«قدرهم أن يعيشوا محاطين بمياه الصرف الصحى التى لا تكتفى فقط بأن تزكم أنوفهم بسبب رائحتها الكريهة ولكنها أيضا تروى محاصيلهم الزراعية فتكون النتيجة أن يحتل هؤلاء البسطاء أرقاما جديدة فى قائمة مرضى الفشل الكلوى فى مصر بسبب المياه الملوثة».. هذا هو حال أهالى قرى كفر حكيم وناهيا وبرك الخيام والمعتمدية الذين يعتمدون على مياه مصرف ناهيا لرى الأفدنة الواقعة على جانبيه بطول 15 كيلو مترا، وعلى الرغم من تخصيص محطة «زنين» لمعالجة مياه الصرف الصحى فى تلك القرى للتقليل من الأضرار التى تلحق بالأهالى إلا أن تلك المحطة لا تقوم بمعالجة المياه بشكل كامل كما تنص الاشتراطات القياسية المصرية بشأن معالجة مياه الصرف الصحى.
المحطة نشأت فى 1990 وتنقل ملوثاتها لنهر النيل مباشرة:
فى عام 1990 أدخلت شركة الصرف الصحى للقاهرة الكبرى، الخدمة فى محطة «زنين» الواقعة بمنطقة بولاق الدكرور والمخصص لها معالجة مياه الصرف الصحى لإعادة استغلالها وطرحها بالمسطحات المائية، وبالفعل تم تصميم المحطة بحيث تعالج بشكل ثانوى ما يقرب من 330 ألف متر مكعب فى اليوم تصب جميعا فى مصرف ناهيا ومنه إلى مصرفى المحيط والرهاوى لتستقر المياه المعالجة بعد ذلك بفرع رشيد من نهر النيل. ولكن تلك المعالجة الثانوية لا تجعل المياه صالحة لرى الأراضى الزراعية عكس ما يحدث الآن. «على الرغم من أن المحطة تقوم بمعالجة المياه بشكل جزئى إلا أن تلك المياه المعالجة تلقى بمصرف ناهيا الملىء بالملوثات التى تنقل بشكل مباشر إلى نهر النيل، وهذه هى المفارقة» بهذه الكلمات بدأ المهندس ياسر ربيعى الباحث فى شؤون معالجة المياه حديثه منتقدا الوضع الذى توجد عليه محطة زنين الآن قائلا: من الغريب أن نخصص محطة لمعالجة مياه الصرف الصحى، وبعد ذلك نلقى مياهها المعالجة فى مصرف ملوث وكأننا لم نفعل شيئا، وعلى الرغم من أننى أبلغت المسؤولين فى الشركة عن هذا الخطأ فى التصميم من وجهة نظرى، ولكن دون جدوى. ويشير لصحة هذا الطرح التقرير الصادر عن الإدارة العامة لصرف الجيزة و6 أكتوبر لوزارة البيئة، والذى أثبت بعد تحليل عينات لرصد نوعية المياه بمحطات معالجة الصرف الصحى بعدة محطات من بينهما «زنين» عدم مطابقة هذه المحطات للقانون 48 لسنة 82، فى كل من الأكسجين الكيميائى المستهلك، والفينولات، ومجموع المواد الصلبة العالقة والذائبة.
بعد 4 سنوات.. تحليل مياه المحطة يثبت استمرار الأزمة:
وحدد القانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل المعايير والمواصفات الخاصة بالمخلفات السائلة عند تصريفها فى البيئة البحرية، بحيث تحتوى على نسب معينة من العناصر المعدنية، والتى إن زادت على الحد المسموح به تشكل خطورة على صحة الإنسان، وهذا ما يحدث مع مياه محطة زنين، كما يقول ياسر ربيعى، والذى أجرى تحليلا لعينة من مياه المحطة بعد المعالجة وقبل مرحلة صبها فى مصرف ناهيا، حيث كشفت نتائج تحليل العينة الصادرة عن المركز القومى للبحوث عن عدم مطابقة المياه المعالجة للاشتراطات المصرية القياسية قبل طرحها فى المسطحات المائية، وذلك لأنها تحتوى على 70 مستعمرة بكتيريا القولون العصوية القصيرة لكل لتر، إضافة إلى 500 مستعمرة من الفطريات و2000 مستعمرة بكتيريا لكل لتر، وتصل نسبة الأكسجين الحيوى فيها إلى 150 جزءا فى المليون ونظيره الكيميائى 290. ومن جانبه نفى المهندس حنفى محمد حنفى، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة، ما ذكرته نتائج تحليل العينة قائلا: محطة زنين من أكبر المحطات فى المحافظة وأكثرها مطابقة لمعايير الكود المصرى، ومن المستحيل أن نجد فيها أى نسبة بكتيريا أو ميكروبات، لأن المياه المعالجة يتم حقنها بالكلور لتطهيرها، ويضيف: تم إنشاء هذه المحطة قبل أن تزدحم المنطقة وتتكدس بهذا الكم من السكان، أو تم تصميمها على أن تصب فى مصرف ناهيا، وتم تأسيس هذه المحطة ذات المعالجة الثانوية، على أن تكون مطابقة للمعايير، بحيث لا تزيد نسبة الأكسجين الحيوى BOD على 30 جزءا فى المليون، وألا يزيد نظيره الكيميائى على 40 جزءا فى المليون.
التحليلات تكشف: بكتيريا وفطريات فى محطة «زنين» للمياه.. تقرير وزارة البيئة يثبت عدم مطابقتها للمواصفات.. ورئيس شركة المياه والصرف الصحى ينفى نتائج التحليلات
الخميس، 17 يوليو 2014 03:27 م