نحن الآن فى ثالث أيام مؤتمر القمة الإفريقية مثل هذا اليوم "19 يوليو 1964"، وكانت فعاليته قد بدأت يوم 17 يوليو فى القاهرة.
اقترح الرئيس جمال عبد الناصر أن تكون العاصمة الإثيوبية "أديس أبابا" مقرا دائما لمنظمة الوحدة الإفريقية، ولم يقترح "القاهرة" بالرغم من أن نفوذ مصر فى إفريقيا وقتئذ يؤهلها لذلك، غير أنه اقتراحه جاء كما يقول الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه "سنوات الغليان، لاعتبارات مصرية خالصة تتعلق بالعلاقة مع إثيوبيا، لإيمانه الدائم أن مصر عليها مراعاة مشاعر أديس أبابا إلى أقصى حد ممكن فى إطار سياستها المائية، ولأجل ذلك جاء اقتراحه بـ"أديس أبابا" مقرا للمنظمة الوليدة، ويضيف هيكل، أنه بصرف النظر عن اعتراضات بعض الزعماء الأفارقة الجدد على شخص الإمبراطور هيلاسلاسى حاكم إثيوبيا، الذى يبدو وكأنه شخصية منتزعة من قلب أساطير القرون الوسطى، فإن جمال عبد الناصر كان يؤمن بأن أحدا لا يحق له أن ينكر دوره فى الكفاح الإفريقى، كما أن مصر عليها أن تجامله إلى آخر الحدود، حتى وإن كان حكمه الإقطاعى نقيضا مع أفكار ودعوات مصر الثورية.
كان الموقف من إسرائيل من أهم الصعوبات التى واجهت "عبد الناصر" مع الزعماء الأفارقة خلال هذا المؤتمر، وحسب مذكرات " محمود رياض- الجزء الثالث" وكان وزيرا للخارجية وقتئذ، فإن الدعاية الإسرائيلية السوداء فى إفريقيا، كانت تزعم أن إسرائيل حصلت على استقلالها بعد كفاح مرير ضد الاستعمار البريطانى الذى كان يحتل أراضيها، وأنها تتعرض حاليا لتهديد الدول العربية بالقضاء عليها ولاستيلاء على أراضيها.
أمام تأثر قادة إفريقيا بهذه الدعاية الإسرائيلية، تحدث عبد الناصر بأن مشكلة إسرائيل هى مشكلة حساسة، ومبعث الحساسية فيها أن هناك عددا من زملائنا وأصدقائنا يتصورون أننا نلح على خطر إسرائيل من تأثير صراعنا كعرب معها، وأننا نريد توريط إفريقيا فى مشاكلنا الإقليمية، ونحن نختلف مع هذه النظرة، فحين نثير قضية إسرائيل أمام إفريقيا، فنحن نفعل ذلك من يقيننا، بأن إسرائيل من نفس الطينة العنصرية التى وجدت فيها جنوب إفريقيا (كانت وقتئذ تحت حكم التمييز العنصرى).
وأضاف عبد الناصر: "أعددنا تقريرا مفصلا عن مجالات التعاون بين إسرائيل وجنوب إفريقيا، وهى مجالات تمتد من تجارة العبيد الآثمة، وحتى ميدان التعاون النووى المشبوه"، وواصل عبد الناصر: "من جانبنا نحن لا ننوى أن نطرح عليكم اتخاذ أى قرارات فيما يتعلق بإفريقيا، ونؤثر أن تجىء أى اقتراحات بهذا الصدد من أفارقة غير عرب، إذ هم اقتنعوا بمحض إرادتهم بأن إسرائيل خطر على إفريقيا بمقدار ما هى خطر على العرب.
وحسب "مذكرات محمود رياض": "كانت هذه أول مرة يستمع فيها غالبية الرؤساء لوجهة النظر العربية من رئيس عربى، يكنون له كل تقدير لمساندة حركات التحرر الإفريقية، وهو ما عبر عنه الرئيس "باندا"، رئيس مالاوى فى نهاية الاجتماعات عندما تحدث عن دور عبد الناصر فى تحرير إفريقيا والمساعدات التى قدمها إلى مالاوى قبل استقلالها.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 يوليو 1964.. عبد الناصر يختار "أديس أبابا" مقرا لمنظمة الوحدة الإفريقية لاعتبارات مياه النيل.. ويقنع "الأفارقة" بخطر إسرائيل
السبت، 19 يوليو 2014 08:40 ص
جمال عبد الناصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة