لفت نظرى تصريح لخبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، قال فيه إن علاقة مصر بأفريقيا بدأت منذ عام 1503 ق.م ، وأن تجسد فى رحلات قدماء المصريين إلى بلاد "بونت"، وهى فى رأى الكثير من الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى، وأشار إلى أدلة على المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين بعض قبائل نيجيريا وبين القبائل النيلوتية فى أعالى النيل وفى محور شمال أفريقيا وإن الملكة حتشبسوت، التى حكمت من عام 1503 إلى 1482 ق.م ، أرسلت فى العام السادس أو السابع من حكمها خمس سفن ضخمة إلى بلاد بونت أرض البخور لإحضار منتجات تلك البلاد إلى مصر تحت قيادة القائد نحسى، وقد بدأت رحلتها من أحد موانئ البحر الأحمر قرب وادى الجاسوس بالصحراء الشرقية وشملت رحلاتها دراسة ثروات بلاد بونت.
ومن هذا التصريح اللطيف نكتشف مدى اهتمام المصريين القدماء بأفريقيا وكيف أنهم كانوا يتواصلون مع الأفارقة ويبحثون عن فرص الاستثمار والتجارة فى أراضيها وهو الأمر الذى تبحث عنه مصر اليوم للخروج من كبوتها الاقتصادية فما بين مصر وقارة أفريقيا علاقات تاريخية وطيدة، فمصر هى إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية فى مايو 1963 وهى من استضافت أول قمة أفريقية، على أرضها فى يوليو 1964، وكان لها دور كبير وصوت مسموع فى كل القضايا الأفريقية.. وشاركت مصر مع الزعماء الأفارقة فى إصدار "إعلان سرت" الذى دشن إقامة الاتحاد الأفريقى ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية.
وأسهم الدور المصرى فى دعم حركات التحرير إلى استقلال الدول الأفريقية من الاحتلال، وكانت مصر من الدول الرائدة فى العمل الأفريقى المشترك، حيث استضافت أول قمة أفريقية فى القاهرة فى عام ١٩٦٤، والتى شهدت إطلاق منظمة الوحدة الأفريقية .
وركزت مصر فى سياستها على تنمية القارة واحتواء الصراعات بين السنغال وموريتانيا عام ١٩٩٢واستقلال ناميبيا عام ١٩٩٠، وإطلاق سراح الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا عام ١٩٩٠، كما قامت مصر بدور رائد فى إطار المنظمات مثل تجمع الكوميسا لدول شرق وجنوب أفريقيا على الرغم من تراجع قوة مصر فيها اقتصاديا وتجاريا بعد ذلك.
وأفادت دراسة للمركز الدولى للدراسات المستقبلية والإستراتيجية أن المجالات الإنسانية أهم جوانب التعاون بين مصر فى أفريقيا، حيث قدمت المساعدات الطبية ومواد الإغاثة والغذاء من قبل الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا التابع لوزارة الخارجية، والذى تأسس عام ١٩٨٠ وبلغت مساهماته ١.٥مليار جنيه .
ورغم كل هذا التاريخ الحافل للعلاقات المصرية الأفريقية إلا أن الدور المصرى فى القارة بدأ يواجه مشكلات، فضلا عن تراجعه وعدم إمكانيته لمواجهة التحديات حيث مثلت أفريقيا انتكاسة للسياسة المصرية لسنوات طويلة.
ومن أهم أسباب تراجع التأثير المصرى فى أفريقيا هو تعاظم الدور الإسرائيلى وأنشطة الموساد التى عملت على تخريب العلاقات المصرية الأفريقية وتمثل ذلك فى أزمة مياه النيل.. كما أن هناك دولا عربية وأفريقية أخرى لعبت دورا للتأثير على سياسة مصر فى أفريقيا.
وتتهم بعض الدول الأفريقية مصر بإهمال أفريقيا خلال السنوات الماضية لصالح العرب والغرب.
وأخيرا يمكننا ألا نبكى على اللبن المسكوب.. وأن نبدأ من جديد لتنشيط العلاقات التاريخية مع القارة السمراء مستخدمين كل الوسائل المتاحة لذلك حيث أفاد تقرير نشر فى العاصمة النيجيرية أبوجا مؤخرا أن نيجيريا وجنوب أفريقيا وموزمبيق ومصر هى أكبر الدول الأفريقية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القارة الأفريقية، رغم التحديات الأمنية التى تواجهها بعض هذه الدول وبالتالى لدينا مراكز بالقارة قادرة على استقبال الاستثمارات الأجنبية وعلينا التنسيق فيما بينها والبحث عن التكامل الاقتصادى بين هذه الدول وبناء شبكة من الموانئ والطرق والمطارات بين دول القارة لتسهيل الاستثمارات ونقل خبرات التنمية.
أبوبكر الديب يكتب: "الملكة حتشبسوت" أول "مستثمرة" بأفريقيا
الأربعاء، 02 يوليو 2014 08:07 ص