إن الفترة العصيبة التى تمر بها مصرنا الحبيبة الغالية قلب الإسلام الوسطى الحضارى ونبض العروبة، لا تتحمل أى أخطاء أو تأخر، وليس أمامنا سوى خيار واحد، وهو أن ينهض العملاق النائم من سباته ليقود قاطرة العروبة، ويحافظ على صورة وجوهر الإسلام الوسطى الحضارى ويسترد مكانتنا بين الأمم.
لأن أى خيار آخر لن يكلفنا تكلفة الفرصة البديلة، ولكن تكلفة الفرصة الأخيرة التى سندفعها الآن وسيدفعها أبناؤنا فى المستقبل القريب.
بعد ما حدث للعراق وسوريا أصبحت مصر وحيدة فى الميدان، تقف على خط المواجهة المباشر أمام أقوى ثلاث قوى إقليمية فى الشرق الأوسط، إيران وتركيا وإسرائيل.
والثلاثة يريدون أن يبنوا إمبراطورياتهم على أنقاض الدولة المصرية، فمصر تمثل لجميعهم العدو الأول، هى المنافس الوحيد والسد الذى يقف فى مواجهة مخططاتهم ضد الأمة العربية والإسلامية.
فإيران تسعى إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية والدولة الصفوية، وهى بذلك تجد فى العرب ندا قويا من الناحية القومية العرقية ومن الناحية الدينية، خاصة أنها تسعى إلى خلافة إسلامية شيعية، ومصر والعرب يمثلون عقبة فى وجه هذا الحلم، فهم المدافعون عن جوهر الإسلام الوسطى الحضارى السنى.
وتركيا تحلم باسترداد أمجاد عصر دولة الخلافة العثمانية، حين كانت تقود العالم الإسلامى، وهى بذلك تجد فى العرب ندا قويا لها، خاصة أن العرب هم الوريث الشرعى للخلافة الإسلامية، نظرا للتراث الحضارى والثقافى الذى يتمتع به العرب.
وإسرائيل تحلم باسترداد العصر الذهبى لبنى إسرائيل على أنقاض الامة العربية، لتصبح نجمة داوود شعارا للدولة الجديدة من دجلة للفرات، ولتكن البداية هولوكوست فلسطينى.
إن أسوأ وأخطر ما فى هذا المشهد هو إمكان الوصول إلى اتفاق بين هذه القوى على تلاقى المصالح وتقسيم الغنائم، هذا بالإضافة إلى وجود ملموس للموساد الإسرائيلى فى القارة السمراء وخاصة دول حوض النيل، وما يزيد المشهد تعقيدا هو الحروب على مصادر وموارد المياه والطاقة فى الشرق الأوسط، والأزمة الاقتصادية العالمية التى أصبح زلزالها يضرب قطاعات اقتصادية عملاقة ودول وهذه الضربات سريعة وواسعة النطاق، بدأت فى سوق الرهونات العقارية الأمريكية ثم ذهبت هزتها الارتدادية لتضرب بقوة دول واقتصاديات بعينها لم ينج منها أحد.
وعندما أقف قليلا لأفهم كيف نجت الولايات المتحدة من تسونامى السوق العقارى وهى راعية رأس المال المعولم والرأسمالية المتوحشة، أجد المفاجأة، لقد كسرت الولايات المتحدة أهم قوانيين السوق الحر سوق المنافسة الكاملة، وقامت بتأميم البنوك وشركات التأمين، أما بالنسبة لسعر الدولار فإن اتفاقها مع منظمة الأوبك على ربط النفط بالدولار حمى وول ستريت من الانهيار.
إن الولايات المتحدة بهذا الاتفاق ربطت سعر الدولار بأهم قطاعات الطاقة، وهو النفط والتى تتوقف عليه كافة الاقتصاديات العملاقة ومن ثم جعلت سعر الدولار مرتبط ارتباطا مباشرا بالاقتصاد العالمى، مما يجعل الأمر أشبه بلعبة الدومينو.
ولكن السؤال الآن هو كيف ستصمد اقتصاديتنا الوطنية فى مواجهة الاقتصاد الرأسمالى العالمى وأزماته التى تشبه كرة الثلج.
ولفهم أعمق لواقعنا المعاصر سنعود إلى الوراء عقدين من الزمان 1991 م ماذا حدث وماذا يعنى للعالم.
فى عام 1991م حدث حدث عظيم، حيث اختلت موازين القوى العالمية اختفاء أحد قطبى القوى العالمية انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتى معلنا بذلك انتهاء حقبة زمنية الحرب الباردة، وولادة عصر جديد عصر الإمبراطورية الأمريكية وتغيرت السياسة الأمريكية من كونها إحدى قطبى القوى العالمية إلى القوه الوحيدة المطلقة الوصية على العالم.
وتغيرت وجهتها من محاربة إمبراطورية الشر الاتحاد السوفيتى والشيوعية إلى محاربة الإسلام والأمة الإسلامية، وخلق سببية جديدة من أجل التدخل فى شئون الدول ونهب وسرقة ثرواتهم.
فهى الراعى الرسمى للحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان والمنوط بتطبيقها والوصية على الشعوب، لأن الشعوب لا تعرف مصلحتها.
ومع صعود مجموعة الصقور من المحافظين الجدد وسيطرتهم على مقاليد الأمور فى الإدارة الأمريكية أثناء ولاية بوش الابن ورغبتهم فى الهيمنة على العالم، واستخدام القوة المفرطة وتلاقى أهدافهم مع الصهيونية والماسونية العالمية وإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام وترسيخها فى الوجدان الأمريكى والمجتمع الدولى عن طريق وسائل الإعلام والميديا المختلفه وهوليود.
وكانت العراق أكبر ضحايا المخططات الصهيو أمريكية المتمثلة فى سرقة ونهب ثروات الشعوب العربية تحت مسمى الحرب على الإرهاب، وهى الراعى الرسمى للإرهاب، وإهدار حقوق الإنسان
العراق جرح فى الضمير العربى مازال ينزف.
ماذا حدث فى العراق قام الحرس الثورى الإيرانى بتصفية خيرة المقاتلين فى الجيش العراقى الذين شاركوا فى حرب الخليج الأولى ضد إيران، وسجلوا أعظم وأبسل ملاحم العروبة ضد الإمبراطورية الفارسية. بينما قام الموساد الإسرائيلى بتصفية خيرة علماء العرب والعراق وسرقة جميع أبحاثهم فى مختلف العلوم، بالاضافه إلى سرقة جميع الآثار والوثائق التاريخية التى تدين إسرائيل وحقها المزعوم فى إنشاء دولة من النيل للفرات.
بينما قام الجيش الأمريكى بتدمير العراق بتكلفة1.7تريليون دولار دفعت جميعها من أموال العرب وأموال العراق، ولكن اللافت للنظر أن الجيش الأمريكى لم يكن يدمر مواقع الجيش العراقى فقط، ولكنه قام بتدمير البنية التحتية للعراق، والتى دخلت بعد ذلك شركات أمريكية وأوروبية وإسرائيلة مناقصات بناء هذه القطاعات الاقتصاديه التى دمرتها القوات الأمريكية وحلفائها فى حلف شمال الأطلنطى.
وكان هناك اتفاق بين البنتاجون وشركات أمريكية وإسرائيلية، ينص على أن يقوم الجيش الأمريكى بتدمير العراق بأموال العرب، ثم سيتم بعد ذلك بناء العراق باموال العراق المنهوبة لصالح قطاعات اقتصادية أمريكية، ففى الخطوة الأولى خطوة التدمير ستنشط صناعة السلاح الأمريكية الذى سوف يضرب به العراق وفى الخطوة الثانية خطوة البناء ستنشط قطاعات عملاقة فى مختلف المجالات الحيوية، والأهم فى هذا المشهد الباكى هو أن العراق دمر ونحن العرب نشاهد عزيزى القارىء، أن كل ما حاولت ان أنشده من وراء هذا المقال هو بناء صورة كاملة لواقعنا حتى لا ننسى من نحن؟ وأين كنا وكيف أصبحنا؟ فى محاولة جريئة نحو طريق العودة حيث كنا فى مقدمة الأمم.
محمد نبيل محمد النسر يكتب: قراءة للمشهد عن قرب
الثلاثاء، 15 يوليو 2014 10:47 م
علم مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة