئيس وزرائهم هو "ملك الشارع العربى"، حتى لو كانت أنقرة قد فقدت بالفعل بريقها الإقليمى.
ويخلص كوك بالقول إن مصر وإسرائيل لن تسمح لأردوغان بلعب دور الوسيط وكذلك الوضع بالنسبة لقطر، التى يعتبرها المصريون دولة مارقة بسبب دعمها للإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة فى أنحاء المنطقة. والسبب ببساطة هو أمن الحدود المصرية فى مواجهة بلدين لا تثق فيهم القاهرة بل تعتبرهم أعداء.
موضوعات متعلقة..
مساعدو كيرى: وزير الخارجية ربما يذهب إلى تركيا أو قطر خلال أيام
خبير بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية: المصريون يرغبون فى وضع حماس داخل صندوق منعا لزعزعة الاستقرار بسيناء.. والحركة رفضت الوساطة المصرية حتى لا تمنح القاهرة انتصارا
الأربعاء، 23 يوليو 2014 01:33 م