"موسم فوق الـ 18" هكذا وصف بعض أولياء الأمور الموسم الرمضانى لهذا العام، نسبة لتراجع المواد الكارتونية والبرامج التى تخاطب الطفل بشكل مباشر، وانتشار بعض الأعمال الدرامية التى تساهم فى نشر بعض الأفكار التى قد تؤثر على تكوين شخصية الطفل على نحو سلبى.
بعد أن كان رمضان "مراثون" لمثل هذه المواد الإعلامية التى تجذب الطفل، أصبح من النادر أن تجد برنامجا تعليميا أو كرتونيا على القنوات الأرضية أو الفضائية المختلفة يؤكد على هذا الدور التاهيلى للطفل، فى مقابل كم هائل من المسلسلات والأعمال الدرامية التى تبعد كل البعد عن ميول الطفل وتأهيله نفسيا على المستوى السلوكى والتعليمى، بل أحيانا ما تحمل بعض الرسائل التى قد تخرجه عن إطار التفكير الملائم لسنه وتجعله أكثر تخبطا بين العادات والسلوكيات التى تربى عليها والمناقضة تماما للتى يكتسبها من أبطال هذه الأعمال، بل والتى تثير تساؤلات بداخله قد تضع أولياء الأمور فى مواقف محرجة لا يجدون للرد عليها بالمنطق سبيلا.
"ابنى بقى يسألنى القتل حلال ولا حرام" هكذا بدأت حديثها "منال محمد" إحدى أولياء الأمور المستاءين من هبوط مستوى الدراما التلفزيونية هذا العام، لما تحمله من عنف غير مبرر قد يؤثر سلبيا على تكوين شخصيا الطفل، واصفة هذا الموسم بموسم فوق الـ 18 " المسلسلات السنة دى بتقدم كمية دم مش لقيلها سبب من قتل وضرب وخطف، ومش مراعين أن فى فئات عمرية مختلفة بتتفرج على التلفزيون، واللى الأطفال جزء عريض منها وبيتأثروا بها وبأبطالها بشكل كبير.
مضيفة: يعنى أنا لما ابنى يسألنى هو امتى القتل بيبقى صح وامتى يبقى غلط، مطلوب منى أرد أقول ايه؟ وطبعا تعبت من كتر تبرير أفعال أبطال المسلسلات لابنى، فى الوقت اللى حتى مش لاقية ولا مسلسل كرتون يقدم له النصايح والإرشادات الايجابية زى ما إحنا وأجيال غيرنا أتربينا عليها.
فى حين يقول الطفل "مازن طارق" 12 سنة: حاجات كتير كنت بتعلمها من ماما وبابا والمدرسين وكانت المسلسلات الكرتونية بتاكدلى عليها زى الصدق والخير والبعد عن العنف والشتيمة، لكن كل ما بتفرج على المسلسلات بتلغبط بشوف إن البطل بيكدب وبيسرق وساعات بيقتل فـ ماببقاش عارف يمكن الأفعال دى ساعات بتكون صح وساعات بتكون غلط حسب الموقف.
مضيفا " يعنى انا لو مثلا بابا مبقاش معاه فلوس ممكن أسرق عادى، ولو اتزنقت فى موقف ممكن أكذب؟، ولو حد أذانى ممكن اقتله علشان أخلص من شره وكده أبقى عملت حاجة كويسة وخلصت الناس من واحد شرير؟.
كما طرحت الطفلة "رنا مجاهد" 13 سنة بكل براءة قضية أخلاقية هامة وفكرة ظهور معظم بطلات المسلسلات هذا العام يتسمن بسلوكيات تخرج عن إطار العادات والتقاليد التى تربى عليها الفتيات المصريات منذ نعومة أظافرهن، وتأثر الأطفال بها فى ظل تراجع المواد الإعلامية الموجهة لهم والتى بإمكانها التصحيح من هذا الطرح المقدم فى الدراما".
ماما دايما كانت بتقولى إن البنت عيب تتكلم مع ولد لو مش فى حدود الصداقة أو الإخوة، وده فعلا كنت بشوفه فى الكرتون وبرامج الأطفال، لكن المسلسلات السنة دى كلها بشوف فيها إن عادى البنات تتكلم مع ولاد ويحبهم، ويخرجوا بالليل معاهم فى مواعيد متأخرة ويرقصوا ويشربوا، ومش كده وبس بشوف ستات كبار متجوزين وبيحبوا ولاد تنين غير أزواجهم، وبنات صغيرين مدمنات.
مضيفة "المشكلة مش فيه أنا ماما مفهمانى الصح من الغلط، لكن ليه صديقات مامتهم مش صحبتهم خالص وبيقعدوا يقولولى إن اللى بيجى فى التلفزيون ده هو الصح وإن كلامى وكلام مامتى قديم وراحت عليه.
بينما يشكو الطفل "محمد مجاهد" الذى يبلغ من العمر 10 عام، من ندرة المسلسلات الكرتونية هذا العام و التى إن وجدت تكون فى مواعيد لا تلائمه على حسب كلامه: كنت بستنى رمضان علشان أتفرج على كرتون كتير وأتعلم حاجات اكتر وكان بيبقى فى مواعيد زى على الفطار أو بعده فكنت ببقى مركز وبتمتع به، لكن رمضان السنة دى مش لاقى غير "سوبر هنيدى" أتفرج عليه وعلى قناة واحدة، وعلى الرغم من إنه حلو لكن بيتعرض الساعة 3 الظهر وأنا ببقى تعبان من الصيام وكتير مش بتفرج عليه أصلا.
وتعلق الدكتورة "شيماء عرفة" أخصائى الطب النفسى على هذه الظاهرة قائلة: القنوات الأرضية والفضائية تبحث وراء مكاسب شخصية وتخسرنا جيلا بأكمله، فنحن من نفقد للطفل براءته وطفولته قبل أوانها ثم نعود ونرجع المسؤولية عليه، فكما نعلم أن الميديا ووسائل الإعلام من أكثر العوامل التى تؤثر على تغير الفكر الجماعى والسلوكيات المجتمعية، وبما أن الطفل هو شريك وضلع أساسى بالمجتمع فهو بطبيعة الأمر يتأثر هو الآخر بنوعية المواد التلفزيونية المقدمة له.
مضيفة، وكان شهر رمضان فى الأعوام السابقة من أكثر المواسم التى تضخ بها القنوات الأرضية والفضائية البرامج التلفزيونية التى تخاطب هذه الشريحة، واشتهر به بعض الشخصيات الكرتونية كبكار وبوجى وطمطم وحديثا القبطان عزوز وسوبر هنيدى وغيرهم من الشخصيات التى أثرت فى أجيال كثيرة وحملت لها التعليمات والإرشادات التى من شأنها تعديل سلوكهم على المستوى النفسى والتعليمى بكل بساطة، بل وساهمت بشكل أو بآخر فى تشكيل شخصية الطفل والتأثير فى فطرته وطباعه المكتسبة.
متابعة": أما هذا الموسم فهناك تجاهل للطفل تماما فلا نجد سوى برنامج أو اثنين على الأكثر، وحتى مواعيدهم مهملة وبعيدة عن أوقات الذروة التى يقبل بها الناس على المشاهدة، فكان مسلسل مثل بكار أو سندباد يأتى بمجرد رفع الأذان مما كان يجذب الأطفال لمشاهدته أثناء الإفطار، أما الآن فنجد مثل هذه البرامج قبل الإفطار مباشرا أو فى الصباح الباكر فى أوقات "ميتة" كما يطلقون عليها مديرو القنوات الفضائية.
مضيفة": بينما استحوذت المسلسلات الموجة لشريحة عمرية غالبا ما تكون فوق18 بسبب القضايا المطروحة بها من خيانة وسلوك سىء للسيدات وتجارات غير مشروعة، فضلا عن العنف وظاهرة القتل المنتشرة بالمسلسلات دون مبرر درامى يستحق ذلك، على معظم الساعات الحية، وعلى الرغم من احتوائها على مواد تفوق تفكير الطفل إلا أنها شكلت عامل جذب كبير له وجعلته يقتحم عالما غير عالمه ويحلل الأمور بمنطقه البسيط بناء على عقله وتفكيره الذى قد يقوده لمحاكاة أبطال الأعمال الدرامية واتباع سلوكهم.
مستكملة: لذلك فإن تقدم هذه النوعيات من الدراما على حساب المواد الكرتونية إن أثر على الطفل فهو يؤثر بشكل سلبى، ويجعله أكثر اضطرابا وتأرجحا بين تعليمات الوالدين وبنى الرسائل الموجهة من قبل هذه الأعمال دون قصد، لذلك فإن المسؤولية هنا تقع على الأسرة فقطن طالما لم يراع الجهات المعنية ووزارة الإعلام هذه القضية، ولم يراع صناع الأعمال هذا الجمهور العريض من الأطفال، لذلك وجب على الوالدين التحكم فى نوعية المواد المقدمة للطفل، والابتعاد عن مشاهدتها أمام الطفل وإن حدث نبدأ فى التعليق على سلوكيات الأبطال بالشكل الذى يوضح الأمور لأطفالنا.
أزمة اختفاء برامج الأطفال فى رمضان مقابل ارتفاع نسبة الأعمال الدرامية.. نشر سلوكيات العنف غير المبرر تسير جدلا واسعا.. أطفال يشكون من التشتت بين التعاليم التى شبوا عليها وما تقدمه الدراما
الثلاثاء، 15 يوليو 2014 10:40 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة